ترك برس-الأناضول
حافظ حزب العدالة والتنمية، الذي تأسس عام 2001 تحت قيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على موقع متميز في تاريخ الجمهورية السياسي، من خلال استمراره في السلطة 18 عامًا منذ انتخابات 2002.
في ديسمبر/ كانون الأول 2019، نشر الحزب فيلما ترويجيا ضمن الأعمال التحضيرية لمؤتمره العام السابع، تضمن خطابا لأردوغان شدد فيه على مواصلة "مسيرة النضال لتحقيق غد مشرق للأمة التركية".
آنذاك قال الرئيس التركي إن "إنجازات الأمس هي مشاعل النور التي تنير دروب الغد. نحن ننظر إلى الأهداف بعيدة المدى ونعمل بحب وكجسد واحد لتحقيقها".
عام 1999، كان مقدمة لقصة نجاحٍ واستمراريته، بعد حُكم على أردوغان بالسجن لمدة 10 أشهر وحظر أنشطته السياسية، لقراءته قصيدة للمفكر التركي "ضياء كوك آلب" بعنوان "دعاء الجند"، في مدينة سعرت التركية (جنوب شرق) عندما كان رئيسًا لبلدية إسطنبول، وقضاها في سجن "بينار حصار" بولاية "قرقلر إيلي" شمال غرب البلاد.
جال أردوغان جميع المحافظات والنواحي والقرى التركية على رأس وفد من "حركة الفضيلة" التي دخلت في 14 أغسطس/آب 2001، المشهد السياسي في تركيا باسم "حزب العدالة والتنمية"، وأجرى لقاءات مع المواطنين واستمع إلى مشاكلهم.
- الاختبار الأول
حصل الحزب أولا على 34.28 بالمائة من الأصوات في الانتخابات العامة التي شهدتها تركيا في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، وحصل على الأغلبية لتشكيل حكومة بمفرده.
لكن أردوغان لم يستطع الترشح لمنصب رئيس الوزراء بسبب الحظر السياسي، والذي رُفع بعد تعديل حكومة عبد الله غول، للمادة 312 من قانون العقوبات التركي.
وبعد انتخاب أردوغان نائباً بالبرلمان في انتخابات التجديد التي أجريت في سعرت في 8 مارس/ آذار 2003، استقالت حكومة غول، وكلف الرئيس أحمد نجدت سيزر، أردوغان بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة.
وفي 15 مارس/آذار 2003، أسس أردوغان الحكومة الـ 59 في تاريخ الجمهورية التركية، والثانية في مسيرة حزب العدالة والتنمية واستمر في منصب رئيس الوزراء حتى عام 2014.
شكل الحزب، الحكومة بمفرده بعد أول انتخابات عامة يخوضها خلال مسيرته السياسية، وأتبع ذلك بفوزه في الانتخابات المحلية عام 2004 بنسبة 41.7 في المئة، وهكذا فاز برئاسة 1950 بلدية في عموم البلاد.
- رئيس جمهورية من العدالة والتنمية
حصل الحزب على 46.58 في المئة من الأصوات في الانتخابات العامة عام 2007، وتمكن من تعزيز سلطته والحصول على نواب من 80 ولاية، أي جميع الولايات التركية باستثناء "تونج ايلي" (شرق)، وعند انتهاء ولاية الرئيس سيزر، ترشح عبدالله غول للرئاسة.
وفي 27 أبريل 2007، أصدر الجيش التركي بيانا أكّد فيه أنه "حامي العلمانية" في البلاد، وفي المقابل حذر العدالة والتنمية، الجيش، من التدخل في السياسة، وطالبه بالبقاء تحت إمرة القيادة.
جرت هذه التطورات قبل 28 أغسطس/ آب 2007 بعد تصويت البرلمان لصالح انتخاب غول أحد مؤسسي الحزب، لمنصب الرئيس الحادي عشر للجمهورية.
فاز الحزب بالمركز الأول بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات المحلية لعام 2009، وأدلى 57.88 في المئة من المصوتين على استفتاء يتعلق بإدخال تعديلات على دستور عام 1982، بأصواتهم لصالح "العدالة والتنمية" في 2010.
وتمكن خلال الانتخابات اللاحقة من زيادة قاعدته الشعبية، والحصول على 49.53 بالمئة من الأصوات في الانتخابات العامة لعام 2011 وشكل الحكومة الـ 61.
كما خاض امتحانه الانتخابي الأخير في الدورة الأولى لرئاسة أردوغان، وذلك من خلال خوضه انتخابات الإدارات المحلية لعام 2014، والتي حصل فيها على 45.60 في المائة من الأصوات.
- عهد جديد
جرى انتخاب أردوغان رئيسًا للجمهورية في انتخابات 10 أغسطس/ آب 2014 عبر انتخابات مباشرة من قبل الشعب، ونال 52 في المئة من أصوات الناخبين ليصبح الرئيس الـ 12، والأول الذي يجري انتخابه من قبل الشعب مباشرة.
وبعد انتخابه، واصل حزب العدالة والتنمية مشواره برئاسة النائب عنه في البرلمان أحمد داود أوغلو، وقبل انتهاء السنة الأولى من ولايته خاض الحزب الانتخابات العامة وفاز بتشكيل حكومة بمفرده عقب الانتخابات المبكرة التي أجريت في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
ومع تولي بن علي يلدريم منصب رئيس الوزراء، تحول "العدالة والتنمية" بعد 15 عامًا على تأسيسه إلى حزب سياسي عريق قدم لتركيا رئيسي جمهورية و4 رؤساء وزراء.
- التدخلات في العملية الديمقراطية
على الرغم من أن الحزب نجح في دخول قلوب المواطنين من خلال الإنجازات التي حققها في البنية التحتية وتعزيز الديمقراطية، فإنه مر أيضًا ببعض الأوقات العصيبة خلال فترة حكمه.
وتمكن حزب العدالة والتنمية الذي تعرض لقضية الإغلاق وتحركات مراكز الوصاية ومحاولات انقلابية، من الحفاظ على دعم القاعدة الشعبية التي ساندته بقوة خلال مسيرته السياسية.
وتعرض في 17 مايو/ أيار 2006 لهجوم مسلح نفذه "ألب أرسلان أرسلان" في مبنى مجلس الدولة، وقتل في الهجوم عضو مجلس الدولة مصطفى يوجل أوزبيلكين، وأصيب 4 أعضاء آخرين بجروح.
ومن الأوقات العصيبة أيضا، عندما بدأت تركيا عام 2007 بمناقشة مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفًا للرئيس سيزر المنتهية ولايته.
وبينما كان من المتوقع أن يتم حل القضية وفق القوانين النافذة عبر تصويت برلماني، جرى تنظيم "مظاهرات لدعم الجمهورية" في عدة مدن، خاصة في أنقرة واسطنبول، بدعم من قبل الدوائر، للحيلولة دون انتخاب مرشح الحزب.
- أزمة جديدة في البرلمان: 367
وعندما كان أردوغان رئيس وزراء آنذاك، أعلن أن حزبه رشح غول لمنصب الرئيس، وتمكن الأخير من الفوز بأصوات 357 نائباً، ضمن تصويت جرى في 27 أبريل/ نيسان 2007. لكنه لم يحقق العدد المطلوب في الجولة الأولى وهو 367.
تقدم حزب "الشعب الجمهوري" إلى المحكمة الدستورية بطلب لإلغاء الجولة الأولى من التصويت في البرلمان، وبدورها، وافقت على الطلب ما جعل تركيا تقف على شفا أزمة جديدة.
وانتخب البرلمان في الجولة الثانية والثالثة التي انعقدت في 27 – 28 أغسطس/ آب 2007 مرشح حزب العدالة والتنمية رئيسًا للجمهورية، رغم جميع العقبات التي ساقتها المحكمة الدستورية.
- المطالبة بإغلاق الحزب
تم رفع دعوى قضائية لإغلاق "العدالة والتنمية"، الأمر الذي لقى استنكارًا شعبيًا واسع النطاق وزاد من شعبية الحزب،
وفي لائحة الاتهام التي أعدها المدعي العام السابق للمحكمة العليا عبد الرحمن يالجينقايا وجرى تقديمها إلى المحكمة الدستورية في 14 مارس/ آذار 2008، تمت المطالبة بمنع 71 شخصًا، بمن فيهم أردوغان وغول، من ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات وإغلاق الحزب.
قبلت المحكمة الدستورية لائحة الاتهام في 31 مارس/ آذار 2008. وتم الفصل في القضية في 30 يوليو/ تموز 2008. لكن 5 أعضاء في المحكمة عارضوا إغلاقه فيما صوت 6 أعضاء بنعم، وبالتالي، تم رفض الطلب بسبب غياب الأغلبية.
- أزمة 7 فبراير ووكالة الاستخبارات التركية
بدأت الأزمة بدعوى قضائية ضد ضباط في وكالة الاستخبارات، بمن فيهم مستشارها هاكان فيدان، رفعها المدعي العام في إسطنبول "صدر الدين صاريقايا" في 7 فبراير/ شباط 2012، وانتهت بتدخل السلطة السياسية لإنهاء الأزمة.
كشفت التحقيقات التي أجرتها الحكومة ضلوع منظمة "فتح الله غولن" بشكل مباشر في القضية، ما دفع الحكومة إلى إجراء تعديل قانوني "يحتم على السلطة القضائية أخذ ترخيص من رئاسة الوزراء في حال عزمها إجراء تحقيقات مع عناصر يتبعون وكالة الاستخبارات".
- أحداث "غزي بارك"
بدأت تلك الأحداث في 28 مايو/ أيار 2013، احتجاجًا على اقتلاع بعض الأشجار في حديقة غيزي لإعادة بناء ثكنات المدفعية في حديقة غيزي بميدان تقسيم من قبل بلدية اسطنبول.
ورغم الإعلان عن نقل الأشجار المقتلعة إلى أماكن أخرى، فإن ميدان تقسيم شهد تنظيم احتجاجات دفاعًا عن البيئة، امتدت إلى بعض الولايات التركية.
وتمكنت تركيا بفضل الموقف الحازم لرئيس الوزراء أردوغان، من إنهاء أعمال العنف بسبب الاحتجاجات، إلا أنها كلفت تركيا مبالغ كبيرة.
- تنظيم "فتح الله غولن" يجهز لمحاولة انقلابية
تحولت قضية التحقيق التي رفعها المدعي العام السابق والهارب إلى خارج تركيا جلال قره، في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2013، ضد بعض أبناء الوزراء ورجال الأعمال ومدراء المصارف إلى نقطة تحول.
ووقعت الموجة الثانية من التحقيقات في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، عندما أراد المدعي العام في إسطنبول معمر أق قاش، المنتمي لتنظيم "غولن" الإرهابي، استدعاء بلال رجب طيب أردوغان، للإدلاء بشهادته كمشتبه.
وبعد الفشل في الإطاحة بالحكومة من خلال المحاولات السابقة، حاول التنظيم الإرهابي ليلة 15 يوليو/ تموز 2016، تنفيذ انقلاب من خلال مشروع أكثر دموية عبر عناصر إرهابية تسللوا إلى داخل القوات المسلحة.
- استفتاء تاريخي
يتمتع الاستفتاء الذي أُجري في 16 أبريل/ نيسان 2017، بعلامة فارقة في تاريخ الديمقراطية التركية والتاريخ السياسي في هذا البلد.
بدأت العملية بتقديم اقتراح لإجراء تعديل دستوري وقعه نواب في حزب العدالة والتنمية، على رأسهم رئيس الوزراء بن علي يلدريم، إلى البرلمان، في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2016.
بعد التصويت على المواد تحت قبة البرلمان، وافق الرئيس أردوغان على مضمون قانون التعديلات الدستورية في 10 فبراير/ شباط 2017 وأرسله إلى رئاسة الوزراء لمتابعة إجراءات الاستفتاء.
وتضمنت التعديلات المشار إليها، تحويل الحكم من برلماني إلى رئاسي، وإلغاء البند الدستوري المتعلق بـ"استبعاد الرئيس المنتخب من حزبه".
ونال الاستفتاء موافقة الشعب بنسبة 51.41 بالمئة، مقابل رفض 48.59 بالمئة، ليعود أردوغان إلى رئاسة الحزب، كما قرر الشعب اعتماد نظام الحكم الرئاسي.
- فترة أردوغان الثانية في الحزب
عقد "العدالة والتنمية" مؤتمرًا عامًا استثنائيًا في 21 مايو/ أيار 2017، بعد عودة الرئيس أردوغان إلى الحزب وتوقيع إعلان العضوية.
وأعيد انتخابه رئيسا للحزب بعد فوزه بجميع الأصوات البالغ عددها 1414 في المؤتمر العام الاستثنائي الثالث، كما تم بن علي يلدريم نائبا لرئيس الحزب، لتبدأ فترة أردوغان الثانية في رئاسة العدالة والتنمية.
- أول رئيس في النظام الجديد
الحليف السياسي للحزب في المعارضة التركية، دولت باهجلي، رئيس حزب "الحركة القومية"، قدم مقترحًا لإجراء انتخابات مبكرة.
وفي تقييمه للموضوع مع حزبه، قال الرئيس أردوغان إنه عقب اجتماعه مع باهجلي، تم اتخاذ قرار إجراء انتخابات مبكرة على أن يتم إجراؤها في 24 يونيو/ حزيران 2018.
توجه المواطنون إلى صناديق الاقتراع في الموعد المحدد لإجراء أول انتخابات رئاسية وبرلمانية في ظل النظام الجديد، وأصبح الرئيس أردوغان أول رئيس لنظام الحكومة الرئاسية بحصوله على 52.38 في المئة من الأصوات.
وحصل "العدالة والتنمية" على 42.28 صوتًا متصدرًا جميع الأحزاب السياسية، كما حصل "تحالف الشعب"، الذي يضم حزبي "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" على 53.6 بالمئة من الأصوات.
وأدى أردوغان القسم في الجمعية الوطنية التركية (البرلمان) في 9 يوليو/ تموز 2018، وأعلن عن أعضاء أول حكومة في النظام الرئاسي، كما سمّى فؤاد أقطاي نائبا للرئيس.
- انتخابات 31 مارس/ آذار المحلية
خاض "تحالف الشعب" الانتخابات العامة للإدارات المحلية والتي جرى تنظيمها في 31 مارس/ آذار 2019، ونتيجة للمفاوضات بين الحزبين، تم تحديد الأسس والقواعد الناظمة للتحالف.
تمكن "العدالة والتنمية" من الظهور كأول حزب بنسبة 44.33 في المئة من الأصوات، وفاز "الشعب الجمهوري" برئاسة بلديتي أنقرة وإسطنبول.
وبناء على اعتراض "العدالة والتنمية" على نتائج بلدية اسطنبول، تم تجديد الانتخابات في 23 يونيو/ حزيران بين بن علي يلدريم وأكرم إمام أوغلو الذي فاز مرشحا عن حزب الشعب الجمهوري.
وبعد الانتهاء من الانتخابات المحلية التي خاضها حزب العدالة والتنمية ضمن "تحالف الشعب"، أعلن الرئيس أردوغان بدء الأعمال التحضيرية للمؤتمر العام الاعتيادي السابع.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!