أحمد تاشكاتيران – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
شعار نهاية مرور قرن على انهيار الإمبراطورية العثمانية، يتمثل بالكفاح من أجل أنْ تصبح تركيا، تركيا حقيقية، وأنْ يصبح العالم الإسلامي، عالما إسلاميا بحق، يملك كلمته وقراره الذاتي بعيدا عن الوصاية.
هذا الكفاح المستمر منذ مائة عام، نراه يتمثل ويتكرر في مناطق عديدة في العالم الإسلامي، فعدنان مندريس التركي بالأمس، هو محمد مرسي المصري اليوم، والذين قاموا بانقلاب 27 مايو في تركيا، يشبهون من قام بالانقلاب في مصر قبل عامين، ومن كان يقف ويدعم الانقلابيين في تركيا بالأمس، هم نفسهم الذين يدعمون الانقلابيين في مصر اليوم.
ومرسي اليوم، هو إرباكان تركيا بعد انقلاب 28 شباط، فلا يوجد فرق بين حلّ حزب الرفاه، وبين إعلان الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، ولا فرق أيضا بين ما حصل مع حزب العدالة والتنمية عندما رُفعت عليه دعوى قضائية لإغلاق الحزب عام 2007، وما يحصل تجاه حزب الحرية والعدالة المصري.
الساكتون عن الجرائم والفظائع التي يرتكبها الأسد في سوريا، هم نفسهم الذين بقوا متفرجين على الإجرام الإسرائيلي والوحشية التي قاموا بها ضد قطاع غزة.
هل سيُعدم مرسي؟ هل سيُعلق المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع على المشنقة؟ هذه الأسئلة تشبه تماما –للأسف- تلك الأسئلة التي طُرحت بعد الانقلاب على عندنان مندريس، فحينها كنا نقول :"هل سيُعدم رئيس الوزراء مندريس؟ هل سيُعلق على مشنقة جزيرة "ياصّي"؟
ألا يوجد فرق بين عامي 1961 و 2015؟ هل من الممكن للعالم في بداية الألفية الثانية أنْ يبقوا متفرجين على قتل 250 ألف مسلم في البوسنة والهرسك؟
هل من المعقول أنْ يبقى العالم في القرن الواحد والعشرين، متفرجا على قتل مئات الآلاف من السوريين بالبراميل المتفجرة، وعلى لجوء الملايين منهم إلى دول أخرى؟
هل يُعقل هذا؟ أخبروني بالله عليكم عن أي "عالم" نتحدث؟
نحن نتحدث عن "عالَمٍ" ألقى قنبلة نووية على هيروشيما، نتحدث عن عالمٍ الذي سحق فيتنام بالقنابل وحرقها، نتحدث عن العالم الذي جعل من الأطفال في فلسطين، أهدافا لمعسكرات تدريبية، نتحدث عن عالمٍ ارتكُبت فيه مآسي أبوغريب. نحن نتحدث عن عالمٍ، فيه الولايات المتحدة الأمريكية تتشدق بالديمقراطية، وفي نفس الوقت، تقوم بحرق الناس والدول الأخرى، تقوم بأفظع الجرائم البشرية في سجن غوانتينامو.
هل سيكون إعدام رئيس مُنتخب، شيء جديد وخارق على هذا العالم الذي يسعى إلى إبقاء حبل المشنقة ملفوفا حول عنق العالم الإسلامي؟ أيها الناس، ما يزال حبل المشنقة ملفوفا حول عنق الأمة الإسلامية.
لا يوجد لي حديث مع من لا يعتبر نفسه من الأمة الإسلامية، لكنني أوجه ندائي إلى أولائك الذين شعروا بعظيم فاجعة إعدام عدنان مندريس، أقول لهم، عندما يُعدم مرسي ستصلون إلى نفس النتيجة، وستشجرون بنفس المشاعر، وستعيشون نفس الآلام.
نعم، نحن نتحدث عن رئيس مُنتخب بنسبة 52% من قبل الشعب المصري، خلال انتخابات حرة ونزيهة، ماذا تفعلون أنتم بدعمكم للانقلاب؟ تقومون بإبادة 52% من الشعب المصري.
كلما ازداد الدعم الجماهيري لمرسي، كلما ازداد خوف الانقلابيين، ونحن نقول لهم، لن تستطيعوا تكبيل أيادي كل الشعل المصري. وأقول إلى الشعب المصري، انظروا جيدا إلى ما جرى مع عدنان مندريس.
انظروا جيدا وأعيدوا قراءة التاريخ، عندما قامت عصابة باختطاف رئيس وزراء الشعب، وألبسوه ثياب الإعدام، وأخرجوه على منصة الإعدام، حينها احترقت قلوبنا وعقولنا. واليوم، عندما نشاهد نفس المشهد يحصل مع مرسي – لا سمح الله- ستحترق قلوبنا أكثر، وسنشك في أنفسنا "ألم نتحرر بعد؟ ألم نصبح أحرارا إلى الآن؟".
علينا إنهاء قرن من العبودية والذل، علينا أنْ نجعل تركيا تصبح تركيا حقيقية، وأنْ نجعل العالم الإسلامي عالما إسلاميا، يملك كلمته وقراره، ولننهي عهدا تتبجح فيه أمريكا بدعم الانقلابيين والدكتاتوريين الذين أذاقونا الويلات.
علينا فهم ما يجري بصورة صحيحة، وقد سبق وأنْ تحدثت عن أهمية الانتخابات القادمة بالنسبة لتركيا، حينما قلت:
"الانتخابات القادمة هي انتخابات مصيرية، ستحدد الطريق التي ستسير عليها تركيا في المستقبل، فهذه ليست انتخابات الحد الأدنى من الأجور، ولا انتخابات مرتبات المتقاعدين، وإنما هي انتخابات "تكون فيها تركيا أو لا تكون"، هي انتخابات لبناء تركيا جديدة، هي انتخابات ستتوج كفاحا طويلا من أجل الانعتاق من الوصاية، وهي انتخابات تحمل أهمية بالغة، كأهمية حرب "تشانق قلعة".
هل هناك علاقة بين إسقاط مرسي والحد الأدنى من الأجور أو معاشات المتقاعدين؟ ولماذا سمعنا اردوغان وداود أوغلو مؤخرا يقولون "إذا كانت شهادة على طريق الوطن، فسنرحب بعزرائيل".
لماذا لم تصل إرادة الشعوب إلى سدة الحكم في الدول الإسلامية حتى الآن؟ لماذا يتلقى السيسي كل التحايا من واشنطن؟ علينا التفكير في إجابات هذه الأسئلة.
سلام على بديع ومرسي وقرضاوي، سلام على إخوة الكفاح، ولا غالب إلا الله.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس