ترك برس
أعلنت منظّمة الأمم المتحدة للعلم والثقافة "يونسكو"، إدراج فنّ "المنمنمات" (الرسم التصغيري) التركي، ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي حول العالم.
جاء ذلك خلال الاجتماع الـ 15 للجنة الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي، الذي عقد افتراضيا، بالعاصمة الفرنسية، باريس، حيث وافق المشاركون في الاجتماع، بالإجماع على إدراج فنّ "المنمنمات"، على قائمة التراث الثقافي غير المادي حول العالم.
وبهذا ارتفع عدد معالم تركيا المُدرجة على قائمة "يونسكو"، للتراث الثقافي غير المادي حول العالم، إلى 19 معْلَم.
و"المنمنمات" (minyatür)، هو فن توشيح النصوص بواسطة التصاوير أو الرسوم التوضيحية المصغرة، ويعتبر أحد أهم فروع الفن الإسلامي.
ولم يعد التعرف على أحد الفنون العثمانية المشهورة مثل الرسم المصغر أو ما يسمى بـ"المنمنمات"، صعباً، حيث صار ممكناً عبر الإنترنت، بفضل المقاطع المصورة التي باتت منتشرة بكثرة، خلال فترة الحجر الصحي حول العالم، بسبب وباء كورونا.
الفنانة التركية "نيفين يابجي" إحدى من نشرت فيديوهات عملية تظهر كيفية صنع لوحات فنية فريدة على أزهار الأوركيد، لتساهم في جعل الأوقات المنزلية أكثر قيمة عن طريق ممارسة الهوايات وصقل المهارات بأنشطة مختلفة تساعد الأفراد على الخروج من هذه الفترة العصيبة بحالة نفسية وبدنية صحية.
ويعد العثور على هواية ممتعة طريقة مثلى للحفاظ على الانشغال ومستويات الطاقة الإيجابية داخل المنزل. ومن أكثر الهوايات شيوعاً هواية الرسم والحرف اليدوية، التي ينبثق فن المنمنمات التركية الكلاسيكية منها.
ولعل كلمة "منمنمات" اشتُقت من الكلمة اللاتينية "miniare"، التي تشير إلى لوحة باللون الأحمر، ثم تغير المدلول تدريجياً ليصل إلى ما هو عليه اليوم من لوحات صغيرة مصنوعة بغاية الدقة والإتقان. والمنمنمات لوحات بدون ضوء أو ظل ويمكن أن تُظهر موضوعات تاريخية أو أدبية أو علمية. أما الأتراك العثمانيون فقد استخدموها بشكل تقليدي كوسيلة لتسجيل التاريخ وتوثيقه، بالإضافة إلى رصد العادات والتقاليد المختلفة في الملبس والمأكل وجوانب الحياة المتنوعة.
ويُعتقد أن منمنمات الأتراك ظهرت بين 745 و840 في عهد الأويغور، الذين حكموا جزءاً من آسيا الوسطى. وأصبحت المنمنمات التي ابتكرها الأويغور الأتراك في منطقة "توربان" في منتصف القرن الثامن مصدر الفن التركي المصغر. وبعد تفكك دولة الأويغور، استمر السلاجقة الأتراك في هذا الفن ليبدعوا المنمنمات الإسلامية الأولى. وما لبث هذا الفن أن انتشر إلى باقي البلاد والحضارات بسبب علاقات الأتراك مع بلاد فارس وسلاجقة إيران. وخلال الحقبة العثمانية، أدى تأثير إيران والسلاجقة إلى استمرار فن المنمنمات حتى القرن الثامن عشر، وبرز العديد من الفنانين المهرة في هذا المجال.
واليوم، تهدي "نيفين يابجي" الفنانة التركية المبدعة محبي هذا الفن التاريخي، عدداً من مقاطع الفيديو الغنية عبر الإنترنت حول كيفية رسم المنمنمات على قطع الفاكهة أو أوراق الورد المجففة، وتقوم بمشاركتها مع العامة على وسائل التواصل الاجتماعي. وهي بذلك تمنح الناس فرصة عظيمة لتطوير هواية مميزة بينما يستمر الحجر الصحي في إبقائنا في المنازل لساعات طويلة.
والفنانة "نيفين يابجي" البالغة من العمر 26 سنة، طالبة دراسات عليا في كلية الإلهيات في جامعة مرمرة. وهي متعلقة بفن المنمنمات الذي أحبته ومارسته في فترات مختلفة على مدى 4 أعوام، وخصوصاً من خلال المنمنمات الفسيفسائية التي تظهر الجغرافيا التركية الإسلامية. وتواصل الفنانة "يابجي" في الوقت الحالي، تطوير مهاراتها الفنية في أكاديمية "كوجوك جكمجة" التقليدية للفنون، وهي تجرب في لوحاتها المصغرة أحياناً مواد أخرى غير الورق، بينما تستمر في دراستها.
وشددت "يابجي" في مقابلة صحفية، على أن المنمنمات تروي رحلة البشرية: "لقد قادني فن المنمنمات إلى اكتشاف نفسي والتعرف عليها، وقياس صبري وخيالي ومدى محبتي لموهبتي. عندما أصنع قطعي الفنية أشعر برابط وجداني بيني وبين لوحاتي".
وأوضحت أنها في فترة الحجر المنزلي سعت إلى مشاركة ما تعلمته مع الجمهور عبر الإنترنت، وأنها أنشأت أعمالاً جديدة من خلال رسم المنمنمات على بتلات زهور الأوركيد المجففة، لأنها تؤمن أن المرء يجب أن يكون شجاعاً في إظهار موهبته الفنية ويجرب أشياء مختلفة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!