سردار تورغوت – صحيفة خبر تورك – ترجمة وتحرير ترك برس
في عالم الجاسوسية هناك قواعد خاصة غير مدونة لكن يتم الالتزام بها بشكل عام. على سبيل المثال، إبان أشد فترات الحرب الباردة، كانت العاصمة الألمانية برلين مسرحًا لصراع محتدم بين الاستخبارات السوفيتية "كي جي بي"، ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه".
في خضم هذا الصراع الشديد، كان هناك اتفاق على عدم تنفيذ هجمات ترمي إلى قتل العملاء بين الطرفين. ولكن في حال تنفيذ عملية ما، وحدوث اشتباك قسري تسبب في مقتل أحد العملاء، فإن ذلك يعتبر خارج إطار الاتفاق. بيد أن أيًّا من الطرفين لم يكن ينفذ اغتيالات مخطط لها مسبقًا ضد عميل يعلم أنه يتبع للطرف الآخر.
لا يهدف هذا النوع من الاتفاقات إلى حماية أرواح العملاء فحسب، بل إنه ضروري من أجل الحيلولة دون تحول هجوم أو حادثة ما إلى أزمة دولية أو حتى إلى حرب.
بفضل وجود هذا الاتفاق فحسب، تمكن بيل هارفي، رئيس خلية "سي آي إيه" في برلين في تلك الفترة، من العودة بسلام إلى بلاده، والتقاعد من وكالة الاستخابارت المركزية وهو على رأس منصب هام في إدارتها.
في الحقيقة، بدأت الحكومة الإسرائيلية بالتمادي كثيرًا، جراء معاملتها كطفل مدلل على يد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يتصرف بدوره كطفل مدلل في الثالثة من عمره.
ويبدو أنها نسيت بأن التحريض على قتل رئيس جهاز استخبارات دولة مثل تركيا قد يكون في الحقيقة سببًا لإشعال حرب.
نأمل ألا يحدث لكن لنتصور السيناريو التالي: يعيش رؤساء أجهزة الاستخبارات، ومن بينهم رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان، تحت الخطر والتهديد في كل لحظة، بموجب مقتضيات منصبهم.
لنفرض أن عميلًا يهوديًّا من إيران أراد الإيقاع بين تركيا وإسرائيل، ونفذ هجومًا على هاكان فيدان، ثم أعلن عن انتمائه لإسرائيل. في حال وقوع مثل هذا الهجوم فإن تبعاته تقتضي نشوب حرب بين تركيا وإسرائيل.
ألا تعلم إسرائيل بأن هذا ممكن الحدوث؟ بالتأكيد تعلم. ولهذا فإنها لم توجه التهديد بنفسها إلى رئيس جهاز استخباراتنا، وإنما دفعت صحيفة مقربة إلى نتنياهو للقيام بذلك.
المسؤولون الإسرائيليون في الدولة سارعوا إلى نفي أي علاقة لهم بهذا التحريض، لأن عواقب هذا العمل لا بد أنها أرهبتهم. هذا نوع من الجنون. هل يظنون أن الاستخبارات التركية لن تدرك كنه الأمر؟
الشيء المؤكد أيضًا هو أن تزامن التهديد مع اليوم الذي تم الإعلان فيه عن "اتفاقية القرن"، ليس من قبيل المصادفة أبدًا. باختصار، القيام بمثل هذه التهديدات يدل على أن الاستخبارات التركية ورئيسها يسيران على الطريق الصحيح.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس