ترك برس
أكد تقرير نشرته صحيفة "القدس العربي"، على أن هناك مؤشرات تفيد بقُرب تبادل السفراء مجدداً بين تركيا ومصر، بعد سنوات القطيعة السياسية التي تلت الانقلاب العسكري على أول رئيس منتخب ديمقراطياً، في تاريخ مصر.
يأتي ذلك تزامناً مع انطلاق الجولة الثانية من المباحثات الاستكشافية بين البلدين، والتي استضافتها أنقرة قبل أيام، وذلك لبحث إمكانية وآليات إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين بعد أسابيع من جولة أولى استضافتها العاصمة المصرية القاهرة.
ويسود الأوساط السياسية في البلدين، تفاؤل بإمكانية تحقيق تقدم قد يمهد لتبادل السفراء قريباً بين البلدين، وانفتاح تركي كبير على بدء مباحثات لترسيم الحدود البحرية بين البلدين بما يعود بمكاسب كبيرة على القاهرة بحسب وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو.
وأوضح بيان لوزارة الخارجية التركية، الثلاثاء، أن السفير سادات أونال نائب وزير الخارجية التركي، ونظيره المصري حمدي لوزا، يترأسان وفدي البلدين في الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية التي بدأت في العاصمة أنقرة ومن المقرر أن تستمر يومين.
وأوضحت الخارجية التركية أن الوفدين سيبحثان القضايا الثنائية خلال اليوم الأول من جولة المحادثات، وسيتبادلان وجهات النظر حول القضايا الإقليمية في اجتماعات الأربعاء، لافتةً إلى أن “الطرفين يهدفان إلى دفع العلاقات وتطبيعها على أساس المصالح المتبادلة”.
وفي مايو/ أيار الماضي، عقدت الجولة الأولى من المحادثات الاستكشافية بين البلدين في العاصمة المصرية القاهرة، وجرى الإعلان عقب الجولة أن المباحثات كانت “صريحة ومعمقة”، وجاء في البيان “المباحثات تطرقت إلى القضايا الثنائية، فضلاً عن عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط”.
وبالتزامن مع المباحثات التركية المصرية في أنقرة، صرح وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو أن تبادل السفراء أمر وارد وممكن بين البلدين، وقال في لقاء تلفزيوني: "مسيرة التطبيع مع مصر مستمرة، ووضعنا لأجل ذلك خارطة طريق، واليوم نستضيف في أنقرة وفدا مصريا، وإن توصلنا إلى اتفاق سنقدم على الخطوات اللازمة لتعيين السفراء في كلا البلدين."
وأضاف الوزير التركي: "حواري مع وزير الخارجية المصري سامح شكري كان مستمرا حتى عندما كانت العلاقات بين البلدين تمر بفترة جمود، والآن بدأت عملية التطبيع وإذا تم الاتفاق على خارطة طريق مستقبلية، فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة". وحول إمكانية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، قال إنه "يمكن بدء المفاوضات في هذا الشأن إذا أرادت مصر ذلك، والقاهرة ستحصل على مساحة بحرية أكبر بموجب الاتفاق مع أنقرة."
لكن الوزير كان حذراً بالحديث عن حصول تقدم في ملف ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، لافتاً إلى أن الأولوية لاستمرار المباحثات الاستكشافية وتبادل السفراء، ملمحاً إلى أنه من المبكر الحديث عن ترسيم للحدود البحرية حتى في ظل عدم وجود سفراء للبلدين، كما أشار إلى أهمية العلاقات الاقتصادية التي واصلت نموها وتوسعها رغم الخلافات السياسية بين البلدين في السنوات الماضية.
ومنذ الخلافات التي تفجرت بين البلدين عقب الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي من الحكم، جرى سحب السفراء من قبل البلدين، ويقوم القائمون بالأعمال بتسيير أعمال السفارات في القاهرة وأنقرة، لكن الكثير من التطورات تؤشر إلى قرب تبادل السفراء مجدداً عقب سنوات من القطيعة، بحسب تقرير "القدس العربي."
ويعتقد أن التطور الكبير والمتسارع الذي تشهده مساعي تحسين العلاقات بين تركيا والإمارات قد تنعكس بشكل إيجابي وكبير على مساعي تحسين العلاقات بين أنقرة والقاهرة، حيث جرى لقاء بين أردوغان وطحنون بن زايد مستشار الأمن القومي الإماراتي قبل أن يجري اتصال بين أردوغان ومحمد بن زايد واتصالات أخرى على مستوى وزراء خارجية البلدين وهو ما اعتبر مؤشرا على حجم الإرادة السياسية للجانبين في تجاوز الخلافات سريعاً، وهو ما سينعكس بدوره إيجابيا على ملف التقارب التركي المصري بشكل كبير.
وطوال الأشهر الماضية، عمل الجانبان من أجل تعزيز الثقة عبر خطوات متبادلة تدريجية للتأسيس إلى مباحثات سياسية أعمق يمكن أن تقود لتعزيز التعاون السياسي لحل الأزمة في ليبيا، والتوصل إلى تفاهم حول شرق المتوسط قد يقود للتوقيع على اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، وتعزيز التعاون الاقتصادي، وغيرها الكثير من الملفات الإقليمية العالقة في المنطقة.
وكان من أبرز خطوات تعزيز الثقة طلب السلطات التركية من القنوات التلفزيونية التابعة للمعارضة المصرية والتي تبث من إسطنبول بضرورة “الالتزام بمعايير الصحافة المهنية”، وهو ما اعتبر بمثابة دعوة صريحة لتخفيف حدة الانتقادات للنظام المصري وهو ما دفع عددا من كبار الصحافيين المعارضين إلى بث برامجهم عبر يوتيوب وصفحاتهم التي يتابعها الملايين على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة في محاولة للتحايل على الضغوط التركية، قبل أن يطلب منهم أيضاً وقف نشاطهم من داخل الأراضي التركية.
وفي ظل استمرار الخلافات بين البلدين حول الكثير من الملفات، لا يتوقع أن تكون هناك تفاهمات سريعة بين البلدين خاصة فيما يتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، إلا أن خطوة تبادل السفراء يعتقد على نطاق واسع أنها ستكون قريبة وهي ما سيمهد لفتح ملفات أوسع للبحث سيكون أبرزها المحرك الأهم للتقارب من الجانب التركي وهي اتفاقية لترسيم الحدود البحرية تعزز الموقف التركي في صراع شرق المتوسط.
يُذكر أن "المباحثات الاستكشافية" تهدف بدرجة أساسية إلى قياس مدى وجود أرضية للتوافق بين البلدين للانتقال إلى المرحلة المقبلة من تطبيع العلاقات، في ظل تأكيد الجانبين على وجود الإرادة السياسية للقيام بذلك، ويتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة -في حال استمرار الأجواء الإيجابية- خطوات أخرى يتوقع أن تكون على شكل لقاء بين وزيري خارجية البلدين والإعلان عن تبادل السفراء بين القاهرة وأنقرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!