اسماعيل ياشا - أخبار تركيا
قوات الأمن وأجهزة الاستخبارات التركية تمكنت بعد تحريات وجهود حثيثة من التوصل إلى حقيقة المدوِّن الذي يستخدم اسم “فؤاد عوني” في موقع التواصل الاجتماعي الشهير “تويتر” ويكشف العمليات الأمنية ضد رجال “الكيان الموازي” قبل موعدها، وقالت إنه الشرطي السابق والكاتب في صحيفة “طرف” التركية “أمره أوصلو”.
وفي المراسلات التي جرت بين “أوموت أوران”، أحد قادة حزب الشعب الجمهوري المعارض وبين المدون المدعو “فؤاد عوني” في موقع “تويتر” عبر الرسائل الخاصة، يذكر هذا الأخير أن لدى “فتح الله كولن”، زعيم جماعة كولن، أشرطة فيديو تحتوي فضائح جنسية تعود لــ45 سياسيا من حزب الشعب الجمهوري بينهم رئيس الحزب كمال كلتشدار أوغلو.
حزب الشعب الجمهوري تحالف في الانتخابات الرئاسية والمحلية مع جماعة كولن ضد حزب العدالة والتنمية، وهذا التحالف لم ينفك بعد الانتخابات على الرغم من فشله وانزعاج بعض نواب الحزب وقادته من التحالف مع جماعة “دينية” سبق أن حاربوها، بل زاد التعاون بين الحزب والجماعة قبل الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السابع من يونيو / حزيران المقبل. ويرى بعض المراقبين أن حزب الشعب الجمهوري رهينة بيد الكيان الموازي ومضطر للتحالف مع جماعة كولن بسبب تلك الأشرطة وتستخدمه الجماعة كما تشاء.
جماعة كولن، بطبيعة الحال، تنكر علاقتها مع أشرطة فضائح جنسية، إلا أن هناك أدلة قاطعة لا تدع مجالا للشك في تورط الجماعة في نشر بعض هذه الأشرطة لإسقاط مسؤولين استهدفوا الجماعة وزعيمها. ومن تلك الأدلة، شهادة الكاتب الصحفي حسن كاراكايا الذي شغل لسنين طويلة منصب رئيس تحرير صحيفة “عقد” التركية.
كاراكايا حكى في مقاله المنشور أمس السبت بعنوان “من الذي يقوم بتسجيل تلك الأشرطة الفاضحة وتوزيعها؟”، قصة عاشها هو نفسه في أوائل يونيو / حزيران عام 2002، وقال إنهم في الصحيفة تلقوا آنذاك اتصالا من “هارون توكاك”، رئيس وقف الصحفيين والكتَّاب، وهو من أهم مؤسسات جماعة كولن ويتولى زعيم الجماعة فتح الله كولن رئاسته الفخرية. ووفقا لكاراكايا طلب توكاك منهم في ذلك الاتصال أن تنشر الصحيفة تقريرا حول فضيحة جنسية بطلها “نوح ميته يوكسل”، قاضي محكمة أمن الدولة، وذكر أن لديهم شريط فيديو يؤكد علاقة القاضي غير الشرعية مع امرأة لافتا إلى أن القاضي المذكور يستعد لفتح تحقيق جديد في حق زعيم الجماعة فتح الله كولن وأنه قد يتراجع عن هذا القرار إن نشرت الصحيفة تقريرا حول الفضيحة الجنسية التي تورط فيها. وأضاف كاراكايا أن توكاك اتصل بهم مرة أخرى وأخبرهم أنه “لم يبق لنشر التقرير المذكور داعيا لأن القاضي نوح ميته يوكسل تراجع عن فتح تحقيق في حق فتح الله كولن بعد أن وصلته رسالة تفيد بأن صحيفة “عقد” سوف تنشر تقريرا حول الفضيحة الجنسية التي تورط فيها ووعد يوكسل بأن لا يستهدف كولن مرة أخرى”.
لم يكن قاضي أمن الدولة وحده يسقط بنشر شريط فيديو يحتوي مشاهد تم تسجيلها دون علمه، بل سقط قبله وبعده سياسيون وإعلاميون وشخصيات معروفة بالطريقة نفسها، أمثال الإعلامي علي كيرجا والزعيم الصوفي الشهير “جُبَّلي أحمد” وعدد من قادة حزب الحركة القومية، بالإضافة إلى “دنيز بايكال”، الرئيس السابق حزب الشعب الجمهوري. واللافت في كل هذه الفضائح أن أبطالها كانوا بشكل أو آخر قد أثاروا غضب جماعة كولن.
من الذي يركِّب في غرف النوم كامرات مخفية ليقوم بتسجيل كل هذه الأشرطة وتسريبها إلى وسائل الإعلام؟ أصابع الاتهام تشير إلى جماعة كولن وخلاياها المتغلغلة في أجهزة الدولة، وكثير من الأتراك أيضا يعتقدون بأن الجماعة ضالعة في هذه العملية. وإن كانت الجماعة ترفض تورطها في تسجيل تلك الأشرطة واستغلالها، فإننا نعرف على الأقل من خلال شهادة الكاتب حسن كاراكايا أن لها يدا في إسقاط القاضي نوح ميته يوكسل وإسكاته بشريط فيديو.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس