ترك برس
بعد وقت قصير من الزيارة الرئاسية الأولى إلى أوغندا، يونيو/ حزيران 2016، وبينما كان الرئيس رجب طيب أردوغان يستعد لاستضافة نظيره الأوغندي في أنقرة، شهدت جمهورية تركيا أحد أكثر الأحداث إثارة للصدمة في تاريخها الحديث.
ففي تلك الليلة المصيرية، في 15 يوليو/ تموز 2016، شاهد العالم برعب على وسائل التواصل الاجتماعي محاولة انقلاب عسكري من البداية وحتى النهاية.
تم تدبير محاولة الانقلاب وتنفيذها من جانب منظمة "غولن" الإرهابية وزعيمها فتح الله غولن الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، والذي كان انخرط في صراع مع الحكومة التركية منذ عام 2013.
وخلال محاولة الانقلاب استخدم أتباع المنظمة الإرهابية، المتغلغلين داخل القوات المسلحة، القوة المميتة ضد المدنيين، إذ توغلت الدبابات في شوارع العاصمة، وقصفت طائرات مقاتلة مبنى البرلمان، والمجمع الرئاسي، ومباني جهاز الاستخبارات الوطنية والمديرية العامة للأمن، وحاولت اغتيال الرئيس.
وفي تلك الليلة خاطب الرئيس أردوغان مواطنيه باستخدام تطبيق "فيس تايم" عبر البث التلفزيوني المباشر، ودعا جميع المواطنين إلى النزول إلى الشوارع لحماية الديموقراطية وصد محاولة الانقلاب التي قُتل فيها 251 شخصًا وجُرح ألفين و734 آخرين.
وتعود العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وأوغندا إلى أكثر من 50 عامًا، إلا أن منظمة "غولن" استفادت من هذه الفرصة، ومن تعاطف شعبي لإنشاء قواعد لها في أوغندا، تدير من خلالها عدداً من المدارس والمستشفيات ومؤسسات أخرى. وفق تقرير لوكالة الأناضول.
** قواعد المنظمة في أوغندا
وعلى الرغم من أن بعض المنشآت المرتبطة بمنظمة "غولن" في أوغندا أصبحت معطلة، فإن مصادر مطلعة أشارت إلى أن أحد المنتمين إلى المنظمة الإرهابية، والذي فر من تركيا عقب الانقلاب الفاشل، يدير حالياً أحد المستشفيات الخاصة الكبرى في العاصمة الأوغندية كمبالا، منذ عام 2019.
كما أشارت المصادر إلى أن "مستشفى خاصا آخر تابع لمنظمة "غولن"، لا يزال يعمل حالياً في منطقة جينجا، شرقي أوغندا"، إضافة إلى وجود مخاوف من أن الحكومة الأوغندية لا تتحرك بسرعة كافية لرفع "الكرت الأحمر" أمام جميع نشاطات المنظمة في البلاد.
وفي حديثة إلى وكالة "الأناضول"، قال قاسم عيد بالوند، مدير إدارة المساعدات الإنسانية الاجتماعية في أوغندا، إنه "نظرًا إلى التحديات الصحية والتعليمية في أنحاء أوغندا، فمن غير المرجح أن تتحرك الحكومة بسرعة لإغلاق أبوابها أمام المؤسسات التي تحاول سد الفجوة".
وأشار إلى أن "نحو نصف الطلاب في أوغندا يلتحقون بالمدارس في القطاع الخاص. فماذا ستفعل الحكومة بهذا العدد من الطلاب إذا أغلقت المدارس؟ إن مثل هذه الحاجات هي التي توفر أرضية خصبة للاستثمارات الاستراتيجية، مثلما فعلت منظمة غولن في مجالات التعليم والصحة".
وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوغندي روكيا ناكاداما إيسانغا، مؤخرًا، إن "الحكومة لا تدعم منظمة "غولن" الإرهابية ولا أي منظمات إرهابية أخرى تزعزع استقرار تركيا".
وقال المحلل السياسي آدم سيبيالا لـ "الأناضول" إنه "طالما تعمل المؤسسات المرتبطة بمنظمة غولن في أوغندا، أو أي دولة أخرى، وتلقن الأطفال أيديولوجية متمردة، فإن مثل هذه الدولة ستكون معرضة لخطر التمرد".
** جهود تركية لسد الفجوة
واعترف السفير التركي في أوغندا فكرت كرم ألب بوجود بعض عناصر منظمة "غولن" في أوغندا، يقدمون خدمات زائفة في التعليم والصحة، إلا أنه لا يوافق على أن الحكومة الأوغندية تتحرك ببطء في التصرف حيال هذا الموضوع، قائلاً إنها "عملية طويلة تستغرق وقتًا".
وأضاف: "تواصل الحكومة التركية المناقشات الخاصة مع السلطات الأوغندية بشأن أصول منظمة "غولن"، وتوفير بدائل للحكومة الأوغندية بشأن البنية التحتية الحالية، كي لا يتبقى فراغ بعد توقف المنظمة عن العمل في أوغندا".
وقال فكرت إن "أعضاء مجلس إدارة مؤسسة المعارف التركية زاروا أوغندا وأجروا محادثات مع الحكومة بشأن نقل أصول منظمة "غولن" الإرهابية".
"مؤسسة المعارف" هي وكالة حكومية تركية تأسست لتحل محل المدارس المرتبطة بمنظمة "غولن" في الخارج، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016. وفتحت المؤسسة منذ ذلك الحين مكاتب تمثيلية في 52 دولة وتعمل في 67 دولة نتيجة الاتصالات الرسمية مع 104 دول بالتشاور مع الوزارات ذات الصلة ومؤسسات الدولة الأخرى.
كما ساهمت المؤسسة في تفكيك شبكة التعليم الخاصة بمنظمة "غولن"، وسيطرت على عدة مدارس من خلال عمليات النقل، أو الإغلاق، أو التأميم، أو البيع إلى دول ثالثة.
قبل 15 يوليو/ تموز 2016، كان لدى منظمة "غولن" الإرهابية 63 مؤسسة تعليمية في إفريقيا، و222 في آسيا، و150 في أوروبا، و315 في أمريكا الجنوبية والشمالية، و10 في أوقيانوسيا.
تمكن "وقف المعارف" خلال الفترة الماضية من استيعاب أكثر من 216 مدرسة في 19 دولة، بما في ذلك أفغانستان، وتشاد، وجمهورية غينيا الاستوائية، وإثيوبيا، وساحل العاج، والغابون، وغينيا، والكاميرون، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية الكونغو الشعبية، ومالي، وموريتانيا، والنيجر، وباكستان، والصومال، والسودان، وتونس، وفنزويلا، والعراق.
كما وقعت المؤسسة 79 بروتوكولًا في 45 دولة لنقل مدارس تنظيم "غولن" وافتتاح مدارس جديدة، بينما قامت بعض الدول بإغلاق مدارس المنظمة طواعية بدلاً من تسليمها.
وفي 15 يوليو/ تموز 2016، شهدت تركيا محاولة انقلابية فاشلة نفذتها مجموعة عناصر محدودة من الجيش تابعة لتنظيم "غولن" الإرهابي.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية، ما أجبر الانقلابيين على سحب آلياتهم العسكرية من المدن، وأفشل مخططهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!