مونيتور - التقرير
هناك اعتقاد شائع أنّ تركيا ستستفيد من رفع الحظر عن إيران كجزء من الاتفاق النووي. كانت صادرات تركيا إلى إيران مقيّدة بشدة بسبب العقوبات المفروضة على إيران. وتحاول كلا البلدين الآن إحياء حجم تبادلهما التجاري. ويأمل الوزراء الستة الذين رافقوا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارته إلى طهران، يوم 7 من أبريل، في تعزيز التجارة التركية؛ في ظل توقيع أردوغان على سلسلة من الاتفاقيات بشأن التعليم والصحة والبيئة.
وقال رضا إسر، رئيس مجلس الأعمال الإيراني التركي، إنّ التجارة في عام 2014 بلغت 13.7 مليار دولار، وقد ترتفع إلى 30 مليار دولار في غضون عامين.
إحدى القضايا الرئيسة التي تمت مناقشتها خلال الزيارة هي الواردات التركية للغاز الطبيعي من إيران. أشار أردوغان إلى أن الغاز الطبيعي الإيراني هو أغلى منتج تشتريه تركيا، مضيفًا: “إذا أخفضوا السعر؛ يمكننا أن نزيد كمية الغاز الطبيعي الذي نشتريه من إيران“.
الغاز الطبيعي هو السلعة الرئيسة للتجارة بين البلدين. تشتري تركيا 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الإيراني كل عام. ولكن تركيا التي سعت إلى التحكيم الدولي بسبب ارتفاع أسعار الغاز، تطالب بتخفيض الأسعار بنسبة 25 %. وقال وزير الطاقة التركي، تانر يلدز، إنّه من المرجح الانتهاء من النزاع الذي تنظره محكمة التحكيم الدولية في شهر مايو عام 2015، وإنّ تركيا تتوقع عرضًا جديدًا من إيران.
حدّدت إيران سعر 487 دولارًا لكل 1000 متر مكعب من الغاز الطبيعي. وتدفع تركيا 418 دولارًا لنفس الكمية من الغاز إلى روسيا، التي أعلنت عن خصم آخر بنسبة 6 %.
وهناك تطورات هامة أيضًا في المستقبل القريب. عُقدت مناقشات بشأن نقل الغاز الطبيعي الإيراني إلى أوروبا من خلال مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول، والذي سيمر عبر تركيا. وربما تفكر إيران في الانضمام لهذا المشروع، الذي تملكه أذربيجان وتركيا وشركة النفط بريتيش بتروليوم. وقال رئيس شركة “سوكار” الأذربيجانية، التي تمتلك 58 % من أسهم المشروع: “إذا قدّموا عرضًا مناسبًا؛ سنفكر في بيع الأسهم لإيران. فهم ليس لديهم خيار آخر سوى مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا”.
الانضمام لهذا المشروع يعني زيادة في الإنتاج الإيراني؛ حيث تبحث الدول الأوروبية، التي تعاني أزمة مع روسيا، عن مصادر جديدة للغاز الطبيعي. ووفقًا لسجلات وزارة الخارجية التركية، بعد روسيا، تمتلك إيران ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي، بنسبة 17 %. لكنها يمكن أن تعمل فقط بنسبة 48 % من هذا الاحتياطي.
بدأ بناء مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول في الشهر الماضي على مساحة 1850 كيلومترًا (1149 ميلًا)، وسيحمل الغاز من حقول شاه دينيز في أذربيجان إلى أوروبا. وسيتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع بحلول يونيو عام 2018، بقدرة سنوية تصل إلى 16 مليار متر مكعب، ومن المقرر أن تصل إلى 31 مليار متر مكعب.
تشتري تركيا أيضًا النفط الخام من إيران، التي تمتلك 10 % من احتياطيات النفط العالمية. تلبي إيران 51 % من طلب النفط في تركيا، ولكن تغيّرت أنماط الاستيراد مع العقوبات والضغوط الأمريكية على تركيا للحد من مشتريات النفط من إيران وبداية تدفق النفط من شمال العراق إلى ميناء جيهان التركي. انخفضت الواردات من إيران إلى 28.5 % من مشتريات النفط التركية، في حين ارتفع حجم النفط المستورد من العراق ووصل إلى 32 % من 10 %؛ مما يجعل شمال العراق المورد الرئيس للنفط في تركيا.
أعلنت وزارة الاقتصاد التركية أنّ إيران هي “البلد المستهدف لزيادة حجم التجارة“. في عام 2012، عندما فُرض الحظر التجاري مع إيران؛ وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 21 مليار دولار، 9.9 مليارات دولار في الصادرات و11.9 مليار دولار في الواردات.
بدأت صادرات تركيا إلى إيران في الانخفاض بعد عام 2012، وانخفضت إلى 4.19 مليارات دولار، ثم 3.88 مليارات دولار في عام 2014. ولم تتغير واردات الغاز الطبيعي والنفط كثيرًا: كانت 10 مليارات دولار في 2013 و9 مليارات دولار في عام 2014.
ماذا يمكن أن تبيع تركيا لإيران؟
رصدت وزارة الاقتصاد التركية التغيرات التي طرأت على الاقتصاد الإيراني، وحدّدت القطاعات التركية التي من المحتمل أن تُصدّر إلى إيران. وحدّدت الوزارة أن تكون الصادرات المحتملة من قطاعات السياحة والطاقة والبنوك والبتروكيماويات والاتصالات، إضافة إلى قطاعات السيارات والنقل. وأضافت الوزارة أنّ هناك “فرصًا لبناء المطارات والطرق السريعة والفنادق“، إلى جانب “الشحن البحري في بحر قزوين والبحر الأسود“.
ووفقًا للوزارة، يوجد ما يقرب من 100 شركة تركية نشطة في طهران. وفي مدينة تبريز، يوجد 38 شركة استثمارية تركية تنشط في منطقة الاستثمارات الأجنبية الوحيدة في البلاد. من سكان إيران، هناك 40 % من الأذريين من أصل تركي. وتُشاهد البرامج التليفزيونية التركية على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد؛ وهذا يعني أنّ شريحة واسعة من السكان يتحدثون اللغة التركية ولديهم اهتمام بالمنتجات التركية.
وتساعد اتفاقية التجارة التفضيلية الحالية في توسيع حجم التبادل التجاري مع إيران، ومن ثم؛ ارتفاع في مبيعات السلع والمواد الكيميائية ومنتجات السيارات ومنتجات الحديد والصلب.
تريد تركيا أن تكون إيران منفذها لدول المنطقة؛ فهي تُصدر منتجاتها إلى الشرق الأوسط ودول الخليج عبر سوريا، ولكنها خسرت هذا الطريق بسبب الحرب في سوريا. وأعلنت مصر أنها ستلغي الاتفاقية مع تركيا، المعروفة باسم اتفاقية “الرورو”، والتي تسمح بعمليات نقل السفن والنقل البري. وبالتالي؛ تبقى إيران الخيار الوحيد لتركيا للوصول إلى أسواق الشرق الأوسط. قال جيتين نوجلو، رئيس رابطة “اتحاد النقل الدولي” التركية، إنّه: “تم الانتهاء من الاتفاقات مع إيران. وبعد 22 من أبريل سنجري عمليات الشحن من خلال هذا البلد“.
رفع الحظر، والترابط بين إيران وتركيا، والشعب التركي في إيران؛ كل ذلك يمكن أن يلعب دورًا رئيسًا في تعزيز التجارة. ولكن كلا البلدين لديه طموحات للقيادة الإقليمية. تعترض تركيا على سياسات إيران في اليمن وسوريا والعراق. وبالإضافة إلى ذلك، أثار أردوغان غضب إيران عندما انحاز إلى الجانب السعودي في الصراع داخل اليمن. وعلى هذا النحو، لا يمكننا تجاهل احتمال أن تقوّض هذه القضايا العلاقات التجارية بين البلدين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!