ترك برس
ذكر تقرير لشبكة الجزيرة القطرية، أن كييف تستخدم طائرة "بيرقدار" المسيرة التركية كورقة ضغط ضد موسكو، بهدف تغيير معادلة الأزمة القائمة بينهما في منطقة دونباس، شرقي أوكرانيا.
جاء ذلك في تقرير استعرض آراء خبراء ومحليين، حول الأزمة الأوكرانية الروسية، ودور المسيّرات التركية "بيرقدار" فيها.
وكانت أوكرانيا قد أبرمت صفقة مع تركيا، عام 2019، لتزويدها بطائرات "بيرقدار تي بي2" المسيرة.
ومسيرات "بيرقدار تي بي 2" من إنتاج شركة "بايكار" التركية، وهي شركة تعمل في مجال الدفاع والطيران منذ 1984، وتعد أحد مصنعي الطائرات غير المأهولة القلائل في العالم.
وتُستخدم الطائرة "بيرقدار TB2" حاليا من قبل الجيش وقوات حرس الحدود والأمن وجهاز الاستخبارات في تركيا، إلى جانب استخدامها في بلدان أخرى مثل أذربيجان وقطر وأوكرانيا، وحديثا بولندا.
وكانت الرئاسة الروسية قد دعت في وقت سابق، تركيا إلى عدم تصدير طائرات مسيرة إلى أوكرانيا، لترى لاحقاً أن "المخاوف تحققت"، وأن استخدام الطائرة المسيرة "بيرقدار" سيؤثر سلبا على الوضع في الإقليم، الذي يسيطر عليه الموالون لها.
ويرى خبراء أن في استخدام "بيرقدار" استعراض قوة تمارسه أوكرانيا، ورسالة مفادها أنها قادرة على الضغط، أو حتى تكرار سيناريو تحرير إقليم قره باغ الأذربيجاني في إقليم دونباس الأوكراني.
ونقل تقرير الجزيرة عن الخبير في المعهد الأوكراني للمستقبل، إيليا كوسا، قوله: "وصلت الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية الروسية حدا كبيرا وخطيرا بالنسبة لأوكرانيا، ولهذا طبقت كييف ما لمحت إليه سابقا بعد تحرير قره باغ، لتجبر الروس على إعادة حساباتهم، والتفكير بطريقة جديدة للتعامل معها".
ويوضح كوسا أن "روسيا تتعامل مع أوكرانيا بمنطق القوة والفوقية، مدركة فارق الإمكانيات. واليوم، تسعى كييف -على ما يبدو- إلى تغيير قواعد اللعبة، وترجيح كفة ميزان القوة لصالحها نوعا ما، اعتمادا على واقع إقليمي وعالمي جديد".
وفي سياق متصل، يرى كل من كينيث يالويتز -السفير الأمريكي السابق لدى جورجيا وبيلاروسيا- ووليام كورتني -السفير الأميركي السابق لدى جورجيا وكازاخستان- أن لدى موسكو اليوم مساحة أقل للمناورة مع أوكرانيا وجورجيا المجاورة، على عكس ما قد توحي به قوتها.
وأوضحا -في مقال مشترك بمجلة "ناشونال إنترست" الأميركية- أن "روسيا قلقة من التطورات في آسيا الوسطى بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، وتنامي النفوذ الصيني هناك وفي جنوب القوقاز، حيث لدى بكين قاعدة عسكرية في طاجيكستان، وكذلك الحال في القطب الشمالي، التي تشكل مناطق النفوذ الروسي التقليدية".
كما دللا على هذا الرأي بالقول إن "استمرار دعم الغرب لسيادة واستقلال وسلامة أراضي جميع الدول السوفياتية السابقة، أدى إلى بناء خزان من حسن النية بين كثيرين في المنطقة، إن لم يكن جميعهم".
ويذهب البعض إلى ربط هذا "التصعيد الأوكراني" بضوء أخضر حصلت عليه كييف من حلفائها في دول الغرب، لا سيما في ظل توتر العلاقات بين هذه الدول وروسيا.
ويذهب آخرون حتى إلى القول إن تركيا -ببيع بيرقدار لأوكرانيا ومن ثم استخدامها هناك- تدفع كييف نحو التصعيد، بهدف مساومة بوتين على سوريا.
يقول رئيس معهد الإستراتيجيات العالمية، فاديم كاراسيف، "ليس سرا أن أوكرانيا تنسق مع شركائها في حلف الناتو، وربما تحصل منهم على دعم ومباركة ما تقوم به على الأرض".
لكنه اعتبر أنه "خطأ جسيم القول إنها تنطلق بإذن منهم، وتنفذ توجيهاتهم. جيش أوكرانيا ليس مليشيا تدار من جهة داخلية أو خارجية لتحقيق أجنداتها؛ ولأوكرانيا -ككل- حسابات قد لا تعجب بعض الشركاء، كألمانيا وفرنسا، كما رأينا".
وفي ظل هذا التوتر المتصاعد، تبرز فرضيتان لاستشراف المستقبل: أولها تقول إن التصعيد الراهن ما هو إلا زوبعة جديدة في فنجان -إن صح التعبير- هدفه الوصول إلى حلول لقضايا إقليمية وعالمية أخرى، وثانيها تعتبر أن التوتر يتجه -عاجلا أو آجلا- نحو إعلان الحرب.
وعن ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي أوليكساندر بالي "إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن استخدام بيرقدار والتهديدات الأوكرانية الأخيرة جاءت بدون مقدمات تذكر، نستطيع استنتاج أن الهدف الأوكراني منها (أو حتى الغربي) إجبار موسكو على تقديم تنازلات سياسية واقتصادية، وهذا واضح من بعض التصريحات".
لكنه يضيف "ومع ذلك، دعونا لا ننس أن المنطق الروسي يفضل أن يحل أي تهديد بالقوة. وإذا كان الغرب جادا في دعم أوكرانيا وصادقا في نيته ضمها إلى عضوية الناتو، فأعتقد أن الوصول إلى الحرب سيكون مسألة وقت فقط".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!