ترك برس
استغلت تركيا اتجاه معظم الدول الأوروبية إلى استحداث سياسات تعاون أكبر بينها وبين دول العالم في مجال رعاية المسنين، خصوصاً بعد جائحة كورونا وتأثيرها المباشر على كبار السن.
وتهدف تركيا للاستفادة من النسب المرتفعة لكبار السن في القارة العجوز لاستقطابهم من خلال تجهيز ما يلزم هذه الفئة العمرية من خدمات طبية وترفيهية وحتى إقامة في البلاد، للاستفادة من الخدمات الاستشفائية المقدمة إضافة إلى انخفاض تكاليف المعيشة.
وبينما أشارت التقارير العائدة للعام 1950 إلى أنّ نسبة 12 بالمائة فقط من سكان أوروبا كانوا في سن الشيخوخة حينها، ارتفع الرقم اليوم ليصل إلى نحو 22 بالمائة في بعض الدول الأوروبية، بينما هو مرشح للارتفاع بحلول العام 2050 ليصل إلى 36 بالمائة. وفق تقرير لصحيفة العربي الجديد.
وأورد التقرير تصريحات سابقة لرئيس جمعية السياحة العلاجية في تركيا، الدكتور سنان إيبيش، حول اتجاه أوروبا أكثر إلى التعاون مع الدول الأخرى في مجال رعاية المسنين بسبب تأثيرات جائحة كورونا.
وأشار إيبيش إلى أن وضع تركيا يمنحها أفضلية في مجال سياحة رعاية المسنين، وأن التداعيات الصحية لوباء كورونا تسببت في إثارة جدل حول ضرورة وضع سياسات جديدة بخصوص تلبية احتياجات المسنين في أوروبا.
وأضاف: "الكثير من المسنين إما ماتوا أو تركوا للموت في دور المسنين بأوروبا بسبب وباء كورونا، وإن أعداد المسنين المتزايدة بسرعة واحتياجات رعاية المسنين تسببت في نقاشات كبيرة في تلك الدول، سواء من الناحية الاقتصادية أو من ناحية الموارد البشرية، وهذه الأوضاع زادت من اهتمام تركيا بسياحة رعاية المسنين".
يلفت إيبيش إلى أن الدول الأوروبية بدأت منذ سنوات في التعاون حول هذا الموضوع مع دول مناسبة من ناحية الخصائص المناخية والجغرافية والبشرية، متوقعاً أن تعقد الدول الأوروبية اتفاقيات مع دول يسهل الوصول إليها لرعاية مواطنيها المسنين مقابل مبالغ مالية يتم الاتفاق عليها.
ويؤكد أن تركيا "تمتلك خصائص ومميزات تجعلها الاختيار الأمثل في مجال سياحة رعاية المسنين، مثل الموقع الجغرافي، وسهولة الوصول إليها عن طريق رحلات مباشرة من كل دول أوروبا. كما تتمتع بالمناخ المناسب للمسنين والمتقاعدين، والميراث الثقافي والاجتماعي الغني، والغطاء النباتي الطبيعي، والقوى العاملة الشابة، والخدمات المميزة، إضافة إلى انخفاض التكاليف فيها مقارنة بالدول الأوروبية".
بدوره، يؤكد محمت آيدن، وهو رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات السياحية في منطقة تقسيم بإسطنبول، أنّ "بعض الدول الأوروبية تتجه لإرسال مسنيها إلى تركيا، ولكنها لم تصل بعد إلى مرحلة الإقامة الدائمة، أو حتى تمضية فترات طويلة".
ويشرح آيدن آلية إرسال المسنين إلى تركيا قائلاً: "قبل إرسال وفود المسنين، تتم مراسلتنا، أو تُرسل وفود للاطلاع على الخدمات والتجهيزات والبنى التحتية الخاصة بكبار السن"، متوقعاً أنّ بلاده ستكون وجهة أوروبا في هذا المجال بعد إبرام اتفاقات مع شركات السياحة أو الحكومة التركية، وذلك بسبب قرب الجغرافيا.
وحول المردود المادي من السياحة الاستشفائية، يرى آيدن أنها "مرتفعة، بل هي تزيد نحو 20 ضعفاً عن عائدات السياحة العادية، ولكنها في الوقت نفسه مكلفة على الدولة، لأنها تتطلب تجهيزات خاصة، وعلى شركات السياحة أيضاً، لأنها تتطلب تفرّغ موظفين على مدار الساعة لخدمة السياح. وعند الحديث عن الإقامة الدائمة، فهنا ينتقل الحديث إلى دور رعاية ونقل خاص وغذاء ورعاية صحية ونفسية، وهي عادة مسؤولية الحكومة أو بعض القطاع الخاص الذي استثمر في دور الرعاية".
ويلفت آيدن إلى أنّ "تركيا خاطبت منذ بداية إغلاقات كورونا، 100 دولة حول العالم وأطلعتها على مشروع السياحة الآمنة الذي يبدأ من المطار، من خلال الفحوصات واتخاذ الإجراءات المناسبة، والتكفّل بالنقل الآمن، وصولاً إلى المطاعم والفنادق التي حصلت على شهادة السياحة الآمنة، إذ حصل 727 فندقاً وأكثر من 900 مطعم على الشهادة".
ونقلت صحيفة العربي الجديد عن مصادر متخصصة، أنّ تلك الفنادق والمطاعم أعادت كامل التصميم الداخلي بما يضمن التباعد الجسدي، وأمنت جميع المستلزمات للسائح، سواء كانت صحية أو غذائية، ولم تنل الشهادة إلا بعد التفتيش والرقابة المستمرة وتحقيق جميع الشروط وفق نظام المعهد التركي للمعايير وشركات الاعتماد، بما يتناسب مع المواصفات العالمية، بما في ذلك الشركات الدولية.
وللقيام بعملية تدقيق الشهادات، يوجد 132 معياراً خاصاً بموضوعات مختلفة، تبدأ من دخول العميل إلى الفندق وصولاً إلى حالات الطوارئ والعزل الصحي، وكذلك 120 معياراً خاصاً بالأماكن المخصصة للطعام والشراب، و44 معياراً خاصاً بمركبات التنقل والتجول.
بدوره، يقول أوزجان أوزون، وهو صاحب شركة سياحية بمنطقة السلطان أحمد بإسطنبول، إنّ بلاده حققت أرقاماً قاسية على صعيد السياحة العلاجية والآمنة "ولولا جائحة كورونا لتجاوزنا المركز السادس عالمياً، إذ من بين نحو 46 مليون سائح جذبتهم تركيا قبل الجائحة، زاد عدد الوافدين بهدف العلاج أو الإقامة الطويلة عن 600 ألف شخص".
واعتبر أنّ "افتتاح المدن الطبية ومنتجعات المياه المعدنية الحارة وطبيعة تركيا، جميعها عوامل إضافية لجذب المسنين والمرضى، خصوصاً أنّ تكاليف العلاج في تركيا تبلغ أقل من نصف ما هي عليه في أوروبا". وفق العربي الجديد.
وعن جذب كبار السن والمعوقين من أوروبا إلى تركيا، يشير أوزون إلى أنّ "تطور التكنولوجيا والطب زادا من فرص سياحة المسنين وحتى أصحاب الإعاقات الخاصة، إذ لحظت تركيا تلك الفئة خلال تصميم المنشآت السياحية، من خلال تصميم غرف مجهزة، ورعاية مهنية، وخدمات طبية وتأمين مداخل وأماكن المقار السياحية، إضافةً إلى الرحلات الخاصة".
ولفت إلى أن شركته تخاطب المسنين خلال الترويج في أوروبا وحتى في الدول العربية، "ولكل فئة من هؤلاء أمكنة وأنشطة خاصة، تتعلق بالاهتمام والموروث الثقافي والبعد الروحي". ويعتبر أن تحوّل تركيا إلى مركز سياحة ورعاية لمسني أوروبا، يتطلب تدخل الحكومة وإبرام اتفاقيات، أو التشارك مع القطاع الخاص، لأن الإقامة لفترة طويلة تتطلب تكاليف وبنى تحتية وحتى موظفين خاصين بالمسنين.
وتعتبر تركيا، المصنفة 66 عالمياً بحسب نسبة المسنين، بلداً شاباً، إذ تشير آخر إحصاءات مركز الإحصاء التركي إلى أنّ عدد المسنين وصل خلال العام الماضي إلى 7 ملايين و550 ألفاً و727 شخصاً، ليشكل وفقاً للإحصائيات الرسمية، 9.1 في المائة من إجمالي سكان البلاد، وبلغت نسبة الرجال 44.2 في المائة من هذه الفئة مقابل 55.8 في المائة من النساء.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!