ترك برس
يخترق طريق دمشق - حلب الدولي "إم 5"، سورية من أقصى جنوبها إلى أقصى شمالها، ماراً بالعديد من المدن السورية الكبرى في محافظات عدة.
وسيطر النظام السوري، الثلاثاء، على القسم الأكبر من "إم 5"، الذي يُعتبر أهم الطرق في سورية، ودارت من أجل السيطرة عليه معارك كبرى خلال العامين الأخيرين، بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية التي لا تزال تسيطر على جانب مهم منه.
وفق تقرير لصحيفة "العربي الجديد"، تؤكد مصادر متقاطعة، سيطرة النظام السوري بشكل كامل على القسم الذي يربط مدينة حلب بمدينة حماة من الطريق، مع استكمال قواته في السيطرة على المناطق في ريف إدلب الشمالي الشرقي المتاخم لريف إدلب الجنوبي الشرقي، وبعد استكمال السيطرة على منطقة الراشدين الرابعة بضواحي مدينة حلب الغربية.
يوضح التقرير أن هذا الطريق يبدأ من الحدودية السورية الأردنية، حيث يقطع محافظة درعا، وصولاً إلى العاصمة دمشق، ومنها يخرج من شمالها الشرقي بمحاذاة غوطة دمشق الشرقية من شمالها الغربي.
ومن ثم يمر بمدن وبلدات منطقة القلمون في ريف دمشق، أو على تخومها، ومنها مدن النبك ودير عطية، وقارة وحسياء، وصولاً إلى ريف حمص الجنوبي، ثم إلى قلب حمص في وسط سورية، ليخرج من شمالها باتجاه مدينة الرستن الشهيرة، بمحاذاة مدينة تلبيسة من الجهة الغربية.
ومن بعد مدينة الرستن، يدخل الطريق إلى ريف حماة الجنوبي، ومن ثم يقطع حماة إلى ريفها الشمالي، حيث يقطع مدناً وبلدات عدة منها قمحانة، وطيبة الإمام، ومعردس، وصوران، ومن ثم إلى ريفَي إدلب الجنوبي والشرقي، مخترقاً مدن شيخون، ومعرة النعمان، وسراقب، ليدخل بعد ذلك ريف حلب الجنوبي، حيث يمرّ بالقرب من أو بمحاذاة بلدات ومناطق عدة، منها إيكاردا، والزربة، وخان طومان، والعيس، وصولاً إلى حلب، كبرى مدن الشمال السوري، ليخرج منها إلى مدينة أعزاز إلى الشمال منها بأكثر من 50 كيلومتراً، حيث يشكل ما يُعرف بطريق حلب- غازي عينتاب التركية.
حول أهمية هذا الطريقة، تقول الصحيفة إنه مع مطلع عام 2012، بدأت الثورة تتجه نحو العسكرة، مع اشتداد قبضة النظام العسكرية والأمنية على المطالبين بالتغيير العميق في سورية.
وفي ذلك العام، بدأت فصائل الثورة العسكرية تسيطر شيئاً فشيئاً على هذا الطريق، وهو ما أجبر النظام على استخدام طرق بديلة، سواء لتنقل قواته أو تنقل المدنيين بين مناطق سيطرته وسيطرة المعارضة السورية، وما عمّق من أزمات النظام على مختلف الصعد، وخصوصاً الاقتصادي منها، حيث باتت المسافة ما بين دمشق وحلب طويلة جداً، بعد أن كانت على الطريق "إم 5" لا تتعدى الـ 5 ساعات.
وعقب سيطرة فصائل المعارضة على أغلب الطريق، اضطر النظام لاستخدام طريق يبدأ من دمشق، ثم يمرّ من ريفها الشمالي قاطعاً القلمون الغربي في ريف دمشق، وصولاً إلى حمص، ومن ثم شرقاً إلى مدينة سلمية في ريف حماة الشرقي، ومنها إلى حلب. وتستمرّ الرحلة أكثر من 15 ساعة أحياناً في ظروف بالغة الصعوبة، وخصوصاً على المدنيين.
بدأت معركة السيطرة على الطريق من قبل قوات النظام في منتصف عام 2018، حيث سيطر على كامل محافظة درعا، بما فيها معبر نصيب الحدودي مع الأردن، إذ يبدأ هذا الطريق من جنوب سورية.
وفي مايو/ أيار من العام نفسه، بسط النظام نفوذه على ريف حمص الشمالي بشكل كامل، مستعيداً بذلك جانباً مهماً من الطريق الدولي "إم 5" الذي يربط مدينتَي حمص وحماة.
وفي أغسطس/ آب من العام الفائت، سيطر النظام على مدينة خان شيخون، وهي محطة مهمة على الطريق "إم 5"، بعد أن سيطر على مدن وبلدات ريف حماة الشمالي.
في ديسمبر/ كانون الأول من العام الفائت، عاود النظام والجانب الروسي التصعيد العسكري على الشمال الغربي من سورية بهدف السيطرة على ما تبقّى من الطريق "إم 5" بيد فصائل المعارضة السورية. وبعد تمهيد جوي ومدفعي استمر قرابة شهر، بدأت قوات النظام بالتحرك، حتى سيطرت أواخر يناير الفائت على مدينة معرة النعمان، التي يمرّ الطريق الدولي عبر تخومها الشرقية.
ولكنّ الهدف الأكبر كان مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي، والتي تُعدّ عقدة هامة، حيث يجتمع عندها الطريقان "إم 5" و دمشق-اللاذقية "إم 4"، الذي لا يقل أهمية عن سابقه.
يوم الجمعة الفائت، بسطت قوات النظام سيطرتها على مدينة سراقب، المحطة الأهم على الطريق الدولي "إم 5".
وخلال اليومين الأخيرين، واصلت قوات النظام التقدم في ريفَي حلب الجنوبي والغربي، حتى استكملت، اليوم الثلاثاء، السيطرة على الطريق الذي قتلت وأصابت قوات النظام، من أجل السيطرة عليه، آلاف المدنيين، كما شرّدت عشرات الآلاف.
ولكن جانباً مهماً من الطريق لا يزال خارج سيطرة قوات النظام، وهو القسم الذي يربط حلب بالحدود السورية التركية، والمعروف بطريق حلب عينتاب. وتسيطر فصائل المعارضة على بلدات حريتان، وبيانون، وحيان التي يمر منها الطريق، فيما تسيطر الوحدات الكردية على بلدة دير جمال التي يخترقها الطريق الذي يمر بمحاذاة بلدتي نبّل والزهراء الشيعتين من الطرف الغربي.
كما تسيطر فصائل المعارضة السورية على ما بقي من الطريق بدءاً من مدينة أعزاز، وصولاً إلى الحدود مع تركيا حيث معبر باب السلامة.
شهد طريق حلب عينتاب إعادة تأهيل في عام 2006، عقب توقيع النظام اتفاقية التجارة الحرة مع الجانب التركي. وكان هذا الطريق من أهم طرق الترانزيت من تركيا إلى سورية، ومن ثم الأردن، وصولاً إلى دول الخليج العربي، لذلك فهو يشكل أهمية كبيرة للنظام الساعي إلى إنعاش اقتصاده المتهالك.
ومن الواضح أن فصائل المعارضة السورية لا تزال تحاول استعادة السيطرة على الجزء الذي كان تحت نفوذها من الطريق في ريفَي حلب وإدلب، بدعم مباشر من الجانب التركي، ما يعني أنّ المعركة لم تنتهِ بعد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!