ترك برس
أدى لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيس حزب السعادة تمل كارامولا أوغلو، قبل أيام، إلى تكهنات حول سعي الجانبين للدخول في تحالف واحد، الأمر الذي طرح أيضاً تساؤلات حول إمكانية هذا الأمر، والعوائق التي تواجهه، فضلاً عن مكتسباته في حال حصل.
اللقاء الذي جرى، الأربعاء، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، جاء في الوقت الذي يسعى فيه أردوغان لتوسيع التحالف ليضمّ أحزابا جديدة غير الحركة القومية وحزب الاتحاد الكبير، حيث توجد مخاوف لدى أعضاء التحالف، تؤكدها استطلاعات الرأي الأخيرة، بتراجع نسبة تأييد التحالف.
ويحظى حزب السعادة بتأييد يبلغ 1-2% فقد حصل الحزب على 1.4% في انتخابات 2018 وعلى 2.8% في انتخابات البلدية، ويعتقد أنه حسّن من وضعه أيضا في السنتين الماضيتين.
وكانت انتخابات البلدية الأخيرة في إسطنبول، التي فازت برئاستها المعارضة، دليلا على أهمية أصوات حزب السعادة لحزب العدالة والتنمية.
ونقل تقرير لـ "الجزيرة نت" عن الباحث في مركز سيتا للدراسات بإسطنبول الدكتور محمود الرنتيسي، قوله إن سحب حزب السعادة من تحالف المعارضة إلى التحالف الحاكم يعد إنجازا لأردوغان في حال حدوثه، معتبرا ذلك ضرورة لأن حزب السعادة حزب محافظ و"إسلامي" وإخراجه من صف المعارضة يحرمها من تصوير نفسها على أنها تمثل أطياف الشارع التركي كافة، ويفيد أردوغان في استخدام البعد الأيديولوجي لدى الناخب ضد المعارضة.
وقال الرنتيسي إنه "مع أن هناك بعض العوائق أمام تحالف السعادة مع العدالة والتنمية، منها الخلافات القديمة وتصور بعض كوادر السعادة أن حزب العدالة انشق عنهم عند تأسيسه، فإن هذه الأمور قد تلاشت حيث انتقل السعادة إلى مربع المعارضة، ومن ثم فإن تنقله أصبح أمرا مرنا".
وأضاف "إذا تموضع السعادة مع حزب العدالة والتنمية سينعكس هذا على حسابات الأحزاب الأخرى، وقد تتغير معادلة اللعب والتفاوض بين بقية الأحزاب المعارضة، وقد ينشأ تحالفان للمعارضة".
ورجح الرنتيسي انضمام حزب السعادة إلى تحالف الجمهور الحاكم، فممكن لحزب العدالة تلبية بعض مطالب حزب السعادة الأساسية، سواء من حيث عدد نواب البرلمان أو بعض الإصلاحات القانونية والاقتصادية، مثل ما برز عن موضوع اتفاقية إسطنبول.
يُذكر أن حزب السعادة يعدّ وريث حركة "ميلي غوروش" (الرؤية القومية) التي أسسها نجم الدين أربكان عام 1969، واستمر في قيادتها كحركة تمثل "الإسلام السياسي التركي"، وترى الهوية الإسلامية الأساس في بنية الهوية التركية لمواجهة التغريب الرسمي الذي اتبعته الجمهورية الكمالية. كما كانت الحركة تعارض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وكذلك وجود تركيا في حلف شمال الأطلسي والوجود العسكري الأميركي على الأراضي التركية، وتمكنت خلال عقود من العمل السياسي من دمج الطبقة التركية المتدينة من أبناء وسط الأناضول في الحياة السياسية والبرلمانية التركية عبر عدد من الأحزاب التي مثلت الحركة، بدءا بحزب "النظام القومي" مرورا بحزبي "السلامة القومي" و"الرفاه" وانتهاء بـ"السعادة".
وانشق حزب "السعادة" في بداية الألفية بين "تقليديين" ملتزمين بمبادئ التأسيس لحركة "ميلي غوروش" بقوا في إطار الحزب، و"إصلاحيين" قادهم أردوغان والرئيس السابق عبد الله غول ورئيس البرلمان السابق بولنت أرينج وعدد آخر من القياديين الذين أسسوا حزب "العدالة والتنمية" على أنه حزب محافظ ليبرالي، تخلى عن العداء للاتحاد الأوروبي والغرب، وأكد إيمانه بالعلمانية، وتمكن من استقطاب أطياف واسعة من اليمين القومي التركي.
وبعد الانشقاق في صفوف الحزب لم يتمكن "السعادة" من القيام بأي دور سياسي مهم، بل إنه لم ينجح بدخول البرلمان منذ عام 2002، بسبب العتبة البرلمانية التي أخفق في تجاوزها، إذ راوحت أصوات الحزب بين 2.49% في الانتخابات العامة عام 2002، و0.68% في انتخابات 2015 إلى أن نجح من خلال تحالف الأمة المعارض في دخول البرلمان في انتخابات العام 2018 بنائبين عنه.
وكانت تركيا شهدت العام الماضي تعديلات دستورية سمحت بالتحول إلى النظام الرئاسي بدل البرلماني، وتلاها عمل دؤوب من قبل "العدالة والتنمية" الحاكم بالتعاون مع "الحركة القومية" (يميني قومي) لدفع البنية السياسية الداخلية نحو سياسة الكتل بدل سياسة الأحزاب، الأمر الذي تم من خلال توافق الطرفين على مجموعة من التعديلات سمحت بتكوين تحالفات انتخابية تحافظ على هوية الأحزاب المتحالفة، وبات الحزب الواحد يُعامل كالتحالف في ما يخص العتبة البرلمانية، إذ يجب على الحزب أن يحصل على 10% من الأصوات لضمان دخول البرلمان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!