ترك برس-الأناضول
قال السفير التركي في لبنان، هاقان تشاقيل، إن الشعب اللبناني يشعر بامتنان شديد، ولديه تقدير كبير، لما أرسلته أنقرة من مساعدات، منذ الانفجار الهائل في ميناء بيروت، يوم 4 أغسطس/آب الجاري، والذي وقع والبلد العربي يمر بمرحلة اقتصادية صعبة للغاية.
وأضاف تشاقيل، في مقابلة مع وكالة الأناضول، أنه "وفقا لتصريحات الخبراء فإن هذا الانفجار هو أحد الانفجارات القليلة القوية منذ الحرب العالمية الثانية (1939: 1945)."
وتفيد تقديرات رسمية أولية بأن ما حدث ناتج عن انفجار 2750 طنا من مادة "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار كانت مُصادرة ومُخزنة في أحد عنابر المرفأ منذ عام 2014.
وتابع تشاقيل أن مقر السفارة التركية على بعد كيلومتر ونصف تقريبا من موقع الانفجار، وبعد سماعه صافرات الإنذار الخاصة بسيارات الإطفاء شاهد ميناء بيروت من السفارة وشاهد لحظة الانفجار.
ولفت إلى الخوف والرعب الكبيرين، اللذين انتابا الشعب اللبناني عقب الانفجار الهائل.. أكثر من مئتي شخص لقوا حتفهم، فيما جُرح آلاف آخرون.
** اتصالات الرئيس أردوغان
قال تشاقيل إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اتصل هاتفيا عقب الانفجار بساعات بمسؤولين لبنانيين، وأعرب لهم عن خالص التعازي، وأكد وقوف تركيا بجانب لبنان في كافة النواحي، وخاصة مداواة الجرحى.
وأردف: "قبل مرور 24 ساعة من الانفجار، حضرت فرق رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ ووزارة الصحة وفرق الهلال الأحمر التركي إلى بيروت، وشاركوا في أنشطة البحث والإنقاذ وغيرها".
واستطرد: "تحدث وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، ووزير الداخلية سليمان صويلو، ووزير الصحة فخر الدين قوجة، مع نظرائهم اللبنانيين وتبادلوا الآراء حول ما يمكن فعله".
وأفاد بأن "تركيا قامت، في ثلاثة أيام متتالية هي 5 و6 و7 أغسطس، بإرسال ثلاث طائرات عسكرية محملة بأطنان من الإمدادات الطبية إلى لبنان للمساعدة"
** تقدير لفرق رئاسة إدارة الكوارث
قال تشاقيل إن فريق رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ تولى جزءا من المنطقة التي وقع فيها الانفجار قبل مرور يوم واحد عليه، وباشر أعمال البحث والإنقاذ فيها.
وأضاف: "حاز الفريق على تقدير الجميع بسبب احترافيته. وتم تقسيم منطقة الانفجار إلى ثلاثة أقسام، أحدها خُصص لتركيا، والثاني لفرنسا، والثالث لفرق من روسيا".
وأوضح أن مؤسسات العون والمساعدات التركية، مثل جمعية صدقة طاشي ووقف المساعدات الإنسانية İHH، وجمعية دنيز فنري، كثفت من مساعداتها الإنسانية في لبنان.
وشدد على وقوف تركيا بجانب الشعب اللبناني منذ اليوم الأول للانفجار، إضافة إلى أن قدوم وفد تركي يتقدمه نائب رئيس الجمهورية، فؤاد أوقطاي، ووزير الخارجية تشاووش أوغلو، بعد أيام قليلة إلى بيروت، قد لاقى صدى إيجابيا للغاية لدى الرأي العام اللبناني.
واستطرد: "الشعب اللبناني يشعر بالامتنان الشديد بسبب المساعدات التي أرسلتها تركيا. ونهج تركيا في لبنان يضم الجميع. لا نرى أمامنا سوى لبنان، ولا نميز بين مسلم ومسيحي، ولا يهمنا اختلاف الدين أو الطائفة. وأولينا اهتماما كبيرا لهذا أثناء توزيع المساعدات التركية".
** ترميم الجامع والكنيسة
قال تشاقيل إنه قام، بتعليمات من وزير الخارجية خلال زيارته بيروت، بزيارة مسجد محمد الأمين، الواقع بجوار قبر رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري (1944: 2005)، والكنيسة التاريخية المجاورة له مباشرة (كاتدرائية مار جرجس)، والتي تحمل أهمية كبيرة بالنسبة للمسيحيين الموارنة.
وبيّن أن المكانين الدينيين تعرضا لأضرار بسبب الانفجار، وتركيا أبلغت المسؤولين اللبنانيين باستعدادها لمعالجة هذه الأضرار.
وأكد أن تركيا تقف بجوار الشعب اللبناني وستظل، وأن المساعدات التركية لاقت تقديرا كبيرا لدى المجتمع والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي في لبنان.
** مرحلة اقتصادية صعبة
أشار تشاقيل إلى أن لبنان يمر بإحدى أكبر الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه، ولهذا استمرت التظاهرات المناهضة للحكومة على فترات متفاوتة، منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وتابع: وقع الانفجار في وقت يمر فيه لبنان بمرحلة اقتصادية صعبة. ويقع الميناء على بعد كيلومتر ونصف من المركز، الذي يُعتبر واجهة بيروت. وقامت الحكومات اللبنانية بالكثير من الاستثمارات في هذا المركز خلال السنوات الماضية.
وأشار تشاقيل إلى وجود فنادق ومقاهٍ ومطاعم وأماكن ترفيهية قرب الميناء، وأوضح أن الاقتصاد اللبناني يعتمد على القطاع المالي وقطاع الخدمات.
وزاد بأن القطاع المالي يمر بأزمة خطيرة جدا منذ 8 إلى 9 أشهر، وقطاع الخدمات تأثر أيضا بهذه الأزمة.
وأضاف: "عندما وقع هذا الانفجار الضخم، تعرضت العديد من الفنادق والمقاهي والمطاعم وسط المدينة لأضرار بالغة. وسيستغرق إعادة فتح بعضها وقتا طويلا، وربما لن يُفتح بعضها مرة أخرى أبدا. وتم الآن إغلاق الفنادق الخمس نجوم المشهورة وسط المدينة؛ لأنها تعرضت لأضرار بالغة".
واستطرد: "أصبح من يعملون في هذه الفنادق والشركات عاطلين عن العمل. قبل الانفجار كان يوجد معدل بطالة مرتفع بلغ 35%. ومن المتوقع الآن أن تزداد البطالة بشكل أكبر".
وأكد تشاقيل أن الأزمة المالية أثرت بشكل كبير على الشعب، والانفجار سيعمق الأزمة الاقتصادية ويزيد من معدل البطالة.
ولفت إلى أن أحد مظاهر هذه الأزمة الاقتصادية المتفاقمة هو إعلان الحكومة، برئاسة حسان دياب، استقالتها في 10 أغسطس الجاري، إثر احتجاجات بعد أيام من الانفجار.
** المستشفى التركي بصيدا
قال تشاقيل إن السلطات اللبنانية راضية بشدة عن السياسة التي اتبعتها تركيا عقب الانفجار، وتطرق إلى المستشفى التركي للحروق في مدينة صيدا جنوبي لبنان.
وتابع: "تم بناء المستشفى التركي في صيدا من جانب الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) عام 2010، وزُود بأحدث المعدات والأجهزة حينذاك، وتم تسليمه للحكومة اللبنانية، لكن المستشفى مغلق منذ ذلك لأسباب متعددة. وبعض المصابين في الانفجار كانوا يعانون من حروق، ولو كان المستشفى في الخدمة لأمكن علاجهم".
وأفاد تشاقيل بأن أربع مستشفيات في بيروت أصيبت بأضرار بالغة جراء الانفجار، ومن ثم خرجت عن الخدمة، والمستشفى التركي بصيدا كان سيغطي فجوة صحية كبيرة لو كان في الخدمة آنذاك.
وأوضح أن المستشفى التركي، على بعد 70 كم جنوب بيروت، يضم 100 سرير، ويمكن أن يرتفع بكامل طاقته إلى 150.. وجاء وفد صحي (تركي) إلى لبنان، بتعليمات من الرئيس أردوغان، والتقى وزير الصحة اللبناني، حمد حسن، وأجرى زيارة تفقدية للمستشفى.
وأشار إلى أن المفاوضات مع السلطات اللبنانية بخصوص افتتاح المستشفى كانت مثمرة للغاية، والمسؤولون اللبنانييون يرغبون بافتتاحه بشكل عاجل.
وتابع: في حال سير الأمور بشكل طبيعي سيأتي من تركيا وفد فني ضمن مجهودات فتح المستشفى.
وأوضح أنه "تم التوقيع على خطة عمل بين مسؤولي الدولتين، خلال زيارة نائب رئيس مجلس السياسات الصحية والغذائية، البروفيسور سركان طوبال أوغلو، الذي تم تعيينه كممثل خاص من الرئيس أردوغان، لتجهيز المستشفى التركي في صيدا لاستقبال المرضى".
وختم تشاقيل بأنه "في إطار خطة العمل هذه، تم وضع جدول عمل، ومن المخطط افتتاح المستشفى في أقرب وقت ممكن، وذلك بعد تلافي أوجه القصور الموجودة به خلال فترة تتراوح من 15 يوما إلى ثلاثة أشهر".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!