ترك برس
تتخذ تركيا خطوات حازمة نحو إنتاج غواصة صغيرة بموارد محلية ووطنية لأول مرة، يتوقع الخبراء أن يكون لها تأثير مهم ومضاعف في مياه البحار الضحلة مثل بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي سيزيد من الطلب عليها بما ينعكس على زيادة صادرات تركيا للأسلحة والمنظومات الدفاعية المحلية ذات الإمكانيات العالية والمتطورة.
وتستضيف مدينة إسطنبول المعرض الدولي للصناعات الدفاعية (IDEF)، الذي بدأ الثلاثاء ويستمر حتى 20 أغسطس/آب الجاري. وخلال حفل الافتتاح كشف إسماعيل دمير، رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية التابعة لرئاسة الجمهورية، أنهم يشرفون حالياً على 750 مشروعاً مختلفاً تبلغ قيمتها الإجمالية 50 مليار دولار أمريكي. بحسب تقرير لموقع "تي آر تي عربي" الحكومي التركي.
وخلال مشاركتها في المعرض، عرضت شركات الصناعات الدفاعية التركية منتجاتها ومنظوماتها الدفاعية التي لاقت استحساناً عالمياً في السنوات الأخيرة، وكشفت بعض الشركات عن خططها ومشاريعها المستقبلية التي باشرت أو ستباشر العمل عليها قريباً. ومن أبرز هذه المشاريع كان مشروع الغواصة الصغيرة الذي عرضته شركة هندسة تقنيات الدفاع التركية (STM)، التي شاركت بتصاميمها وتصوراتها للمشروع، فضلاً عن عرض الإمكانيات الحديثة والمتطورة التي ستمتلكها غواصتها الجديدة المسماة (STM 500).
الميزات الأساسية لغواصة (STM 500)
بالإضافة إلى طاقمها المكون من 18 شخصاً، يمكن للغواصة الصغيرة العمل لمدة 30 يوماً مع فريق إضافي من القوات الخاصة مكون من 6 أفراد آخرين. فيما يبلغ طولها 42 متراً وارتفاعها 8.5 أمتار، وتحتوي على 4 أنابيب طوربيد جاهزة للإطلاق وما مجموعه 8 طوربيدات ثقيلة وأنظمة إطلاق صواريخ موجهة.
كما يبلغ عمق غطس الغواصة أكثر من 250 متراً، ويمكنها القيام بحرب الغواصات والعمليات الخاصة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وحرب الألغام وعمليات المياه الضحلة والعمليات ضد الأنظمة العسكرية غير المأهولة من غواصات وطائرات مسيرة.
وبالمقارنة بالغواصات التي تستخدمها البحرية التركية حالياً التي تبلغ إزاحتها force-displacement من 1100 إلى 1600 طن عند غمرها، والغواصات المحلية من فئة (Reis) التي لا تزال قيد الإنتاج والتي يتوقع أن تصل إزاحتها أكثر من 2000 طن، فمن المتوقع أن تبلغ إزاحة غواصة (STM 500) الصغيرة نحو 540 طناً.
تغيير قواعد اللعبة في إيجة والمتوسط
تلعب الغواصات التقليدية دوراً استراتيجياً مهماً للغاية في أعالي البحار. ولكبر حجمها وضخامتها فإنها تحتاج إلى بحار عميقة وواسعة من أجل الاختباء، بعكس الغواصات الصغيرة القادرة على المناورة والقيام بمهام هجومية ودفاعية بفاعلية أكبر في المياه الضحلة بالقرب من الجزر والسواحل في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط.
وبحسب الباحث المختص بشؤون الدفاع البحري، كوزان سلجوق إركان، الذي تحدث مع موقع (TRT Haber) حول أهمية المشروع الذي سيقوم بتغيير قواعد اللعبة في المنطقة. أشار إركان إلى أن الغواصات الصغيرة المحلية ستحدث تأثيراً مضاعفاً مهماً للغاية في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط.
وعند استعراضه لأهمية هذا النوع من الغواصات قال إركان: "بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط وقبرص هي بحار ضحلة نسبياً، إلا أن الأهم من ذلك أنها مناطق وعرة للغاية من حيث بنية البحر. بمعنى آخر، إنها مثالية للدفاع الساحلي من خلال غواصات صغيرة أو للعمل في منطقة إقليمية والاختباء مرة أخرى".
وأضاف: "لا يكفي أن تنتج تركيا غواصات بعيدة المدى ذات ميزات متقدمة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، نحن بحاجة إلى غواصات مُصنعة ومطورة بوسائل وطنية يمكن أن تخدم في الدفاع عن المناطق الساحلية وخاصة في الجغرافيا الضحلة تحت الماء. تعتبر (STM 500) ذات قيمة كبيرة لهذه الحاجة". ولفت إركان إلى أنها خطوة ذكية للغاية لتصميم وبناء مثل هذه الغواصة التي ستكلف أقل من نظيراتها التقليدية.
إمكانات تصدير كبيرة
سوق الغواصات الصغيرة موجود منذ سنوات عديدة، لكن التصورات المتغيرة للتهديدات في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين جعلت هذه المنصات العسكرية غير مهمة نسبياً، وتركز التسلح على الغواصات التقليدية الكبيرة فضلاً عن الغواصات النووية التي تملكها الدول العظمى.
وفي هذا الصدد، وضح كوزان سلجوق إركان أن الحاجة إلى غواصات صغيرة قد ازدادت بشكل فعال مرة أخرى، خصوصاً مع التطور الذي شهدته بطاريات الليثيوم أيون، بالإضافة إلى تقلص الأنظمة الفرعية الإلكترونية وزيادة كفاءة المحركات الكهربائية.
وبناءً على هذه المعطيات، بجانب حاجة الدول إلى هذا النوع من المنصات البحرية الأقل سعراً والأكثر كفاءةً في حماية المناطق الساحلية وإنجاز المهام الدفاعية والهجومية في المياه الضحلة، ستقتحم تركيا سوق الغواصات الكبيرة في الفترة المقبلة، وستنافس بطبيعة الحال البلدان التي تهيمن على هذا السوق منذ فترة، مثل إيطاليا وفرنسا اللتين تمتلكان تصميمات غواصات صغيرة متطورة، قامت بتصديرها إلى دول مثل قطر ومصر وباكستان.
ماذا عن الفرص التصديرية لغواصة (STM 500)؟ يجيب إركان على النحو التالي "المنتج الذي ستكشف عنه تركيا سيلبي حاجة مهمة للغاية لأغراض الدفاع الأولية أو الساحلية في البلدان النامية. إن النجاحات التي حققناها في المنصات البحرية واضحة حتى الآن. أنا واثق من أن أنقرة ستجد سوقاً جادة لتصدير الغواصة الصغيرة في الفترة المقبلة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!