أفق أولوطاش - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
في يوم الأربعاء الماضي من هذا الأسبوع أُقيم مؤتمر الساتا (وهو مركز للدراسات السياسية والإقتصادية والإجتماعية) في واشُنطن بالولايات الأمريكية المُتحدة. تناولت الحوارات طبيعة العلاقات بين البلدين. وظهر بشكل واضح أن العلاقات اقل حميمية من الماضي، ففي السابق كانوا مُتلهفين لبناء جُسور التواصل بين البلدين، أما الأن فهم وبشكل واضح أقل حماس في تعاطيهم معنا. وقد ظهر جليا تأثُر الأمريكيين بلتحولات وتقلُبات السياسية وإختلاف أيدولوجيا السياسة الأمريكية تجاه تركيا وسياسة أنقرة. فقرائتهم السطحية لتركيا جعلتهم يتصيّدون لنا الكثير. وما زاد تعقيد العلاقات هو تجاهل واشنطن للحوارات التي تجري بين الطرفين من مثل هذا المؤتمر، فهي لا تعتمد كثيرا على آراء المُحاورين معنا، مما أفقدها الكثير من الإمتيازات والميزات التي يُقدما السياسيين الأتراك.
تعلم واشنطن من الخُبراء والمتخصصين في مراكز البحث والإستطلاع الأمريكية والعالمية أن تركيا ستختار حزب العدالة والتنمية من جديد. فالتعبير المشهور عند سياسييهم" توقعات واشنطن والقيادة السياسية تصب في إستمرار سيطرة حزب العدالة والتنمية على الحكم في تركيا لسنوات قادمة". لكن تجد من يُناقض المنطق والتاريخ ليُمنّي النفس ويقول" هل من الممكن أن ينجح التحالف؟". تلك العقول ما زالت تعيش أيام الجيش الأحمر السوفييتي ونشوة إنتصارهتم عليه. فبعد مُحاولتهم الماضية في زعزعة الإستقرار وإحداث البلبلة في تركيا، وبعد إحباطهم من أمكانية الوصول عبر الصّناديق، يبقى لهم الأحلام والتّمني.
يعلم الكُل أن التاريخ يُسطّر صفحة جديدة للشرق الأوسط، فتراهم يستقطبون كلٌ حسب مصالحه، وانطلقت واشنطن تقود راحلتها وترسم الخطط الإستراتيجية مُتجاهلة تركيا. فما لا تعيه واشنطن أنه لا يُمكن أن تكون هنالك خُطة إستراتيجة ناجحة بالمنطقة إلا بمُشاركة تركيا، فهي اللاعب الأبرز الذي يملك الكثيرمن خيوط المرحلة، ولا حل جذري إلا بإشراك تركيا كلاعب أساسي. ومن أمثلة على فشل السياسات المُتجاهلة للدور التركي، خطة التحالف العالمي في مُجابهة تنظيم الدولة الإسلامية، فقد إعتمدوا على إستراتيجية القصف الجوي متجاهلين المُعارضة السورية. فبرغم ضراوة الضربات والأداء العالي لضربات التحالف إلا أن تنظيم الدولة الإسلامية ما زال يُحقق إنتصارات إستراتيجية ستُطيل من عُمره ومن طول المعركة. فالحل لمُجابهة فعّالة تُقوّض من سيطرة التظيم في سوريا والعراق هو بالعمل على الحُلول التركية وإشراكها في خُطط المنطقة.
سياسية واشنطن تجاه الشرق الأوسط هو إنتاج الفوضى الخلّاقة
في مواجهات الساحة العراقية والسورية مع تنظيم الدولة الإسلامية، تشهد إختلافات واضحة بين سياسات أنقرة وسياسات واشنطن. فواشنطن تريد خلع الأسد لكن لا تُريد ان تخطوا أي خُطوات جادة في تحقيق ذلك، وهي بالتأكيد تُريد القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق لكن دون أن تُكلُف العراق صدمات جديدة. نعم إنها حُجج واهية وكأنها تقول" أتركوا الأمور على حالها فهي تُناسبني كثيرا".
تُريد أن تُقوّض تنظيم الدولة ولكن دون أخذ أي حُلول حقيقية تؤدي الى ذلك، ففي النهاية كلمة واشنطن هي التي تُحدد السياسات وهي التي ترسم إستراتيجيات المنطقة. وأوضح إسماء يعكس حقيقة ما تُريده واشنطن، هو الرئيس باراك أوباما، فقد قال وبالفم المليان أننا لا نُريد أي تدخل في الشأن السوري إلا ما يتعلق بالأمور الإنسانية. ففي حقيقة الأمر، كل ما يحدث في سوريا من هدم لكل معالم الحياة والحضارة، والتوجه الرديكالي لمسار الثورة، ما هي إلا مصالح تصب في البيت الإبيض.
سمعنا كثيرا عن تسليح المُعارضة المُعتدلة، لكن كل ما تدور من شائعات عن هذا التسليح سواء بقلته أو حتى قلة المُتدربين، ما هي إلا خيبة للآمال بكل المقاييس. نعلم أن الساسة تُحكم بالمصالح والبرغماتية، لكن ما نراه من العلاقة التركية الأمريكية ليست على مُستوى المرحلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس