بولنت إيرانداش – صحيفة تقويك – ترجمة وتحرير ترك برس
يُدرك شعبنا أنّ تركيا الجديدة بزعامة اردوغان-داود أوغلو، تسير بخطوات ثابتة على طريق 2023-2051-2071 نحو إستراتيجية الدولة الشمولية (العالمية)، كما تُدرك القوى النافذة والدولة العميقة في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية هذا الأمر، لهذا يسعون بكل ما أوتوا من قوة من أجل إحباط هذا التقدم وهذا المخطط، لكن المعارضة التركية لا تفهم ولا تدرك ذلك للأسف، وهذا أمرٌ مستغرب، أليس كذلك؟
لو كانت الحكومة اليوم مُشكّلة من اتحاد حزبي الشعب الجمهوري (CHP) والحركة القومية (MHP)، ولو كان كلا من كليتشدار أوغلو ودولت بهتشلي يقودان السياسة الخارجية، هل كانوا سيعملون من أجل تحقيق سياسة قومية مستقلة؟ وماذا كان سيقول حينها مستشار الانقلابات وأستاذ حزب الشعب الجمهوري اليهودي آلان ماكوفسكي؟ وماذا كانت ستقول الجماعة اليهودية التي تقف خلف بينينسون الذي يقود الحملة الانتخابية لحزب الشعب الجمهوري؟
حسب وجهة نظر المعارضة، فإننا لم نكن نستطيع الخروج عن الإطار المرسوم لنا، لهذا لم تكن عملية نقل ضريح سليمان شاه ملائمة أو متوافقة مع مبادئهم. لا تنظروا إليهم، لأن شعبنا العزيز يرى، ومن الممكن أنّهم –أي المعارضة- لا يرون.
عملية سليمان شاه، ليست سوى عملية على طريق إستراتيجية تركيا الجديدة، والمعارضة فهمت تفاصيل الحملة التكتيكية هذه، لكنهم لا يعلمون ولا يستطيعون توقع الحملات والعمليات التي من الممكن أنْ تضعفهم أكثر أمام الشعب في المستقبل، لهذا سعت المعارضة من خلال الاحتجاج على ما جرى إلى إظهار أنها موجودة، لكنهم في الحقيقة يريدون إخفاء رعبهم وخوفهم الحقيقي.
كان هناك ضريح لجد عثمان المؤسس، يقع في وسط منطقة مشتعلة بالحروب الداخلية، وكان هذا الضريح مُحاطا من كل حدب وصوب بالأخطار، وكان هو الهدف الأمثل والورقة الرابحة لجميع أعداء تركيا وأجهزة الاستخبارات، وعلى رأسها الموساد، من أجل استخدام داعش لسحب تركيا وجرها إلى الفوضى وإلى الحرب.
أدرك كلا من اردوغان وداود أوغلو هذه الفرصة الذهبية والورقة الرابحة لأعداء تركيا ولأجهزة الاستخبارات الأجنبية، لهذا قاموا بتجريدها منهم، ولهذا كانت عملية نقل ضريح سليمان شاه حملة تكتيكية عظيمة. تُسمّى هذه الحملة في الشطرنج "بحملة الحصان"، الحصان الذي يتحرك على شكل حرفL للأمام وللجنب وللخلف، ففي المنطقة التي تريد أنْ تكون قويا فيها ضع الحصان هناك، ثم ابدأ بالتخطيط لحملات جديدة... والآن فُتحت أمام تركيا إستراتيجية عميقة، لهذا سيكون أمامها فرصة لعمل مناورات تكتيكية وحملات جديدة.
ما هي هذه الحملات الجديدة؟
بدأت مرحلة جديدة في العلاقات بين تركيا وبرزاني وكوباني.
ستبدأ حملة عسكرية كبيرة من قبل قوات التحالف بالتعاون مع العراق ومع حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وقوات البشمركة لتنظيف المنطقة من داعش، وخصوصا لإخراجهم من الموصل، وستستطيع تركيا بكل سهولة تنظيم-إدارة-تشغيل وعند الضرورة المشاركة في الحراك الخاص بالموصل.
بدأت الأطراف الدولية بحملة عسكرية في سوريا والعراق، والهدف منها هو داعش، وفي مقابل ذلك كانت تريد داعش إيذاء اردوغان-داود أوغلو من خلال ضريح سليمان شاه، وهذا ما تم إحباطه.
ستزداد عداوة تركيا لداعش سواء أكانت الفعلية أم الخطابية، وستزداد صلابة يوما بعد يوم، والاعتراف بداعش كمنظمة إرهابية والتعاون مع قوات التحالف أبرز إشارات ذلك.
هذه العملية أذهلت كل الصحف التي كانت تنشر الأخبار ضد تركيا، تلك الصحف التي يدعمها اليهود، فأنْ تقوم تركيا بعملية مثل هذه بالتعاون مع الغرب جعل كلّ ما قاموا به من حملة عشواء ضد تركيا على أنها تدعم الإرهاب، جعلت تلك الحملات تذهب هباء منثورا، وعلى الأغلب ستكون إسرائيل أكثر المنزعجين من ذلك. بينما سيكون التعاون غير المسبوق بين تركيا وبرزاني وكوباني سببا مزعجا جدا لألمانيا.
النتيجة: بدأت تركيا من خلال عملية نقل ضريح سليمان شاه، بتنفيذ إستراتيجية جديدة، وما كانت العملية الأخيرة سوى مجرد خطوة أولى لهذه الإستراتيجية، فقد ضمنّا ما ترك لنا أجدادنا، ولذلك ستُفتح أمامنا أبوابٌ جديدة، وستضاف مع كل حملة خيارات أكثر فأكثر.
يا أيتها المعارضة، لا يوجد خط دفاع لتركيا الجديدة، بل يوجد حركة سطحية، هدفها خلق ديمقراطية أساسها الصداقة والإخوة في كل أراضينا التي سُلبت منا قبل 100 عام، هل فهمتم ذلك؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس