ترك برس
قالت مجلة "فورين بوليسي جورنال" إن تركيا حولت حلم مشروع غاز شرق المتوسط الذي تدفع إليه إسرائيل، إلى سراب بعد أن غيرت قواعد اللعبة بتوقيعها اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية.
وجاء في مقال نشرته المجلة للباحث والكاتب زياد بارو، إن إسرائيل تستغل اكتشاف رواسب هائلة من الغاز الطبيعي من حقلي "ليفياثان" و"تمار" اللذين يقعان على بعد حوالي 125 كيلومتر و80 كيلومتر غرب حيفا، من أجل إعادة بناء التحالفات الإقليمية وإعادة رسم مركزيتها الجيوسياسية إلى أوروبا.
وأضاف أن ضخ الغاز الإسرائيلي إلى كل من مصر والأردن يمثل بالنسبة لبنيامين نتنياهو أكثر من مجرد مزايا اقتصادية وسياسية، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول إقناع الجمهور بالتصويت لصالحه في الانتخابات العامة في آذار/ مارس المقبل.
وأشار إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية قد خلقت بالفعل إمكانات للنزاع في منطقة غير مستقرة بالفعل، الأمرالذي وسع نطاق القوة ليشمل قبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا وليبيا، وكذلك مصر وتركيا ولبنان وروسيا.
وفي الثاني من كانون الثاني/ يناير، وقع بنيامين نتنياهو في أثينا على اتفاق لخط أنابيب الغاز إيست ميد مع رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكو ميتوتاكيس، ورئيس قبرص، نيكوس أناستاسيادس. ومن المتوقع أن ينقل الخط الغاز من إسرائيل إلى قبرص واليونان، ويصل في النهاية إلى إيطاليا.
ولفت بارود إلى أن إسرائيل تطمح إلى ما هو أبعد من ممارسة الهيمنة الاقتصادية الإقليمية لتصبح لاعبًا كبيرًا على الساحة الجيوسياسية الدولية، إذ من المتوقع أن يغطي مشروع خط أنابيب إيست ميد، 10٪ من إجمالي احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي.
وفيما يتعلق بالموقف التركي، فإن أنقرة تنظر إلى المشروع الذي يشمل خصميها الإقليميين، قبرص واليونان، على أنه معد خصيصًا لتهميشها اقتصاديًا من خلال استبعادها من طفرة الهيدروكربون في البحر المتوسط.
ونوه في هذا الصدد إلى أن أنقرة تعد بالفعل مركزًا ضخمًا للطاقة، حيث تستضيف محطة السيل التركي التي تغذي أوروبا بنحو قرابة 40٪ من احتياجاتها من الغاز الطبيعي. هذه الحقيقة زودت كل من موسكو وأنقرة ليس فقط بأكثر من المزايا الاقتصادية ولكن بالضغوط الجيواستراتيجية أيضًا.
وردا على مشروع إيست ميد قامت تركيا بسلسلة من الحركات المتعاقبة والمدهشة، كمل يقول بارود، من خلال توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليًا، وبالتزامها بإرسال دعم عسكري لمساعدة طرابلس في معركتها ضد القوات الموالية للواء المتقاعد، خليفة حفتر.
وأكدا نائب الرئيس التركي فؤاد أكطاي أن تركيا لن تسمح بأي نشاط يتعارض مع مصالحها الخاصة في المنطقة، وأن أي خطة تتجاهل تركيا ليس لديها أي فرصة للنجاح على الإطلاق.
ويذكر بارود أن الدول الأوروبية مع أنها سرعان ما نددت بما فعلته تركيا، فقد نجحت هذه الأخيرة في تغيير قواعد اللعبة من خلال المطالبة بمناطق شاسعة تطالب بها اليونان وقبرص أيضًا كجزء مما يسمى بالمناطق الاقتصادية الخالصة (EEZ).
وبيّن أن تركيا لن تقوم بالتنقيب في المياه الإقليمية الليبية للحصول على الغاز الطبيعي فحسب، بل في المياه المتنازع عليها بالقرب من قبرص أيضًا.
وأردف أنه إذا لم يتم حل هذه المشكلة، فمن المحتمل أن يتحول مشروع خط أنابيب شرق المتوسط إلى سراب، وأن ما بدا وكأنه صفقة مربحة، ذات أهمية جيوسياسية هائلة من وجهة نظر إسرائيلية، يبدو الآن امتدادًا آخر للصراع الأوسع في الشرق الأوسط.
وأضاف أنه في حين أن الاتحاد الأوروبي حريص على تخفيف سيطرة روسيا الاستراتيجية على سوق الغاز الطبيعي، فإن خط أنابيب شرق المتوسط يبدو غير مجدٍ بشكل متزايد من جميع النواحي الممكنة.
وخلص بارود إلى أنه بالنظر إلى الرواسب الهائلة للغاز الطبيعي المستعدة لتزويد الأسواق الأوروبية المتعثرة، فمن شبه المؤكد أن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط سيصبح في نهاية المطاف مصدرًا رئيسيًا للنزاعات السياسية، إن لم يكن مصدرا للحرب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!