ترك برس
يرى خبراء أن هناك جملة من الأسباب التي تقف وراء عودة المسؤولين الأتراك، وفي مقدمتهم الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى تهديد البلدان الأوروبي في ملف الهجرة، باعتبار تركيا البلد الأكثر استضافة للاجئين.
وفي وقت سابق، قال أردوغان "هل نحن فقط من سيتحمل عبء اللاجئين؟ لم نحصل من المجتمع الدولي وخاصةً من الاتحاد الأوروبي على الدعم اللازم لتقاسم هذا العبء، وقد نضطر لفتح الأبواب (الحدود) في حال استمرار ذلك".
وقبل أيام، قال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، إن تركيا ليست في وضع يمكّنها من استضافة المزيد من طالبي اللجوء في حال حدوث تدفق من طرف محافظة إدلب السورية، وعلى أوروبا أن تفهم ذلك.
المختص بالشأن التركي، سعيد الحاج، رأى في حديث لصحيفة "عربي21" الإلكترونية، أن هناك ثلاث أسباب رئيسية لعودة تركيا إلى توجيه تهديدات لأوروبا في موضوع اللاجئين، بالتزامن مع التطورات الأخيرة في إدلب.
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن السبب الأول، يكمن في أنها لا تريد أن تعطي انطباعا بأنها مستعدة لاستيعاب أي موجات جديدة من اللجوء، ومن ثم قد يؤثر هذا الأمر في اتخاذ قرار بالقيام بعملية عسكرية في إدلب.
وقال إن السبب الثاني، هو أنها تريد أن يضاف تمنعها وإطلاق تحذيراتها، ضمن عوامل أخرى تهدف لمنع استمرار العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات النظام السوري مؤخرا في إدلب، والتي توجت بالسيطرة على مدينة خان شيخون وقرى عدة في محيطها.
وأوضح أن تركيا، تدرك أن ملف المهاجرين، يعد الأكثر إزعاجا لدول الاتحاد الأوروبي، لذلك تسعى من خلاله لاتخاذ موقف داعم لها برفض أي عملية عسكرية للنظام السوري وروسيا في إدلب من القوى الدولية.
ويكمن السبب الثالث، كما يرى المختص بالشأن التركي، أن أنقرة تشعر وفق تقييماتها الداخلية أنها غير قادرة على استيعاب مهاجرين جدد من إدلب، بل تسعى لتخفيف العبء القائم، وتحديدا في المدن الكبيرة مثل اسطنبول، في محاولة لضبط المسألة.
وحول سبب انزعاج أوروبا من ملف اللاجئين، أشار إلى أن المسألة ترجع إلى خلافات كبيرة داخل الاتحاد الأوروبي منذ عام 2015 و2016، خاصة بين دول في الشرق، التي تزعمتها اليونان والنمسا، وأخرى بالغرب، تزعمتها فرنسا وألمانيا، توصلوا بعدها إلى اتفاق مع تركيا، بإعادة اللاجئين فيما بينهم في آذار/ مارس 2016.
وأضاف أن ملف اللجوء شكل ضاغطا كبيرا على دول الاتحاد الأوروبي، وسط تخوفات من عودة الخلافات والانشقاقات بينها، بالتزامن مع تزايد الخطاب الشعبوي اليميني التطرفي في بعض الدول الأوروبية، الذي يرفض اللاجئين، ويعتبرهم أعداء، ويربط بين اللجوء الأجنبي، والإسلاموفوبيا، ما يؤثر على الرأي العام هناك.
واستبعد الحاج انهيار الاتفاق بين الطرفين، مرجئا ذلك إلى الاستفادة التي يجنيها الطرفان منه، موضحا أن أوروبا تخفف عبء اللاجئين عليها، وكذلك تركيا تتعامل معها بالبعد ذاته، ويصل إليها دعم برامجي للاجئين.
واستدرك، بأن الاتفاق قد يتراجع، وقد تلوح تركيا بالتهديدات، إلا أنه قائم ويستمر على الأقل على المدى المنظور.
بدوره قال المختص بالعلاقات الدولية، هشام منور، إن تهديدات أردوغان، وعدد من المسؤولين الأتراك بفتح الأبواب أمام المهاجرين، هدفه زيادة الضغوط على الاتحاد الأوروبي، لتلبية مطالب أنقرة فيما يخص شروط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من جهة، ومن جهة أخرى، ضمان الموافقة الأوروبية على إنشاء المنطقة الآمنة شرق نهر الفرات، وتسريع وتيرة وصول المساعدات الأوروبية للاجئين السوريين في تركيا.
ورأى منور أن الاتفاق لن يتعرض للانهيار، لافتا إلى أن أوروبا مدركة لخطورة التهديدات التركية، ولذلك طالبت هولندا على سبيل المثال، الاتحاد الأوروبي بأخذ مطالب أنقرة بعين الاعتبار ومناقشتها بجدية مؤخرا.
ونوه إلى أن أزمة المهاجرين غير الشرعيين، موضوع خلاف وشقاق بين دول الاتحاد، وكان العامل الأبرز في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما عرف بالبريكست، وهناك العديد من الدول في جنوب القارة، كإيطاليا واليونان، وشرقها كبولندا وهنغاريا تتشارك مع بريطانيا تخويف شعوبها من تدفق المهاجرين، ما قد يهدد وحدة كيان الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن تركيا، ترى أنه على أوروبا أن تدعم خياراتها السياسية لإنشاء المنطقة الآمنة شرق الفرات، وإعادة جزء من اللاجئين السوريين "طوعا" إلى مناطقهم، ومن ثم التخفيف سياسيا واقتصاديا عن كاهل حكومتها أعباء استضافتهم.
وأضاف أنه من ناحية أخرى، تريد أنقرة أن يسهم الاتحاد الأوروبي في دعم مشاريع اندماج السوريين الباقين في تركيا، وتمويلها لضمان عيشهم على أراضيها بما يكفل كرامتهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!