ترك برس-الأناضول
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده مصممة على زيادة عدد أصدقائها وإنهاء حالات الخصومة في الفترة القادمة لتحويل منطقتها إلى "واحة سلام".
جاء ذلك في معرض حديثه عن علاقات تركيا الخارجية، الأربعاء، خلال مشاركته بالمؤتمر العام السابع لـ"حزب العدالة والتنمية" في صالة أنقرة الرياضية بالعاصمة.
وشدّد أردوغان على أن "حزب العدالة والتنمية" تمكن - منذ توليه السلطة قبل 19 عامًا - من تعزيز وتنويع الأدوات التي تمتلكها تركيا في السياسة الخارجية.
وأوضح أن حزبه قام أيضًا بتنفيذ سياسات انفتاح تجاه مناطق عدة مثل إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
ولفت إلى أن عدد البعثات التركية في الخارج ارتفع من 163 عام 2002، إلى 251 حاليًا.
وأكّد أن تركيا ضمن 5 دول تمتلك أكبر شبكة للبعثات الأجنبية في العالم.
وتابع: "نعتقد أنه ليست لدينا مشكلة لا يمكن حلها مع أي دولة تحترم المصالح الوطنية لبلدنا".
وقال: "مصممون على زيادة عدد أصدقائنا وإنهاء حالات الخصومة في الفترة القادمة لتحويل منطقتنا إلى واحة سلام".
ولفت إلى أن تركيا فتحت حدودها وقلبها للمضطهدين السوريين في الوقت الذي تخلى العالم كله عنهم.
وأوضح أن تركيا استخدمت جميع إمكاناتها لإحلال السلام والاستقرار في هذه المنطقة العريقة التي كانت مسرحًا للآلام والدماء على يد المنظمات الإرهابية بدءا من "داعش" وحتى "بي كا كا-ي ب ك"، فضلًا عن الظلم الذي مارسه نظام الأسد.
وبيّن أردوغان أن العمليات العسكرية العابرة للحدود التي نفذتها تركيا حالت دون مقتل ملايين الأبرياء على يد النظام السوري والمنظمات الإرهابية.
وأضاف: "قدمنا دعما مخلصا وبنّاء للجهود المبذولة بهدف ضمان الوحدة السياسية لسوريا وسلامة أراضيها"، وشدد قائلا: "سنواصل جهودنا حتى تصبح سوريا بلدا يديره أبناؤها بمعنى الكلمة ونقف إلى جانب شعبها".
أردوغان، قال إن من بين انفتاحات تركيا في السياسة الخارجية أيضًا، الاتفاق الذي أبرمته مع الحكومة الليبية الشرعية بشأن مناطق الصلاحية البحرية في المتوسط، عام 2019.
وأضاف: "هذا الاتفاق ضمن حقوق تركيا والشعب الليبي من الموارد الطبيعية في البحر الأبيض المتوسط وأحبطنا المكائد التي حيكت بهدف إقصاء بلدنا وليبيا في المتوسط".
ولفت إلى أن الدعم الذي قدمته تركيا للحكومة الشرعية في ليبيا قطع الطريق أمام الأطراف خبيثة النوايا التي لديها أطماع في هذا البلد.
وأوضح أردوغان أنه "بفضل الدعم الذي قدمته تركيا لليبيا أصبح هذا البلد اليوم قادرا من جديد على التطلع للمستقبل بأمل وتنفيذ عمليات ديمقراطية وسنواصل الوقوف بجانب الشعب الليبي في الفترة القادمة".
وحول قضية إقليم "قره باغ"، قال أردوغان إن المجازر التي ارتكبها الاحتلال الأرميني خلال نحو 30 عامًا أصابت تركيا وشقيقتها أذربيجان بألم عميق.
وأكّد أن الدول التي تعهدت بحل الأزمة تحت مسمى "ثلاثي مينسك" (روسيا والولايات المتحدة وفرنسا) لم تحقق أي شيء سوى تعقيد القضية أكثر فأكثر طيلة 30 عامًا.
وذكر أن الجانب الأذربيجاني بذل طيلة تلك الفترة الجهود لحل الأزمة عن طريق المفاوضات والاتفاق، لكن رغم ذلك واصلت أرمينيا هجماتها وتسببت بانسداد قنوات الحوار.
وشدّد على أن الجيش الأرميني عندما عاود الهجوم، في الشهور الأخيرة من العام الماضي، وقفت تركيا مع أشقائها الأذربيجانيين بجميع إمكانياتها.
واستطرد: "بفضل الكفاح الملحمي الذي جرى بدعم تركيا وبطولة الجيش الأذربيجاني، انتهى بحمد الله ذاك الاحتلال القذر".
ولفت إلى أن أنقرة ستواصل متابعة التطورات التي عززت الأخوة التركية-الأذربيجانية أكثر، حتى تنتهي بما يلائم الاتفاق الذي تم التوصل إليه.
وأُجبرت أرمينيا على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، إثر نصر حققته أذربيجان في عمليتها العسكرية التي انطلقت لتحرير إقليم "قره باغ" في 27 سبتمبر/ أيلول من العام نفسه بعد قرابة 3 عقود على احتلاله.
وزاد: "سنواصل صياغة علاقاتنا مع جميع الدول بدءا من الولايات المتحدة وحتى روسيا والاتحاد الأوروبي والعالم العربي بما يتماشى مع مصالح تركيا وتطلعات شعبنا".
وأردف: "على اعتبار أننا نتوسط القارات الثلاث الكبرى، فلا يمكننا أن نتجاهل الغرب ولا الشرق".
وقال: "بالطبع، نحن نعلم أنه ليس من السهل تطوير تعاون متوازن ومتسق وطويل الأمد في آن واحد مع الدول التي يوجد بينها تنافس وحتى توتر، لكن تركيا تتمتع بالقوة والحكمة اللازمة لتحقيق ذلك بفضل موقعها الجغرافي ومصالحها الاقتصادية ورؤيتها الشاملة في السياسة الخارجية".
كما تطرق الرئيس التركي إلى مقولته "العالم أكبر من خمسة" (الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن) التي يرددها في كل مناسبة.
وأكّد أن حالات عدم التوازن والظلم الحاصل في مراكز القيادة العالمية، وخاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تجلب معها الجمود وانعدام الأمن.
وأوضح أن تركيا اقترحت إعداد إصلاح يشمل جميع هذه الآليات ووضعه قيد التنفيذ على وجه السرعة.
وأكد أن نظام الأمن العالمي الجديد يجب أن يبنى ليمثل القارات والمناطق والمعتقدات والمصالح المشتركة بدلاً من مصالح الأعضاء الـ5 دائمي العضوية في مجلس الأمن، وإلا فلن يكون من الممكن لهذا النظام أن يجد حلولاً للمشكلات ويقوم على أساس شرعي واسع.
ولفت إلى أن تركيا تقاسمت إمكاناتها المتوفرة مع العالم، مجسدة رسالة مولانا جلال الدين الرومي: "هناك أملٌ بعد اليأس، والكثيرُ من الشموس بعد الظلمة".
وأعرب عن أمله في أن تصبح التطورات التي حصلت إبان وباء كورونا بمثابة نقطة تحول للقضاء على نقاط الضعف العالمية.
وزاد: "نعتقد أن النظام العالمي يحتاج إلى معاهدة اجتماعية جديدة تكسب ثقة البشرية جمعاء في ضوء الخبرات المكتسبة خلال فترة الوباء".
واعتبر الرئيس التركي أن حالات التنافس الجديدة والمدمرة، التي بدأت تظهر علاماتها في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، لن تفيد إلا في تحويل الضرر الذي يسببه الوباء إلى كوارث أشد خطورة.
وأردف: "تركيا بصفتها دولة تريد الثقة والاستقرار لنفسها وللعالم أجمع، مستعدة بكل قوتها لمرحلة ما بعد الوباء".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!