ترك برس
تجري الولايات المتحدة مفاوضات مع تركيا حول إنشاء منطقة آمنة بين تركيا وسوريا تمتد من نهر الفرات إلى الحدود العراقية في الشرق.
ووفقا لما أعلنه جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، تشمل الصفقة الأولية للمنطقة الآمنة سحب تنظيم "ي ب ك" بعيدًا عن الحدود التركية ضمن مسافة لم يتم تحديدها بعد، وإزالة المنشآت العسكرية في تلك المنطقة، وسحب الأسلحة الثقيلة، وقيام الولايات المتحدة وتركيا بمراقبة هذه المنطقة.
ويشير المحلل الأمريكي، جو ماكارون، إلى أن هناك سؤالين عالقين يعوقان إبرام هذا الاتفاق: إلى أي مدى يجب أن تكون هذه المنطقة الآمنة في عمق الأراضي السورية؟ ما الدور الذي يجب أن تضطلع به تركيا في الاتفاق؟
ويوضح ماكارون في مقال نشره موقع Lobelog أن هاتين المسألتين لهما أهمية حاسمة لأنهما توضحان مساحة الأراضي التي ستأخذها أنقرة من "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)"، وتقوض بشكل أكبر ظهور كيان موحد يتمتع بالحكم الذاتي والذي قطعته بالفعل القوات التركية غرب الفرات.
وأضاف أن أنقرة تريد من واشنطن إبقاء "ي ب ك" على بعد 30 إلى 40 كيلومترًا على الأقل، جنوب الحدود التركية، وجمع الأسلحة الثقيلة من "قسد"، ووضع المنطقة الآمنة تحت السيطرة التركية.
في المقابل لا تميل إدارة ترامب لقبول هذه المطالب بالنظر إلى أنها تأخذ مصالحها الخاصة ومصالح "ي ب ك" في الاعتبار في أثناء التفاوض مع أنقرة. وتحاول واشنطن فك الارتباط بين "قسد" و"ي ب ك"، وهو أمر غير محتمل تقنيًا دون اتفاق المصالحة التركية الكردية.
وأشار ماكارون إلى أن السياسة الأمريكية تريد من جديد الجمع بين هدفين متعارضين: تحقيق الاستقرار في شمال شرق سوريا من خلال الحفاظ على الشراكة مع "قسد" واسترضاء أردوغان بما يكفي لإبقاء أنقرة بعيدة عن موسكو قدر الإمكان.
وبين أن إدارة ترامب رأت في التوترات بين موسكو وأنقرة حول إدلب فرصة لإبعاد تركيا عن روسيا، وعرضت بعض المرونة في إعطاء صواريخ باتريوت إلى أنقرة، وتشكيل لجنة فنية لمناقشة الصواريخ الروسية، وألمحت إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق في شمال شرق سوريا.
واعتبر ماكارون أن الإعلان قبل الأوان عن صفقة تركية أمريكية في شمال شرق سوريا قبل حل مشكلة S-400 بشكل كامل، وخاصة في ظل قرب القوات التركية و"ي ب ك" التي تعمل دون ضمانات للمصالحة، خاطر جيفري بتمهيد الطريق أمام المواجهة.
العقبات التي تواجه صفقة تركية أمريكية في سوريا
ووفقا للمحلل الأمريكي، فإن هناك كثيرا من التحديات التي تعوق التوصل إلى صفقة تركية أمريكية في شمال شرق سوريا:
أولًا، التسليم المتوقع لصواريخ S-400 الروسية الصنع إلى أنقرة الشهر المقبل. حيث ترفض تركيا التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات عسكرية واقتصادية عليها في حال استملت تلك الصواريخ.
التحدي الثاني أمام اتفاق محتمل بين تركيا والولايات المتحدة هو أن هناك انعداما متزايدا للثقة متزايد بين المسؤولين الأتراك والأمريكيين، بدأ بعد محاولة الانقلاب في تركيا في تموز/ يوليو 2016 والدعم الأمريكي المتزايد لـ"قسد" في سوريا.
ثالثًا، قد يكون ثمن الاتفاق بين أنقرة وواشنطن نهجًا عدوانيًا روسيًا ضد المصالح التركية في سوريا. تكافح تركيا بالفعل للحفاظ على وقف هش لإطلاق النار مع روسيا في إدلب، وقد تعرضت مراكز مراقبة القوات التركية حول إدلب لهجمات متكررة من قبل النظام السوري. وهذا يعني أن تركيا قد تعيد تنظيم مصالحها في الصراع السوري من خلال الاستفادة من الدعم الأمريكي وتحمل هجمات محتملة من جانب الوكلاء الروس والإيرانيين على الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا.
وخلص ماكارون إلى أن تركيا ستكون أمام خيارين: الاختيار بين التعرض لضغوط أمريكية كبيرة إذا تم استلام نظام S-400 رسميًا، أو التعامل مع عواقب هجوم بري بقيادة روسية في إدلب، إذا ألغيت صفقة الصواريخ الروسية.
وأضاف أن كلا السيناريوهين سيكون لهما تأثير مؤكد على الاقتصاد التركي في وقت حاسم بالنسبة لأردوغان. وفي المقابل إذا تفككت العلاقات مع تركيا، فستكون إدارة ترامب معزولة بشكل متزايد في سوريا، وسيتعين عليها إيقاف انسحابها من البلاد، وستعمل قواتها هناك في بيئة متقلبة بشكل متزايد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!