ترك برس-الأناضول
في ولاية ماردين التركية، تلهم الزخارف الموجودة في الأبنية التاريخية التابعة للمسلمين والسريانيين كالمساجد والكنائس والأديرة والمدارس، صانعي المشغولات الفضية بفن "التلكاري".
ولا يزال "معهد النضج" في ماردين (جنوب شرق) يعمل على إحياء فن "التلكاري" التقليدي الذي يرجع تاريخه إلى 3 آلاف عام.
وتأسس "معهد النضج" داخل مبنى المدرسة الرشدية التي تأسست عام 1892 على بقايا مدرسة المظفرية المبنية قبل حوالي 700 سنة، بالقرب من قلعة ماردين.
وقد كشف فريق البحث بالمعهد عن 364 شكلاً من الزخارف بالأبنية التاريخية التي شغلت حجارتها بمنتهى الإتقان مثل المدرسة القاسمية والمسجد الكبير وكنيسة "قيرقلر" و"دير الزعفران".
ويستخدم مدربو الزخرفة بورشة العمل في المعهد هذه الزخارف في فن التلكاري، لينتجوا مشغولات فضية أشبه بتحف فنية تنال إعجاب السائحين المحليين والأجانب.
وقد استخدم رسم المحار الموجود في دير الزعفران والمسجد الكبير في قضاء "قيزيل تبة" على طابع المديرية العامة للبريد في تركيا (Ptt) العام الماضي، وفاز بالمركز الثالث على مستوى أوروبا في المسابقة التي نظمها الاتحاد البريدي الأورو متوسطي التي شاركت فيها الدول المطلة على ساحل البحر المتوسط.
** أرشفة التصميمات
وفي تصريحات لوكالة الأناضول قال متين دايار، مدير المعهد، إنهم يجرون أبحاثاً لدراسة ثقافة المدينة القديمة من جوانب عدة.
وأضاف أنهم يبحثون عن الزخارف وخاصة الموجودة على الأبنية الدينية ثم يقومون برسمها وإعداد تصاميم لها، ثم يعدون أرشيفاً رقمياً لهذه التصاميم، وبعد ذلك يستخدمونها في فن التلكاري للمشغولات الفضية.
وأشار دايار إلى أنه بمجرد ذكر ماردين، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو فن المشغولات الفضية أو التلكاري، مبينًا أنهم يبيعون المنتجات التي يعدونها بالورشة وتضاف عوائدها إلى رأس مال المعهد.
وأكد أنهم يسعون للحفاظ على هذه القيم الثقافية والفنون اليدوية التقليدية من خلال أرشفة المنتجات وعرضها داخل تركيا وخارجها.
ولفت إلى أنهم يشعرون بحماس كبير عند معرفة الحكايات والقيم الرمزية للزخارف أثناء بحثهم عنها.
وتابع: " كل تصميم وعنصر زخرفي له قصته الخاصة، ونحن نقوم باستحضار ثقافة الماضي وقيمها وفنها وحكاياتها إلى الحاضر، ونحولها إلى فن".
وأوضح أنهم استخدموا مئات الزخارف في منتجات عديدة وخاصة الحلي والإكسسوارات، وأن هناك بطاقة هوية وأرشيف رقمي لكل منتج من منتجاتهم.
** مدينة الأديان واللغات والحضارات
وقال حسن أيدوغان، أحد المصممين في فريق البحث والتطوير بالمعهد، إن السريانيين والمسلمين عاشوا في وئام وسلام طوال عدة قرون في ماردين المعروفة بمدينة الأديان واللغات والحضارات.
وأفاد أيدوغان بأنهم يرون آثار العديد من الحضارات والثقافات في ماردين ويسعون للاستفادة من هذا الثراء.
وأردف أن صورة المحار التي حازت على الجائزة، تم استخدامها من قبل العديد من الحضارات في الفن الإسلامي التركي وما قبل الإسلام، وكان يرمز للخصوبة والولادة وحياة الآخرة والخلود.
من ناحية أخرى قال المدرب إبراهيم جيريق، إنه تعلم فن التلكاري قبل سبع سنوات على يد السرياني صوفي هنديرلي، الحائز على جائزة "يونسكو" للكنوز البشرية الحية.
وأضاف جيريق أنه طور نفسه في هذا الفن، وأن المنتجات التي يقومون بتصنيعها تجد استحسانًا كبيرًا، مضيفاً أنهم سيقومون بالترويج للتلكاري ولماردين في الكثير من الأماكن الجميلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!