ترك برس
تتباين آراء الخبراء والمراقبين حول التحديات والعراقيل التي تقف أمام تنفيذ مذكرة التفاهم المبرمة بين تركيا وليبيا للتعاون الأمني والعسكري.
وأمس السبت، وافق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم التي تنص على التزام البلدين بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والأخذ بنظر الاعتبار أحكام مذكرة التفاهم في مجال التدريب العسكري الموقع بين البلدين في 2012.
ويقضي الاتفاق بضمان التعاون بين تركيا وليبيا في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية "على أساس الاحترام المتبادل للسيادة والمساواة وبما يساهم في خدمة المصالح المشتركة والقدرة الاقتصادية للطرفين".
وتشمل المذكرة دعم إنشاء قوة الاستجابة السريعة التي من ضمن مسؤوليات الأمن والجيش في ليبيا، لنقل الخبرات والدعم التدريبي، والاستشاري والتخطيطي والمعدات من الجانب التركي.
وعند الطلب يتم إنشاء مكتب مشترك في ليبيا للتعاون في مجالات الأمن والدفاع بعدد كاف من الخبراء والموظفين.
الخبير الأمني الليبي، محيي الدين زكري، يرى أن "أولى عراقيل تنفيذ الاتفاق تتعلق بالعوامل الميدانية"، موضحاً أن "الفارق كبير بين فاعلية دعم مصر جارة ليبيا والدعم الإماراتي الذي امتلك قواعد مبكراً داخل ليبيا، وبين سعي تركيا التي وصلت أخيراً إلى الساحة الليبية دون أن تمتلك موطئ قدم فيها".
ويشرح زكري بأن "تركيا البعيدة حدودياً عن ليبيا تفتقر إلى قاعدة عسكرية داخل ليبيا، أو قريبة منها تساعدها على تحصين قواتها وجنودها، وأسلحة، ولا سيما الطيران، وهو ما تمتلكه الإمارات مثلاً من خلال قاعدتي الخادم والخروبة"، مرجحاً أن توفّر المقار العسكرية في مصراتة وطرابلس حصناً آمناً لأي وجود عسكري رسمي تركي.
وتابع قائلاً إن "منظومات الدفاع الجوية الروسية الحديثة والطيران المسيّر الإماراتي الحديث مكّنا حفتر من فرض حظر جوي في سماء طرابلس ومصراتة، ما يجعل أي أسلحة تصل إلى موانئ أو مطارات سلطة الحكومة هدفاً سهلاً لقوات حفتر". وفق ما نقلت صحيفة "العربي الجديد".
وفيما يعتقد زكري أن بإمكان تركيا تزويد حلفائها في طرابلس بأسلحة نوعية ومنظومات دفاع متقدمة، بالإضافة إلى خبرات عسكرية للتخطيط والهجوم، يبدي المحلل السياسي الليبي، عقيلة الأطرش، موانع قانونية أخرى.
ورغم استناد الحكومة إلى نصوص الاتفاق السياسي الذي يتيح لها عقد اتفاقات مشتركة مع أي دولة، إلا أن الأطرش يعتبر ذلك غير كافٍ، فالنصوص داخل الاتفاق لا تعطي الحكومة هامشاً واسعاً للحركة بحرية.
ويوضح الأطرش قائلاً إن "أي اتفاق يجب أن تصادق عليه الجهات العليا المكونة من غرفتين، هما مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، ولكون مجلس النواب متشظياً لقسمين: الأول في طبرق والآخر في طرابلس، فإن ذلك لا يعطي للحكومة حقاً في توقيع الاتفاق بل مذكرات تفاهم، وهو ما سيعوق تسجيلها لدى الأمم المتحدة كاتفاق رسمي، ما يعني افتقادها للكثير من الفاعلية القانونية".
لكنه في ذات الوقت يرى أن "ليبيا التي تعيش كل أشكال التدخل والفوضى السياسية والعسكرية آخر شيء يمكن أن يطلب من الحكومة التي تعيش حصاراً أن توفر أطراً قانونية ودستورية لإنقاذ نفسها"، مرجحاً أن تكون عراقيل تنفيذ اتفاق تحالفها مع تركيا خلفيات سياسية تتعلق بمواقف دول كبرى.
ويضيف أن "تركيا وجدت في الاتفاق مع طرابلس ما يمكّنها من الخروج من عزلتها إزاء العقوبات التي تواجهها إلى بحار أكثر سعة في المتوسط، يجب عليها المضي أكثر لتكافح من أجل إقناع حلفاء كبار لها مثل روسيا لدعمها"، مرجحاً أن عدم وصول أنقرة إلى تفاهم مع موسكو بشأن إرسال قواتها إلى ليبيا من بين أهم تلك الموانع.
ويرى أن محاذير عواصم الثقل الدولي من الوجود العسكري التركي في ليبيا تتمثل بمخاوفهم من انزلاق ليبيا إلى السيناريو السوري، وتحولها إلى بؤرة توتر تهدد أمن الساحل الجنوبي الأوروبي وإلى ملاذ آمن جديد لحركات الإرهاب، في الوقت الذي تسعى فيه تلك الأطراف الدولية إلى إيجاد حل سياسي مناسب في برلين وفق مصالحها.
ويؤكد الأطرش أن تركيا لن ترسل جنودها إلى ليبيا، لكنها ستكتفي بالدعم العسكري العلني لحكومة الوفاق كورقة للضغط المباشر على الأطراف المتدخلة في ليبيا الداعمة لحفتر، فالاتفاق الأمني مع طرابلس مرتبط باتفاق بحري له أبعاد وامتدادات أخرى تتجاوز فيه المصالح التركية ليبيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!