ترك برس
تحت عنوان "تركيا وأعداؤها الكثر" رأى المحلل السياسي الإيطالي، فرانتشيسكو شيسي، أن تركيا بعدد سكانها الكبير الذي يصل إلى 85 مليون نسمة، وتمثيلها عشرات الملايين من الأتراك المنتشرين في جميع أنحاء آسيا، ونصرها التاريخي على البيزنطيين عام 1453، قوة عظمى عالمية يمكنها الاضطلاع بدور رئيسي في المعركة ضد الصين.
وجاء في المقال إن تعزيز نفوذ تركيا في المنطة وخارجها لم يبدأ في عصر أردوغان، فمنذ سقوط الإمبراطورية السوفياتية، كان هناك اهتمام متبادل بين تركيا والشعوب التركية في آسيا الوسطى. وأثبتت تركيا قدرتها في السنوات الأخيرة على احتواء وضرب إيران وروسيا في سوريا والعراق.
وأضاف أن تركيا كانت القوة الأكثر فعالية لتطويق إيران التي كانت تدعم أهداف الأسد في سوريا. كما تمكنت تركيا في الوقت نفسه من كبح جماح تنظيم الدولة (داعش) واستئصاله بعدما كان يمثل تهديدًا مستمرًا للعالم الغربي. كما أوقفت أنقرة تدفق المهاجرين من سوريا إلى أوروبا، مما أتاح مساحة للتنفس للاتحاد الأوروبي.
اختلاط الماضي والحاضر
خلال العامين الماضيين، كان الأمريكيون يحثون إيطاليا على الانتقال إلى طرابلس لدعم الحكومة المحلية واستعادة السيطرة على الوضع المحلي بعد أن انتقل الروس مع "متطوعين" ومعدات لدعم خليفة حفتر.
ولكن بعد سنوات من تراجع إيطاليا، انتقل الأتراك إلى الداخل، واستقر الوضع في طرابلس. كان هذا بالنسبة لإيطاليا بمثابة ضربة كبيرة لأنها أعادت الوضع الإقليمي إلى أكثر من 100 عام، عندما قامت في الحرب الليبية عام 1911 بإخراج الأتراك من ليبيا. لكن الأتراك تمكنوا مرة أخرى من تحقيق هدف مهم، وهو كبح الروس.
ووفقا للكاتب، يمكن أن تضطلع تركيا بدور حاسم في المعركة الجيوسياسية ضد الصين، لافتا إلى قضية شعب الإيغور.
وأوضح أن ثمانية ملايين من الأويغور يمثلون نحو 0.5٪ من سكان الصين، ولكن نشاطهم السياسي يفوق عددهم بكثير، بالإضافة إلى أن شينجيانغ، موطن الأويغور، تمثل حوالي ربع الأراضي الصينية بأكملها.
ويقول الكاتب إن قادة الإيغور خارج الصين لديهم فهم جيد للسياسة الصينية، على عكس نظرائهم التبتيين الذين انتهى بهم الأمر إلى انهيار المجتمع التبتي.
ورأى أن جاذبية قضية الأويغور يمكن أن تكون قوية جدًا في آسيا الوسطى، خاصة إذا كانت مدعومة بالإرث التركي والحملة الأمريكية. ينقسم الشعب التركي في آسيا الوسطى إلى حد كبير، وعلى خلاف بين بعضهم البعض، بسبب الخلافات القبلية بين الأسلاف والاحتكاكات الجديدة بين دولهم المنشأة حديثًا، ومع ذلك، فإنهم جميعًا ينظرون إلى إسطنبول على أنها مهدهم الثقافي.
يمكن أن يصبح دخول تركيا آسيا الوسطى، في قلب واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الصين، إذا تمكنت من تعبئة وتوحيد السكان الأتراك في آسيا الوسطى في موقف مناهض لبكين. العديد من هذه الدول، على الرغم من اختلافاتها، تشعر بالقلق المتزايد مع بكين، خاصة عندما تتعقب مصير زملائهم الأتراك الأويغور.
ستخلق تركيا بحضورها رابطًا بين ثلاثة بحار: البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأسود، وبحر قزوين، وكلها محاطة بالوجود التركي. سيكون هذا طريق الحرير التركي مع دلالات معادية للصين يمكن أن تدعمها الهند والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. سيكون هذا الدعم ضروريًا لتركيا.
تجنب أخطاء الماضي
ويقول الكاتب إن على تركيا الحديثة أن تتجنب أخطاء الماضي وأن تحصل على أكبر عدد ممكن من الأصدقاء بدلاً من الأعداء، لافتا في هذا الصدد إلى أن العثمانيين بعد انتصارهم عام 1453، أسسوا احتكارًا لشرق البحر الأبيض المتوسط وآسيا الوسطى، ما أجبر الأوروبيين في النهاية على الوصول إلى آسيا من الغرب، وهو ما أدى إلى اكتشاف أمريكا وانهيار الإمبراطورية في النهاية.
وأضاف أن بعض البلدان قد تكون غير راضية عن الوضع التركي الجديد، مثل مصر واليونان وإسرائيل وإيطاليا، لكن لا يمكن لأي منها بمفرده أو في تحالف أن يعوض عن الخدمات التي قدمتها تركيا ويمكن أن تقدمها في المستقبل.
إن الهدف الرئيسي الذي تتخيله الولايات المتحدة الآن هو احتواء الصين. لذلك، من غير المرجح أن تتعارض أي من هذه الدول بشكل علني مع الرغبات الأمريكية أو حتى تحاول تقويضها. هذا يعيد الكرة إلى ملعب أردوغان.
كما حث الكاتب في ختام مقاله الرئيس أردوغان على التواصل مع العالم المسيحي لكسب المزيد من دعمه، والتواصل مع الأقليات العرقية غير التركية، مثل الأكراد من أصل فارسي، أو العرب واليهود. والتواصل مع العالمين الأرمن واليونان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!