ترك برس
تتجه الأنظار في الوقت الراهن إلى قمة قادة الاتحاد الأوروبي، وعمّا إذا ستسفر عن عقوبات ضد تركيا بسبب خلافها مع اليونان وأنشطة التنقيب التي تقوم بها شرقي البحر المتوسط.
وكان من المقرر عقد القمة المذكورة، يومي 24 – 25 سبتمبر/أيلول الجاري، إلا أنه تم تأجيلها إلى الأول والثاني من الشهر المقبل، لإصابة أحد حراس مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بفيروس كورونا.
وتراهن بعض دول الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها اليونان، على فرض عقوبات ضد تركيا، بغية حملها على تقديم تنازلات في نزاع الغاز مع أثينا وقبرص بمنطقة شرق المتوسط.
وفي حين تبرز تقديرات باحتمال إعلان عقوبات على تركيا استجابة للرغبة اليونانية، وسط تفسيرات باعتبار قرار أنقرة الأخير سحب سفينة "عروج ريس" للشاطئ كمناورة لتخفيف توجهات العقوبات ضدها، ترى أطراف أوروبية أخرى أن سحب السفينة بمثابة "بادرة حسن نية" قبيل القمة، بحسب تقرير نشرته "الجزيرة نت."
وكان مسؤولون أوروبيون تحدثوا عن ضرورة انتهاج سياسة "العصا والجزرة" مع تركيا حيال أزمة شرق المتوسط، وهو الطرح الذي رفضته الأخيرة بشدة، مؤكدة أنها ليست من نوع الدول التي يمكن أن تُعامل بهذا الشكل.
وقد وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا اجتماعا في برلين نهاية أغسطس/آب الماضي على طلب قبرص مناقشة فرض عقوبات على تركيا بسبب دورها في عمليات التنقيب التي تجريها في مساحات مائية تطالب بها قبرص.
وجاء التلويح الأوروبي بالعقوبات الجديدة على لسان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي قال لوكالة رويترز "هناك احتمال فرض عقوبات جديدة على تركيا، ما لم يتمّ تحقيق تقدّم باتجاه خفض التوتر مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط، وإنّ التكتل يرغب بمنح الحوار فرصة جدية".
وتشمل قائمة العقوبات التي يملك الاتحاد الأوروبي فرضها على تركيا:
* السفن أو غيرها من الأصول المستخدمة في عمليات التنقيب.
* حظر استخدام موانئ ومعدات الاتحاد الأوروبي.
* فرض قيود على البنى التحتية المالية والاقتصادية المرتبطة بهذه الأنشطة (التنقيب التركي عن الغاز في المناطق البحرية التابعة لليونان.)
* إضافة إلى عقوبات ضد قطاعات في الاقتصاد التركي والبنوك الممولة للمؤسسات المشاركة في التنقيب.
يذكر أن قرارات فرض العقوبات تحتاج إلى إجماع دول الاتحاد، ويعني هذا أن أي دولة يمكنها منفردة أن تعطل القرار.
ورغم عدم صدور تصريحات من قادة في الاتحاد بشأن العقوبات، فإن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوسيب بوريل ألمح إلى أن العقوبات لن تقتصر على أشخاص، وإنما ستمتد إلى الشركات المساهمة في التنقيب عن الغاز، أي سفن الحفر والبحث التي تعمل لصالح تركيا، بحيث يجري إغلاق الموانئ الأوروبية في وجهها وحرمانها من قطع الغيار، وفي المرحلة التالية من التصعيد يمكن التفكير بفرض عقوبات ضد قطاعات اقتصادية بأكملها، كما لفت بوريل.
واستبعد القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم رسول طوسون فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جدية على تركيا، لا سيما أن قادة الاتحاد الأوروبي ليسوا متفقين حول هذه القضية.
وقال طوسون "بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يوقف التبادلات التجارية معنا وأن يمنع وصول السياح الأوروبيين إلى بلادنا، لكن في المقابل، الاتحاد يعلم أننا نملك أدوات تزعجهم جداً."
وذكرت وسائل إعلام تركية أنه في الوقت الحالي، وبالنظر لكافة القضايا الاقتصادية وملف اللاجئين وغيرها بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، فإنه من غير الواقعي أن يأخذ الاتحاد قرارا بوقف المفاوضات وفرض عقوبات مؤثرة، مشيرة إلى أن عقوبات اقتصادية متعلقة بسفينة "عروج ريس" هي المطروحة على طاولة الاتحاد.
ولفتت إلى أنه إذا لم تحدث أي أحداث سلبية تزيد من حدة التوتر بين أثينا وأنقرة في شرق المتوسط، فإن الاتحاد الأوروبي سيذهب للبحث عن حل وسط، لتخفيف النزاع.
ويرى مراقبون أتراك أن الاتحاد الأوروبي لن يفرض عقوبات قاسية على تركيا، وأنه غير معني بإغلاق قنوات الحوار معها.
وحسب الدبلوماسي التركي السابق سنان أولغن فإن الأتراك مجمعون على نقطة واحدة وهي أن العقوبات الأوروبية التي سيتم النظر فيها لن تكون مجدية، لأنها "إن كانت ثقيلة فلن تجد التأييد المطلوب لأن القرارات تتخذ بالإجماع، وإن كانت خفيفة فلن تؤثر على تركيا".
وزاد "العقوبات الخفيفة، لن تؤدي إلا إلى تعزيز التصور بأن أوروبا ضد تركيا، مما سيقوي الالتفاف حول الحكومة التركية وتشجيع سياستها التي انتهجتها بداية الصراع".
وفي السياق؛ يرى الكاتب الصحفي التركي ياسين قوفانتش أنه بموجب هذه العقوبات يمكن أن يحد الاتحاد الأوروبي من نطاق الاتحاد الجمركي الذي يمكّن تركيا والاتحاد الأوروبي من تبادل السلع دون رسوم جمركية تقريباً، كما يمكن أيضاً الإعلان رسمياً عن إنهاء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، فمسألتا الاتحاد الجمركي ومفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي هما أهم ورقتي ضغط دبلوماسيتين بيد الاتحاد الأوروبي.
وقال قوفانتش: "كذلك فإن وسيلتي الضغط هاتين لن تغيرا من طريقة تفكير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
ويرى أن الاتحاد الأوروبي بات في مأزق، فهو "لا يمكنه فرض عقوبات إلا بإجماع كل الأعضاء، وهذا يعني أن العقوبات الموضعية على أشخاص أو شركات لن يكون لها تأثير يذكر".
هذا وشهد التوتر التركي اليوناني، تراجعاً مؤخراً إثر وساطات من قبل حلف "ناتو" وألمانيا، أسفرت عن عقد مباحثات تقنية بين مسؤولي أنقرة وأثينا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!