ترك برس
أشار تقرير صحفي إلى عدم رغبة تركيا والولايات المتحدة في الدخول بصدام أكبر وحزمة عقوبات أوسع من شأنها أن تولد شرخاً كبيراً في علاقاتهما وهو ما قد يدفعهما نحو القطيعة والعداء.
وذكرت صحيفة القدس العربي في تقريرها أن المؤشرات تتزايد على وجود رغبة أمريكية تركية مشتركة للتوصل إلى حلول وسط حول أزمتي منظومة إس 400 الدفاعية الروسية وبرنامج طائرات إف 35.
يأتي ذلك في ظل تأخير تركيا تفعيل المنظومة الروسية واستمرار الشركات التركية بالمساهمة في برنامج صناعة طائرات إف 35 رغم القرارات السابقة بطرد أنقرة من البرنامج بشكل تام بحلول آذار/مارس الماضي. حسب الصحيفة.
ويبدو -وفق التقرير- أن البلدين الحليفين التاريخيين في حلف شمال الأطلسي "الناتو" استغلا أزمة تفشي فيروس كورونا حول العالم من أجل الامتناع عن القيام بأي خطوات تصعيدية استحق موعدها خلال الأسابيع الماضية.
وعلى العكس من ذلك لجآ إلى القيام ببوادر إيجابية في محاولة لتجنب تعمق الأزمة والوصول إلى حلول وسط يمكن أن تمنع حصول شرخ خطير في العلاقات بينهما كان متوقعاً بقوة.
وفي تصريحات مختلفة، كان آخرها نهاية آذار/مارس الماضي، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده سوف تفعل المنظومة الروسية وتدخلها الخدمة الفعلية بحلول شهر أبريل/نيسان الماضي، وهو التاريخ الذي أكدته تصريحات أخرى لكبار المسؤولين الأتراك، منهم وزيرا الدفاع والخارجية.
ولكن ورغم انقضاء هذا التاريخ وعدم إصدار أي بيانات تؤكد تفعيل المنظومة الروسية، أعلن مسؤولون أتراك كبار أن بلادهم أجلت بالفعل تفعيل المنظومة وإدخالها الخدمة الفعلية كما كان مقرراً، معتبرين أن السبب خلف ذلك يعود فقط إلى أزمة انتشار فيروس كورونا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن بلاده أرجأت خطط تفعيل المنظومة الروسية بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، مشدداً على أن "هناك تأجيلاً لكن نشر المنظومة سيمضي قدماً كما هو مقرر له"، لافتاً إلى أن الرئيس رجب طيب اردوغان أبلغ نظيره الأمريكي دونالد ترامب مجدداً أنه مهتم بشراء منظومة باتريوت.
كما شدد رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية، إسماعيل دمير، على أن قرار تأجيل نشر المنظومة "جاء بسبب وباء كورونا"، وأن أنقرة "ستمضي قدماً فيه في نهاية المطاف".
وفي خطوة لا تقل أهمية، أكد دمير أن بلاده لا تزال تنتج وتسلم أجزاء تلزم لتصنيع مقاتلات إف 35 الأمريكية، رغم تعليق مشاركة أنقرة في برنامج هذه الطائرة قبل عام، موضحاً: "كان هناك اعتقاد في الولايات المتحدة أنه لن يتم شراء أي شيء من تركيا من أجل مقاتلات إف 35 بعد مارس 2020، لكن هذا النهج لم يعد موجوداً".
ولفت إلى أن موعد آذار/مارس النهائي "لم يعد معمولاً به بسبب جائحة فيروس كورونا". وشدد على أن "شركاتنا تواصل الإنتاج والتسليم.. تركيا لا تزال شريكاً وفياً لبرنامج مقاتلات إف 35".
وحذر مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية من إمكانية أن تؤدي محاولة إخراج تركيا من برنامج إنتاج مقاتلات إف 35 لزيادة مخاطر عملية الإنتاج والتوريد المعرقلة، وجاء في التقرير أن "إخراج تركيا من البرنامج جرّاء مخاوف بسبب شرائها معدات دفاعية من روسيا في يوليو/تموز الماضي، ستزيد من مخاطر الإنتاج".
هذا الأمر أكده مسؤول الصناعات الدفاعية التركية أيضاً، قائلاً: "استبعاد تركيا من البرنامج قد يكلف أعضاء آخرين ما يصل إلى 600 مليون دولار".
ونهاية العام الماضي، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون الميزانية الدفاعية الأمريكية لعام 2020، الذي نص على فرض عقوبات على تركيا. ويشمل ذلك عدم تسليم أنقرة مقاتلات إف 35 وضرورة فرض عقوبات عليها بموجب قانون "مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات".
ولا يرى كبار المحللين في أنقرة وواشنطن أن موضوع كورونا سبب كافٍ لتأجيل تفعيل المنظومة الروسية في تركيا كون المنظومة وصلت كاملة منذ فترة طويلة واجتازت عمليات التركيب والتجريب وجرى تدريب الطواقم التركية وباتت بحاجة إلى قرار سياسي فقط لتفعيلها وإدخالها الخدمة رسمياً.
وتذهب التحليلات نحو حدوث خلافات روسية تركية، وبالتالي وجود عراقيل روسية أو رغبة تركية في تأخير ذلك وهو احتمال ضئيل جداً لا سيما وأن اردوغان وبوتين تمكنا من احتواء الخلافات الأخيرة التي تفجرت بين البلدين نتيجة التصعيد العسكري في محافظة إدلب شمالي سوريا. بينما يتعلق الثاني بالأسباب السياسية المرتبطة بالموقف الأمريكي الضاغط على تركيا من أجل التخلي عن المنظومة الروسية.
ولأسباب سياسية واقتصادية مختلفة لا يرغب البلدان في الدخول بصدام أكبر وحزمة عقوبات أوسع سوف تولد شرخاً كبيراً في علاقات البلدين وهو ما قد يدفعهما نحو القطعية والعداء، وهو أمر سيكلف تركيا كثيراً سياسياً واقتصادياً وسيدفعها نحو روسيا بشكل كامل، وهو أمر لا ترغب أيضاً أمريكا ولا الناتو في حصوله على الإطلاق.
وانطلاقاً من ذلك، يبدو أن الجانبين الأمريكي والتركي وجدا في كورونا فرصة جيدة لتجميد الخلافات والامتناع عن أي خطوات تصعيدية لتأجيل هذا الاستحقاق الصعب بالحد الأدنى، أو أن اردوغان وترامب قد نجحا بالفعل بالتوصل إلى اتفاق مرحلي أو كامل يتعلق بإنهاء الأزمة عبر تجميد تركيا لمشاريع تفعيل المنظومة الروسية مقابل إعادة تركيا لبرنامج صناعة طائرة إف 35 وبيعها منظومة باتريوت الأمريكية قريباً، وهو أمر يفتح شهية الرئيس الأمريكي المرحب على الدوام بأي حلول تتضمن صفات تجارية، لكن الجزم بذلك يحتاج بعض الوقت للتأكد ما إن كان ما يجري بالفعل هو "هدنة إجبارية" أم "حلول جوهرية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!