مراد باردكجي – صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس
قبل 1685، وتحديدا في صباح 11 أيار/مايو عام 330م، أقيم مهرجان ضخم بالقرب من منطقة السلطان أحمد، كان احتفال كبير جدا، لدرجة أنه استمر لعدة أيام أخرى، يومها تم إعلان "القسطنطينية" كعاصمة للإمبراطورية البيزنطية، في ذلك اليوم احتفل الناس والامبراطور بعاصمتهم الجديدة، التي أطلقوا عليها اسم "روما الجديدة".
بدأت إنشاء العاصمة الجديدة للإمبراطورية سنة 324م، واستمرّ بناؤها نحو 6 سنوات، وأنشؤوا بذلك مدينة جديدة بأزقة جديدة ومراكز عبادة جديدة وبنية تحتية جديدة، لكن اسم "روما الجديدة" لم يستطع الصمود أمام اسم المدينة الحقيقي "القسطنطينية"، حيث استُخدم الاسم الجديد لفترة قصيرة، وفضل الشعب استخدام اسم "القسنطنيوبوليس"، ومع مرور الزمان وتغير اللفظ، أصبح اسمها اليوم "اسطنبول".
يوم أمس، كان يوم الذكرى الـ 1685 لتأسيس اسطنبول، وبمعنى آخر، فإنّ تاريخ 11-5 هو يوم ميلاد اسطنبول، وبعد 15 عاما، أي في عام 2030، سنحتفل بمرور 1700 عام على ميلاد وتأسيس اسطنبول.
في الحقيقة يمتد تاريخ اسطنبول في أعماق التاريخ القديم إلى ما قبل البيزنطيين، لكن الحديث عن إنشاء المدن المعاصرة والحديثة، يجعلنا نضع تاريخ تأسيس البيزنطيين للقسطنطينية، وبالتالي تصبح اسطنبول من أقدم المدن المعاصرة بعد بخارى وروما وأثينا.
ولهذا يجب على تركيا استخدام التاريخ الحضاري والمدني لاسطنبول، وخصوصا عندما نتذكر أنّ روسيا احتفلت بميلاد موسكو الـ867 برغم إنشائها بعد 8 قرون من إنشاء اسطنبول، حينها ندرك أننا مقصرون بحق تاريخنا وحضارتنا.
الرفاهية وُجدت، والعراقة رحلت
وعلينا أنْ لا ننسى أيضا، أنّ اسطنبول اليوم أصبحت من أكثر المدن رفاهية، وربما كان ذلك سببا في فقدانها بعضا من مظاهرها التاريخية والحضارية، فاليوم نرى البنايات الشاهقة والمشاريع العملاقة، لكنها تحل مكان التاريخ والعراقة، لكن لا بدّ أنْ نشيد بسهولة الحياة ورفاهيتها في اسطنبول اليوم مقارنة مع الماضي القريب.
وأنا كشخص عاش طفولته في اسطنبول خلال سنوات الستينات من القرن الماضي، استطيع تذكر كيف كنا نعاني من ازمات المياه، وتلف الطرق، وانقطاع التيار الكهربائي، وكان الانتقال في اسطنبول من مكان إلى آخر، مسألة بحاجة إلى ضرورة مُلحة للقيام بها، والأبنية القديمة كانت تنهار أو على وشك الانهيار، كانت المدينة فقيرة ومظلمة.
عاشت اسطنبول أكثر أيامها رفاهية بعد بداية الألفية الثانية، وربما تراجع البُعد الحضاري والثقافي والتاريخي لاسطنبول بعد عام 2000، لكنّ الحياة فيها أصبحت أكثر سهولة ورفاهية.
ما يجب علينا القيام به في هذه الأيام، هو تحويل اسطنبول إلى مركز حضاري وثقافي "حقيقي" للعالم أجمع.
أهنئكم بعيد اسطنبول الـ1685 الذي نسيناه!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس