ترك برس
تسبب انتشار وباء كورونا في انكماش اقتصادات بلدان العالم، وتدهورت أعمال أصحاب بعض المهن، بسبب تدابير مكافحة الفيروس، والحجر الصحي.
وللتخفيف من آثار كورونا على أعمالهم، لجأ بعض الأتراك لطرق ابتكروها في سعي منهم لعدم خسارة مصدر رزقهم أو مشروع أسسوا له منذ سنوات، حيث عمدوا إلى التكيف مع الواقع الجديد، الذي فرضته الجائحة على مختلف القطاعات، ومحاولة التخلص من كل أو بعض المصروفات المترتبة على أصحاب الأعمال.
وأبرز الأعمال التي انتشرت بكثرة في مدينة إسطنبول، في أعقاب وباء كورونا، هو العمل في الأسواق الشعبية المعروفة تركياً بـ"البازار".
من بين من لجأوا إلى هذه الطريقة، رشيد غوكلو الذي يجلب مع ساعات الصباح الأولى ثلاجة كبيرة يعبئها بأنواع من الأجبان، يضعها إلى جانب مواد غذائية أخرى مثل زيت الزيتون والخل ودبس الرمان والمربى، ليعرضها على مساحة مترين يستأجرها ضمن إحدى الأسواق الشعبية المنتشرة بجميع مدن تركيا.
ويقول غوكلو "أعمل في البازارات الأسبوعية منذ حوالي 5 أشهر بعد أن قمت بتسليم المحل، الذي أستأجره للتخلص مما يترتب علي شهريا من إيجار مرتفع وضرائب وتكاليف المياه والكهرباء"، وفقاً لما نقلته "الجزيرة نت."
وأضاف "حاليا أحجز مكانا في بازارين يومي الجمعة والسبت بمنطقتين قريبتين من منزلي، وأقوم ببيع المنتجات التي أجلبها من ولاية هطاي (جنوب)، وألقى إقبالا كبيرا من الزبائن يفوق حتى ما كان عليه الأمر في محلي السابق، وأجني في يومين أكثر مما كنت أجنيه بعملي طوال الأسبوع".
وعن تكلفة حجز المكان الذي تحدث عنه لعرض بضائعه أوضح غوكلو أنها تكلفة تعد رمزية لا تتجاوز 100 ليرة (حوالي 12 دولارا) باليوم الواحد، ولا يترتب عليه أي تكاليف أخرى كأجور للكهرباء التي يستعملها أو غيرها.
(مشهد من سوق شعبي "بازار" في أحد أحياء إسطنبول)
ومن بين الطرق البديلة لتخفيف آثار كورونا، هي الاندماج، وهو ما قام به التركي محمود أتيلا، صاحب مصبغة لتنظيف الملابس.
وقبل 5 أشهر لجأ أتيلا إلى تسليم محله، الذي كان يستأجره، ويكلفه شهريا حوالي 15 ألف ليرة (نحو ألفي دولار) ما بين إيجار وضرائب وتكاليف كهرباء ومياه، وقرر أن يتشارك مع جاره مكان عمله مقابل تحمله نصيبه من الإيجار وباقي الفواتير.
يقول أتيلا إنه "مع بدء أزمة كورونا وتكرار الإغلاقات الاحترازية بدأت الأرباح بالتراجع بشكل حاد ما جعلني أفكر بحل سريع قبل أن أفقد كل ما أملك، أو أفقد عملي بشكل نهائي".
ويضيف "الحل الذي توصلت إليه كان إغلاق محلي، وتسليمه لصاحبه، والاتفاق مع جاري الخياط على تشارك مكان العمل معه، وبالفعل وافق، ونقلت معداتي لمحله، وأقوم بتقاسم الإيجار وباقي التكاليف معه، وبذلك وفرت أكثر من 50% مما كنت أدفعه".
وفي ابتكار آخر للتكيّف مع ظروف الوباء، أوضح مراد شاطال صاحب محل لبيع الحلويات، أن محله كان يضم عددا كبيرا من الطاولات والكراسي لاستقبال الزبائن؛ إلا أنه قام بفصل جزء منه وتأجيره بعد أن أصبح فائضا عن حاجته، وليعينه الإيجار على الاستمرار في عمله المتضرر.
يقول شاطال "سابقا كانت الأرباح جيدة والمحل لا يفرغ من الزبائن؛ لكن بعد كورونا والواقع الجديد المفروض على المطاعم والمقاهي من تباعد اجتماعي، وتقليل عدد الزبائن، بدأت الأرباح بالتراجع والتكاليف بقيت نفسها، فكان لا بد من التفكير بحلول للأمر، فلجأت إلى تأجير جزء من محلي لشخص قام بافتتاح محل للبقالة فيه، ويضيف أنه يأمل بافتتاح محله بشكل كامل مثل السابق مع زوال جائحة كورونا.
كما نال الأتراك نصيبهم بشكل واسع من التجارة الإلكترونية خلال مرحلة انتشار الوباء.
وفي هذا الإطار، يقول خليل أوزتورك صاحب محل لبيع المواد الغذائية، إنه كان يعتمد قبيل كورونا على تسويق بعض بضائع محله على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعد الجائحة قرر أن يقتصر عمله على هذا الأمر.
يقول أوزتورك "خصصت غرفة في منزلي لوضع البضائع بعد جلبها من التجار، الذين كنت أتعامل معهم في محلي قبل إغلاقه، وأقوم بتصوير المواد المختلفة، ووضع أسعارها، وأستقبل الطلبات من الزبائن على مدار اليوم، ويقوم شاب يعمل معي بتوصيلها على دراجة نارية".
وحول مدى رضاه عن عمله الحالي، يوضح أوزتورك "العمل اختلف عموما، فالمبيعات أصبحت أقل، وكذلك الأرباح؛ لكن أيضا تخلصت من معظم المصاريف من إيجار وفواتير وضرائب، وكما يقال شيء أفضل من لا شيء".
وبحسب خبراء اقتصاد، فإن وباء كورونا كان لها أثر سلبي على معظم قطاعات الأعمال خاصة السياحة والتجارة المتعلقة بأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ لكن على الوجه الآخر فتحت بعض الآفاق بخصوص التجارة الإلكترونية، ووظائف توصيل الطلبات، وبعض الوظائف الأخرى المشابهة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!