ترك برس
تسمح اتفاقية مونترو للمضائق البحرية (1936) بمرور السفن الحربية التابعة للدول غير المشاطئة للبحر الأسود، من مضيقي الدردنيل والبوسفور، بشرط إشعار تركيا بالمرور قبل 15 يومًا، والبقاء في البحر الأسود لمدة لا تتجاوز21 يومًا.
وقبل اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918)، عملت الدولة العثمانية على وضع سياسات جديدة للمضائق البحرية مع تزايد تهديدات دول أوروبا الغربية وروسيا لهذه الممرات الحيوية.
وبعد خسارة العثمانيين للحرب وتوقيعهم على معاهدة سيفر (1920)، جرى ترك إدارة المضائق للجنة مؤلفة من ممثلين عن بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان، تولت مسؤولية ضمان أمن المضائق البحرية. حسب تقرير لوكالة الأناضول.
إلا أن سيطرة الجيش التركي بقيادة مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك على مضيق الدردنيل والبوسفور بعد الانتصار في حرب عام 1923، مهدت الطريق أمام صياغة اتفاقية خاصة حول المضائق وتقديمها إلى عصبة الأمم، ثم نقل سلطات الإشراف على المضائق إلى لجنة دولية برئاسة تركيا.
وفي تلك الفترة، سمحت اللجنة التي تترأسها تركيا بعبور السفن العسكرية والتجارية من المضائق في وقت السلم دون فرض قيود زمنية، فيما أعلنت أنقرة فرضها قيودًا على مرور السفن الحربية من المضائق في زمن الحرب.
** المضائق وسباق التسلح
طالب الحلفاء بنزع السلاح من منطقة المضائق، إلا أن تركيا اعترضت على المطلب المذكور نظرًا لتقييده الحقوق السيادية وتشكيله نقطة ضعف للبلاد في زمن الحرب.
ومع بروز فترة سباق التسلح، التي بدأت في ثلاثينيات القرن الماضي، استفادت تركيا من حالة الاستقطاب الدولي التي سادت العالم وتحركت من أجل تغيير الوضع القائم في المضائق.
حظيت الجهود التركية بدعم من بريطانيا، التي صرحت وزارة خارجيتها عام 1936 بـ "إن الطلب التركي المتعلق بتغيير اتفاقية المضائق يعتبر مُبررًا".
وعقد الحلفاء وتركيا مؤتمرًا في مدينة مونترو بسويسرا في 22 يونيو/ حزيران 1936 بدعم من بريطانيا ودول البلقان، لتغيير وضع المضائق التركية. وعقب المؤتمر جرى التوقيع على اتفاقية مونترو للمضائق البحرية في 20 يوليو/ تمّوز 1936، ودخلت حيز التنفيذ في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1936، وضمنت السيادة التركية على المضائق البحرية في البوسفور والدردنيل.
ووفقًا لاتفاقية مونترو، يحق للسفن التابعة للدول غير المشاطئة للبحر الأسود، عبور المضائق بحرية شريطة أن تستوفي الشروط المنصوص عليها في الاتفاقية وعلى رأسها الالتزام بوزن الحمولة ومدة بقائها في البحر الأسود.
وبحسب الاتفاقية يجب ألا يتجاوز إجمالي حمولة السفن العسكرية التي ستمر عبر المضائق التركية 15 ألف طن سواء كانت تلك السفن تابعة لدول مشاطئة أو لا.
وعلى الرغم من عدم وجود بند بشأن حاملات الطائرات في الاتفاقية، إلا أنه يحظر على حاملات الطائرات عبور المضائق ودخول البحر الأسود بسبب تجاوز وزن حمولتها، حد الحمولة المسموح بها.
ومن حيث المبدأ، لا يمكن للغواصات الأجنبية دخول المضائق التركية، فيما يسمح للدول المشاطئة استخدام المضائق لنقل الغواصات المشار إليها عند الشراء أو إرسالها للإصلاح.
ووفقًا للاتفاقية، لا يمكن للسفن الحربية التابعة لدول غير مشاطئة للبحر الأسود، لأي سبب من الأسباب، البقاء في هذا البحر لأكثر من 21 يومًا.
وينبغي على جميع البلدان إشعار تركيا بمرور سفنها عبر المضائق وتقديم تقرير أولي يحتوي على معلومات أهمها مدة البقاء في البحر الأسود.
بالإضافة إلى ذلك، يجب إبلاغ الجانب التركي في حالة حدوث تغييرات في المعلومات المقدمة حول السفن قبل 3 أيام على الأقل من مرورها.
ووفقًا للمادة 18 من الاتفاقية، يمكن للدول غير المشاطئة للبحر الأسود، إرسال سفن حربية إلى هذا البحر "لأغراض إنسانية" دون إشعار مسبق.
ومع ذلك، يجب ألا يتجاوز وزن حمولة تلك السفن المرسلة للأغراض الإنسانية 8 آلاف طن، فيما تتيح الاتفاقية للسفن التجارية المرور بحرية عبر المضائق بغض النظر عن وزن حمولتها.
وتتضمن اتفاقية مونترو أحكامًا تنظم كثافة الوجود العسكري في البحر الأسود، حيث لا يمكن أن يتجاوز إجمالي حمولة السفن التي يمكن أن تمتلكها الدول غير المشاطئة في هذا البحر 45 ألف طن.
** المضائق في زمن الحرب
وتعترف الاتفاقية بحق تركيا في تعليق حركة الملاحة البحرية ومرور السفن وتقييد مرور السفن العسكرية من المضائق خلال فترة الحرب.
ووفقًا لذلك، تمتلك تركيا أيضًا، حرية السماح للسفن العسكرية بالمرور عبر المضائق بشروط وقت السلم، في حال لم تكن أنقرة طرفًا في الحرب، كما تمتلك أنقرة كذلك حق تعليق حركة الملاحة البحرية ومرور السفن الحربية إذا شعرت بوجود تهديد باندلاع حرب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!