ترك برس
التقى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الثلاثاء، قائد القوات البرية الأوكراني ألكسندر سيرسكي، وسط حديث عن حراك عسكري في منطقة دونباس الموالية لروسيا في الشرق الأوكراني.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الدفاع التركية، أن أكار التقى سيرسكي في العاصمة أنقرة. وحضر اللقاء قائد القوات البرية التركي أوميت دوندار. حسب وكالة الأناضول.
وتتواصل اشتباكات في دونباس، بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا الذين أعلنوا "الاستقلال" عنها عام 2014.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو، إن تركيا تريد حل أزمة دونباس في إطار وحدة الأراضي الأوكرانية.
وتولي أوكرانيا أهمية كبيرة للتعاون مع تركيا في الصناعات الدفاعية، إذ تعتبرها الشريك الأهم لها في هذا المجال، وتعول عليها في عملية انتقال كييف من نظام الجيش السوفيتي السابق، إلى معايير تتيح لها الانضمام لحلف شمال الأطلسي "الناتو".
وقال ميهايلو ساموس، نائب مدير العلاقات الدولية في مركز دراسات الجيش والتحول ونزع السلاح في أوكرانيا، إن بلاده سعت منذ الحرب مع روسيا، التي بدأت في 2014، إلى الحصول على مكانتها الجديدة بالمنطقة والعالم. والتعاون مع تركيا، البلد القيادي في المنطقة، مهم في هذا الصدد.
وتعيش منطقة حوض دونباس (تضمّ جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك المعلنتين من جهة واحدة) الموالية لروسيا في الشرق الأوكراني، حالة من التصعيد العسكري في ظل نشر الجيش الأوكراني أسلحة مدفعية في المناطق الخاضعة لسيطرة كييف.
هذا الأمر دفع دونيتسك ولوغانسك إلى دعوة ممثلي المنظمات الدولية لاتخاذ إجراءات عاجلة للتأثير على القيادة العسكرية - السياسية الأوكرانية، وتقديمها إيضاحات حول حوادث انتهاك نظام الهدنة. حسب صحيفة العربي الجديد.
وفي الوقت الذي اتهم فيه ممثل روسيا في مجموعة الاتصال المعنية بالتسوية الأوكرانية، بوريس غريزلوف، كييف بنشر قوات جديدة على خط التماس في دونباس وشن عمليات قصف يومية، نفت أوكرانيا عزمها التقدم في دونيتسك ولوغانسك، مؤكدة سعيها للتسوية السلمية للنزاع.
في هذا الإطار، يقلل المحلل السياسي المتخصص في الشأن الأوكراني، ألكسندر تشالينكو، من واقعية تحول النزاع المتجمد في دونباس إلى ساخن، عازياً التقدم الأخير للقوات الأوكرانية إلى عاملين رئيسيين.
السبب الأول، وفق المحلل، هو توجيه رسالة للإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن، وثانيهما تعطيل تحقيق مشروع "السيل الشمالي-2" لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا مباشرة من دون المرور بالأراضي الأوكرانية.
ويقول تشالينكو في حديث لصحيفة العربي الجديد: "صحيح أنه يجري تصعيد وقصف، ولكن كييف لن تقدم على الهجوم متكامل الأركان، لأنه سيشكل نسفاً لاتفاقات مينسك للتسوية الأوكرانية، وسيُظهر أوكرانيا دولة معتدية في عيون أوروبا والغرب".
وحول اختيار كييف الوقت الراهن تحديداً للتقدم في دونباس، يشير إلى أن "الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يترقّب اتصالاً من بايدن لتقديم نفسه على أنه يواجه روسيا، وذلك للحصول على مزيد من الدعم من واشنطن. كما تسعى أوكرانيا لتحريض روسيا على الرد على الهجوم لتعطيل استكمال مشروع السيل الشمالي-2، الذي سينهي دور أوكرانيا كبلد ترانزيت للغاز الروسي".
ويستبعد تشالينكو احتمال تحول النزاع المتجمد في دونباس إلى آخر ساخن، قائلاً: "صحيح أن نزاع دونباس يتحول إلى ساخن بين الحين والآخر، عندما تسعى أوكرانيا لتوجيه رسائل ما إلى روسيا، ولكن كييف تدرك أنها ستخسر حتماً أي نزاع مفتوح مع موسكو في ظل عدم تكافؤ القوتين العسكريتين للبلدين، وحتى واشنطن تحذرها من ذلك".
ويلخص المحلل السياسي مأزق دونباس في أن "زيلينسكي عاجز عن الوفاء باتفاقات مينسك نظراً لتخوفه من رد فعل القوميين الراديكاليين الأوكرانيين، بينما لم تتهيأ روسيا حتى الآن للإقدام على حل جذري وضم جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، مثلما ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014 تجنباً لإلحاق ضربة نهائية بالعلاقات مع الغرب".
من جانب آخر، يلفت الصحافي الأوكراني، فيتالي بورتنيكوف، إلى أن أنباء تكثيف الوجود العسكري الأوكراني على خط التماس في دونباس تصدر من وسائل الإعلام الروسية فقط، مرجحاً تشكيل أرضية إعلامية لأعمال روسية جديدة شرق أوكرانيا.
ويقول بورتنيكوف إنه "لم يؤكد أحد داخل أوكرانيا مثل هذه الأنباء بشكل رسمي حتى الآن، وهذه قد تكون أنباء مضللة، إذ إن الكرملين معروف بأنه يوجه اتهامات إلى الطرف الآخر، ثم يقدّم أعماله على أنها رد على عدوان مثلما فعل عند ضم القرم وبدء الحرب في دونباس في عام 2014".
وحول دوافع الكرملين للتصعيد في دونباس في الوقت الراهن تحديداً، يقول: "عندما فرض مجلس الدفاع والأمن الوطني الأوكراني عقوبات على رجل الأعمال والسياسي، فيكتور مدفيدتشوك، المقرب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أثيرت منذ ذلك الوقت الأحاديث بأن الكرملين سيرد على ذلك باستخدام القوة في دونباس، ولم تعد أمامه خيارات أخرى لمعاقبة أوكرانيا التي بات أداء اقتصادها جيداً حتى من دون العلاقات مع روسيا".
وفي ما يتعلق برؤيته للوضع في دونباس على المدى البعيد، يرى بورتنيكوف أنه "من المؤكد أن التسوية النهائية في دونباس لن تتحقق إلا بعد انهيار نظام بوتين، الذي من مصلحته أن يكون النزاع متجمّداً مع تحوله إلى ساخن بين الحين والآخر، مما يتيح له الضغط على أوكرانيا.
كما أن الوضع مرهون بدرجة كبيرة بسياسات إدارة بايدن، وما إذا كانت ستقدم على أعمال حازمة بحق روسيا، بما فيها عقوبات ستنسف الاقتصاد الروسي لدفع موسكو للتفاوض على انسحابها من أوكرانيا، ولكن ثمن ذلك سيكون غالياً على الغرب نفسه في ظروف اقتصاد السوق".
ويخلص بورتنيكوف إلى أنه "لا مجال للحديث عن أي تحسن في العلاقات الروسية الأوكرانية لحين استعادة وحدة الأراضي الأوكرانية كاملة وانسحاب روسيا من دونباس والقرم وتقديمها اعتذارات عما فعلته".
يذكر أن أعمال القتال في دونباس انطلقت في إبريل/نيسان 2014 بعد إعلان نشطاء موالين لموسكو عن عزمهم إجراء استفتاء تقرير المصير للانضمام إلى روسيا، مما أدى إلى اندلاع نزاع مسلح مع الجيش الأوكراني. وبعد مرور سبع سنوات لا تتبلور أي ملامح للتسوية النهائية للأزمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!