ترك برس
رأى محمد فاتح أوزتارسو ، الخبير التركي في شؤون القوقاز أن حرب كاراباخ الثانية التي حدثت في الخريف الماضي تسببت في تغيير الوضع الجيوسياسي في منطقة جنوب القوقاز.
وأوضح أوزتارسو في مقابلة مع موقع " يوروآسيا دايري" أن روسيا احتفظت بقوتها الاستراتيجية التقليدية إلى جانب نفوذها العسكري المتزايد في جنوب القوقاز ، وتمكنت تركيا من دخول المنطقة باعتبارها القوة الإقليمية الثانية، في حين أن إيران هي الدولة الوحيدة التي لم تستطع تحقيق أي مكاسب من الحرب
ولفت إلى أن هناك بعض المخاوف بشأن وضع ما بعد الحرب، ومنها أن وحدة أراضي أذربيجان موضع شك؛ لأن الأرمن ما زالوا يتمتعون بحق جزئي في السلطة، وأن قوات حفظ السلام الروسية التي ستبقى هناك لمدة خمس سنوات لا يعرف وضعها المستقبلي، واخيرا أن التغيير الحكومي المحتمل في أرمينيا قد يلعب دورًا سلبيًا في الوضع الحالي.
ووفقا للباحث، فإن قلق إيران من تنامي نفوذ تركيا في منطقة جنوب القوقاز واقع واضح، وهناك عدة أسباب تستند إلى الوضع السياسي الحالي وبعض الأحداث التاريخية:
أولاً ، كانت منطقة جنوب أذربيجان (شمال غرب إيران) دائمًا طريق عبور للشعب الأذربيجاني عبر التاريخ. وقد مكن ذلك الآذريين من نشر أيديولوجياتهم وحركاتهم السياسية ، كما نرى في ظهور القومية التركية في بداية القرن العشرين.
ثانياً ، هناك أكثر من 20 مليون أذربيجاني تركي في تلك المنطقة،وهذا مصدر قلق محتمل لطهران في حالة الأمن القومي. وقد لعبت هذه القضية منذ أوائل التسعينيات دورًا هائلاً في تشكيل تفضيلات السياسة الخارجية الإيرانية. لذلك ، فإن طهران دائمًا ما تشكك في هؤلاء الأشخاص.
وبالإضافة إلى ذلك ، يقدم الموقف الإيراني من مشكلة ناغورنو كاراباخ العديد من الأمثلة لفهم سياسات طهران المتناقضة. على سبيل المثال ،كان من المتوقع ع أن تدعم إيران الإسلامية بشكل مباشر أذربيجان المسلمة في الصراع الإقليمي ، لكن طهران فضلت أرمينيا المسيحية.
ولفت الباحث إلى أن الدعم العلني لتركيا لأذربيجان على مدى ثلاثة عقود أثر بشكل مباشر في المقاربات الإيرانية تجاه أرمينيا وأذربيجان. وتسببت هذه القضية في ظهور علاقات قوية بين إيران وأرمينيا.
آفاق التعاون الروسي الإيراني في المنطقة ضد تركيا
واستبعد الخبير أن يدفع مثل هذا الوضع ي يدفع موسكو وطهران إلى الدخول في صراع مشترك مع النفوذ التركي في جنوب القوقاز.
وأوضح أن نهج روسيا تجاه تركيا لا يرسم صورة تنبيه أحمر بشأن تحدي النفوذ. كلا البلدين لديهما مستوى رئاسي من الاتصالات التي تسرع طرق حل المشكلات المشتركة. عرضت روسيا مؤخرًا إنشاء مركز مراقبة مشترك بمشاركة الجيش التركي. لذلك ، شجعت موسكو أنقرة على المشاركة في الشؤون الإقليمية بعد أن لاحظت ارتفاع مستوى القوة السياسية والعسكرية التركية في السنوات الماضية.
وأضاف أن تركيا لا تشكل خطرًا كبيرًا كعضو في الناتو في نظر روسيا في هذه المنطقة بسبب التوازنات الحالية، ولذلك من الصعب الادعاء بأن روسيا لديها صراع مشترك مع إيران ضد تركيا، لكن يمكن أن يتغير ذلك الموقف لاحقًا.
واستطرد أن التعاون الروسي الإيراني يتبنى اليوم آفاقاً مشتركة في القضايا الاقتصادية والسياسية وليس أكثر. إيران أيضا لم تستطع كسب أي شيء من ناغورنو كاراباخ. لكن الوضع يمكن أن يتغير بمرور الوقت إذا رأينا تغييراً في الحكومات.
وأشار إلى أن سماح موسكو لأنقرة بإرسال قوات إلى أذربيجان كان تطوراً غير متوقع جاء فجأة من روسيا، وقد يكون هناك عدة أسباب لذلك:
أولاً ، أرادت روسيا تقديم صورة جديدة كقوة بناءة لأن موسكو كانت لها سمعة سيئة في الحرب الجورجية الروسية عام 2008 وضم شبه جزيرة القرم عام 2014.
ثانيًا ، ظنت موسكو أن تركيا تميل إلى التقرب من الجانب الروسي بعد أن اضطربت علاقاتها مع الغرب في السنوات الماضية. وفي الوقت نفسه ، دارت مواجهة بين البلدين بشأن الملفين السوري والليبي. ومن ثم ، كان السماح لتركيا بإرسال قوات إلى أذربيجان فرصة لتأسيس شكل جديد للعلاقة يمكن أن يلعب دورًا داعمًا في العلاقات.
ثالثًا ، اتخذت روسيا إجراءات على الفور قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ومكن التوقيت روسيا من بسط نفوذها في المنطقة وخلق نوع جديد من الوجود العسكري. كانت مشاركة حليف غربي فكرة ذكية لتجنب اعتراض العالم الغربي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!