ترك برس
تناول تقرير في النسخة العربية لموقع "دويتشه فيله" الألماني (DW)، أبعاد الدور التركي في الملف الليبي، وأسباب الدعم الكبير الذي تقدمه أنقرة لحكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليًا.
وذكر الموقع أن الحرب الأهلية الليبية تشهد تصعيدا في المعركة الدائرة حول العاصمة طرابلس. وفي هذه الحرب يشارك عدد من البلدان ـ بينها تركيا التي تظهر أكثر فأكثر كفاعل واثق من نفسه.
وتعمل أنقرة على دعم الحكومة المعترف بها دوليا والتي تخوض حربا أهلية ضد ما يعرف بـ"الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
وتدخل أنقرة لا يروق حفتر البتة والذي يرفع من نبرة التهديدات في اتجاه تركيا: وحداته أعلنت أن السفن والطائرات التركية أهدافا معادية، فيما سقط ستة مواطنين أتراك بصفة مؤقتة في معتقل وحدات حفتر. وبعد تهديدات حادة من أنقرة تم إطلاق سراحهم.
وقبلها وجه حفتر سهام الاتهام إلى تركيا بسبب هزيمة نكراء حين فشل هجوم كبير في المعركة حول طرابلس في بداية أبريل وبعدها بقليل استرجع الطرف المضاد مدينة غريان المهمة. والوحدات الحكومية كانت مجهزة بعربات مصفحة وطائرات بدون طيار من تركيا.
والتجارة هي أحد أهم الأسباب وراء تدخل أنقرة في ليبيا، كما يقول أويتون أورهان من مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الوسط. "منذ حقبة القذافي كان الكثير من الشركات التركية يعمل في تركيا. لكن بعد الحرب الأهلية خسرت ليبيا من أهميتها الاقتصادية وبالتالي تراجع الاهتمام بالاستثمار". وهذا يتغير ببطيء.
إلى ذلك يجب ذكر أن تركيا بدأت مؤخرا في التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الشرقية من البحر المتوسط. وهذا القرار يحمل بين طياته قوة نزاع كبير، لأن الاتحاد الأوروبي اعتبر تلك الأنشطة غير قانونية. وفق ما أورد "دويتشه فيله".
ومنذ تلك اللحظة تطورت المنطقة إلى منطقة نزاع في السياسة الدولية. "في هذا النزاع على السلطة تحتاج تركيا إلى حلفاء في جانبها ـ وحكومة طرابلس بين من يضمن الولاء لأنقرة".
لكن الكثير من الخبراء ينطلقون من نظرية أن دوافع إيديولوجية هي التي توجد في الواجهة بالنسبة إلى أنقرة. ويبدو أن تركيا ساندت في الحرب الأهلية مجموعات مقربة من حركة الإخوان المسلمين.
أورهان لا يوافق على هذا التقدير، لأن الدعم لا يقتصر على الإخوان المسلمين فقط. "تركيا تدعم في المقام الأول الحكومة الشرعية في طرابلس ـ هم يقدمون أسلحة، وهذا شرعي من وجهة القانون الدولي".
أويتون أورهان ينطلق من أن تركيا على عتبة المشاركة في حرب أهلية بالوكالة ـ وهذه الحرب قد تزداد تصعيدا. ويضيف أورهان "ظهر نوع من التوزان بين القوى المتصارعة في ليبيا. وهو أمر بالنسبة لتركيا مهم ومرغوب فيه.
لكن ذلك يعني عمليا أن ليبيا ستبقى مقسمة بحكم الواقع". في نفس الوقت يرسخ التوازن القائم بين المعسكرين المتصارعين جذور الأزمة في البلاد ولن يحصل تفاهم، لأن كلا الطرفين لا يمكن لهما تحقيق تفوق عسكري لحسن الأزمة لصالحه"، كما يقول الخبير أورهان.
بعد الربيع العربي ووفاة العقيد القذافي تشتعل المعركة لبسط السيطرة في البلاد الواقعة في شمال أفريقيا. فبعد انهيار السلطة في عام 2011 نشأ معسكران قويان يحصلان على المساعدة العسكرية واللوجستية من الخارج: فمن جهة حكومة طرابلس المعترف بها دوليا التي يقودها رئيس الوزراء فايز السراج ـ وهذه تتلقى الدعم من الأمم المتحدة وقطر وتركيا.
ثم هناك "الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده حفتر ويحصل على المساندة من العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر. وحتى فرنسا تقف، حسب مراقبين ودبلوماسيين إلى جانب الجنرال حفتر.
من جانبه، يشير امراه كيكيلي من مؤسسة البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية يشير إلى توازن جامد للقوى بين المعسكرين، ما يعني تواجد الأزمة في طريق مسدود. ومبدئيا يتوفر الجنرال حفتر على تلك المؤهلات التي تجعل منه "قذافي جديد" في ليبيا، لكن السلطة والإمكانيات المتاحة لا تكفي لذلك.
وبالنسبة إلى كيليكي يبقى حفتر قائد ميليشيا، و"إنه الشخص الذي يتحمل الطريق المسدود في النزاع المحتدم في ليبيا. فالتعامل المتشدد مع أنقرة يمكن شرحه بأن الجنرال ليس بمقدوره منذ شهور تحقيق انتصار. وهو يحاول إيجاد كبش فداء أجنبي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!