ترك برس
لقي ما يقرب من 80 ألف شخص مصرعهم جراء وقوع زلزال في باكستان قبل 16 عاما، من ضمنهم والد عدنان علي خان، الذي نشأ في دار أيتام أنشأتها وأشرفت عليها هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات التركية (İHH) لرعاية أبناء ضحايا الزلزال. ويواصل خان الآن تعليمه في كلية طب بتركيا بعد تفوقه، ليحقق هدفه بتقديم الخدمات الصحية إلى الباكستانيين.
فقد عدنان علي خان، والده ووالدته عند وقوع الزلزال، الذي بلغت قوته 7,6 درجة على مقياس ريختر في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2005، وأصبح يتيم الأم والأب مع إخوته التسعة، وبالرغم من أنه كان في الخامسة من العمر إلا أن ذكريات الزلزال ومعاناته لا تزال حية في ذاكرته. في حينها، لم يحصل هو وغيره من الضحايا على أي مساعدات لعدة أيام، ولم تتمكن فرق الإنقاذ من انتشال الكثيرين من تحت الأنقاض بمن فيهم والداه، حتى أن بعض الناجين فقدوا حياتهم لعدم حصولهم على التدخل الطبي اللازم.
تذكر عدنان علي خان، تلك الأيام بقوله: "كنا نعيش في منطقة كاغخان بمقاطعة مانسهيرا التابعة لولاية خيبر-باهتونهفا، كنا في حديقة المدرسة لحظة وقوع الزلزال، تدمرت المدرسة والمنازل بسبب الهزات العنيفة، ركضنا بسرعة إلى منزلنا إلا أنه لم يعد موجودا، لم تستطع المدن مساعدتنا بل كانت تأتينا المساعدات في الهليكوبترات فقط، حتى أن الفرق الطبية تأخرت بين ثلاثة وأربعة أيام بعد وقوع الزلزال، علاوة على ذلك كان عددها قليل جدا بالنسبة لهول المصيبة، مما أدى لوفاة الكثير من الناجين من تحت الأنقاض، كما مات الكثيرون تحت الأنقاض كوالداي".
ذكر خان، أنه شهد وفاة العديد من الناجين بسبب قلة الفرق الطبية قائلا: "رأيت بعيني وفاة الكثير من الناجين،كما فهمت بعد ما بين 4 و5 أعوام أن إنقاذهم كان ممكنا في حال توفر عددٍ كافٍ من الأطباء، فقد تعرفت في أثناء الزلزال إلى شخص اسمه "طبيب" يمكنه أن يحمي حياة الناس وينقذهم، فقررت في تلك اللحظة أن أصبح طبيبا في المستقبل لأبذل كل ما في وسعي لإنقاذ حياة الناس، لكني لم أكن أعرف كيف سأكون طبيبا، لأن رحلة الطبيب طويلة وصعبة وتحتاج دعم عائلي، وأنا لم يعد لدي عائلة".
أدرك عدنان علي خان في حينها أنه كان ينبغي عليه أن يبقى على قيد الحياة لينفذ قراره، فقد دمر الزلزال العديد من القرى، كما عانى الناجون من الجوع والعطش والأمراض المعدية، وقال خان: "كان لدي تسعة أشقاء وخمسة أعمام، فتوزعنا بين الأعمام، فقدت أمي وأبي ثم انفصلت عن إخواني أيضا. كان صعبا عليهم الاعتناء بنا، لذلك لم نستطع الذهاب إلى المدرسة في أثناء بقائنا عندهم لمدة عامين، لم أدرك ذلك لأنني كنت طفلا، الشيء الوحيد الذي أدركته أنني بلا أب ولا أم، كنت أشعر بفقدانهم دائما، كما عانيت كثيرا عند ابتعادي عن إخواني".
أشار خان، إلى أن أعمامه عندما لم يعد بمقدورهم الاعتناء به وبأشقائه، وضعوهم في دار للأيتام افتتحتها مؤسسة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات (İHH) التركية في باكستان، مما أتاح لهم الفرصة لتلقي التعليم بدعم دار الأيتام، لتبدأ خطوته الأولى في تحقيق حلمه. قال خان: "كانت آثار الزلزال في بعض الأماكن أشد خطورة، وقد أنشأت İHH مدرسة عاجلة خاصة بالأطفال الأيتام، وأقمنا فيها بالبداية، ثم أقمنا في دار الأيتام".
وتابع قائلا: "لم نكن نزور أعمامنا في العطل والأعياد، فقد كانت İHH تعد لنا الأنشطة بمشاركة سيدات قادمات من تركيا، كُنّ يقطعن آلاف الكيلومترات للاعتناء بنا كأننا عائلتهم. كانت تلك اللحظات الوحيدة التي نشعر فيها بالسعادة. كنّ يعانقننا وعند قدوم 10-15 يتيمًا إلى الدار قمنا بمعانقتهن أيضا، لقد اندهشت عند بكائهن، كنا نستشعر الإسلام، كنا حقا مثل العائلة الواحدة".
وصف عدنان علي خان، بدء مراحله التعليمية بدعم من عائلته الجديدة في دار الأيتام قائلا: "تم نقلنا إلى مدرسة بناؤها حديث ومعلموها جيدون جدا، درست فيها الابتدائية والإعدادية، وتعرفت من خلالها على الحياة. بدأت رحلتي العلمية بفضل İHH، ثم حصلت على منحة دراسية في مدرسة إمام خطيب السلطان محمد الفاتح الدولية في إسطنبول بعد تفوقي في الصف الثامن، وانتقلت إليها لمواصلة تعليمي، درست أربعة أعوام تعلمت خلالها اللغة التركية والعربية، يوجد للطلاب الأجانب كراسي في الجامعات، وكراسي منفصلة للأتراك، يتم قبول الطالب وفقا لنتيجة امتحان التأهيل الجامعي، ونظرا لتفوقي بهذا الامتحان تم قبولي في كلية الطب الحميدية الطبية في جامعة العلوم الصحية، وحاليا أنا طالب في الصف الثالث".
صرح عدنان علي خان، بأن حلمه الأكبر إنهاء دراسته والعودة لوطنه، كي يجتمع شمله بإخوته ويخدم بلده، وقال: "كنت أفكر في بلدي وأهلها عندما حلمت بأن أصبح طبيبا، لذلك أريد العودة إلى بلدي وعائلتي أيضا. لقد ابتعدت عنهم لأعوام عديدة، وأريد خدمة الناس في بلدي. اعتدت على العيش هنا وأشعر أنني في وطني. لو شعرت بأن تركيا بحاجة لي سأبقى فيها، إلا أن هدفي الأول هو خدمة شعب باكستان".
أعرب خان، عن تلقيه دعمًا من "مؤسسة الأتراك في الخارج والمجتمعات ذات الصلة" (YTB) طوال فترة دراسته، فقد كانت بمثابة سقف المنزل وİHH بمثابة الجدران الأربعة المحيطة به، وقال: "من الصعب جدا بناء الحياة، عند انهيار الكون من حولك، لكن يتوجب علينا مواجهة المحن للقيام بذلك".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!