د. علي الصلابي - خاص ترك برس
تكوَّن الجيش السلجوقي من عناصر متعددة، كالترك، والغزّ، والأعاجم، والكرد، والديلم، والعرب، وغيرهم من الأجناس.
وأهم العناصر في الجيش السلجوقي:
1 ـ الأتراك:
اعتمد السلاجقة على بني جلدتهم من الأتراك ويتضح ذلكَ من النصوص الواردة في بعض المصادر عن تفضيل بعض سلاطين السلاجقة لبني جنسهم، يقول السلطان ألب أرسلان مخاطباً جندهُ الأتراك: لقد قلت لكم مرة ومرتين ومئة مرة: أنتم الأتراك جيش خراسان وما وراء النهر، إنكم لغرباء في هذه الديار، لقد أعز الله ـ عز وجل ـ الترك اليوم وسلطهم على رقاب الديالمة؛ لأنهم مسلمون خلَّص أطهار لا يعرفون البدع والأهواء.
وقد صدق السلطان ألب أرسلان في هذه العبارة حيث جعل اتباع السنة والتمسك بها والابتعاد والبعد عن الأهواء سبباً في إعزاز الله ونصرتهم، كما أن في قوله ذلكَ دلالة واضحة على تقديمهِ الأتراك وتفضيله لهم على بقية العناصر، واعتبارهم العماد الأول لجيشه، بل كانوا العنصر الرئيس للقوة النظامية في الجيش السلجوقي.
2 ـ العرب:
اشتهر العنصر العربي منذُ القديم بصفاته الحربية الثابتة في المعارك ومهارته العالية في ركوب الخيل فيها، وإجادتهم استخدام الرماح الطويلة، ويُـعَدُّ العرب أحد عناصر الجيش السلجوقي، وله أهميته في بعض المعارك الحاسمة. (النظم الحربية عند السلاجقة، ص 162)
3 ـ الأكراد:
كان الأكراد أحد العناصر التي تكوَّن منها الجيش عند السلاجقة، فقد اجتمعَ إلى السلطان ألب أرسلان عشرة الاف من العنصر الكردي في معركة ملاذكرد الشهيرة، ويتميز الأكراد بالشجاعة في القتال رجَّالةً وفرساناً. (تاريخ بن أبي الهيجاء، ص 118 ـ 119)
4 ـ الفرس:
هم أحد العناصر التي شكلت الجيش السلجوقي بوضوح، وأهم ما يميزهم ـ عسكرياً ـ الشجاعة، والصبر، وإجادة الرمي بالنشاب.
5 ـ الديلم:
هم أحد العناصر التي دخلت في تكوُّن الجيش السلجوقي، وهم أهل فروسية، وشجاعة، ويجيدون الرمي بالمزاريق.
6 ـ الأرمن:
ورد ذكر الأرمن ضمن عناصر الجيش السلجوقي من خلال بعض الحوادث، ومما يدل على ذلكَ أنه عندما عُهد إلى سعد الدولة كوهرائين بالقضاء على قاورد ـ عم السلطان ملكشاه ـ أسند المهمة إلى أحد الأرمن الذي قام بقتله خنقاً (النظم الحربية، ص 71)، وكان عنصر الأرمن ثابتاً في جيوش السلاجقة في هجوم على آسيا الصغرى، أو مواجهة جيوش الصليبيين كفرق وجنود أيضاً، هذه هي أهم العناصر التي تكون منها الجيش السلجوقي.
فرق الجيش:
1 ـ الرجَّالة:
كانت الفئة المحاربة في الجيش السلجوقي تتكون بصفة عامة من: الرَّجالة (المشاة)، والخيالة (الفرسان)، وكانت الرجالة تتقدم على الفرسان في الجيش. (مختصر سياسة الحروب، ص 37)
2 ـ الفرسان:
تمثل فرقة الفرسان القوة الضاربة الرئيسة للجيوش، وكانت الفئة المحاربة في الجيش السلجوقي ويمثلون الجزء الفعَّال من جيش السلاجقة، لما توفر لديهم من سرعة، ومرونة ساعدهم عليها خفة حركتهم، وسرعة عَدْوِ خيلهم، وخفة أسلحتهم التي يحملونها (النظم الحربية، ص 176)، وتتمثل في الغالب في القوس وهو السلاح الرئيس لهم، ولكنهم كانوا يحملون أيضاً الترس، والرمح، والسيف، والهرواة، (الحروب الصليبية، ص 77) وكان استخدامهم للسهام على ظهور الخيل مميزاً، فكانوا يطلقونها ببراعة دون الحاجة إلى التوقف أو الترجل عن خيلهم، وكانت هذه الميزة لديهم حتى في أثناء تراجعهم عن أرض المعركة، فكانوا يدورون فوق السرج، ليطلقوا السهام على مطارديهم بفعالية واضحة (النظم الحربية عند السلاجقة، ص 177)، وقد مكنت خفة الأسلحة الفرسان من حملها واستعمالها بسهولة على ظهور الخيل.
3 ـ النشابة، والنفاطون، والمنجنيقيون، والدبابون:
النشابون: هم رماة النشاب، (أخبار الدولة السلجوقية، ص 80) حيث أجاد السلاجقة الرمي بالنشاب، حتى أصبح ميزة من مميزات الجيش السلجوقي، ويذكر أحد شهود العيان : أن النشابة كانوا في مقدمة الجيش السلجوقي، وأن عددهم
وصل إلى عشرة آلاف من الرجالة وفي الكثافة العددية للنشاب في المعركة دلالة قاطعة على كثرة تعداد من يقوم بإطلاقها، وكان الفرسان أيضاً يستخدمون النشاب في قتالهم كذلك، ويؤكد كثير من المؤرخين وجود النشابة في الجيش السلجوقي وفعاليتهم في معاركهم.
والنفاطون: هم رماة النفط لإحراق حصون الأعداء (الحرب عند العرب ص 330)، وغيرها من العوائق التي تعيق تقدم الجيش، فمثلاً عندما سار السلطان ألب أرسلان إلى ناحية شكّي، من بلاد الأبخاز ووجد بها غياضاً واجاماً يحتمي بها اللصوص أمر السلطان النفاطين بإحراقها، إدراكاً منهُ لما تشكله هذه المنطقة من خطورة على الجيش السلجوقي.
وأما المنجنيقيون فهم رماة المنجنيق التي تشبه المدفعية الميدانية الثقيلة في عصرنا الحاضر، ويؤكد كثير من المؤرخين وجودهم في الجيش، واعتماد السلاجقة عليهم، وأن المنجنيقات كانت أهم أسلحة جيشهم الثقيلة وكانت الفرقة التي تقوم عليها ترافق الجيش في كثير من الميادين.
وأما الدبابون فقد كانوا يدخلون داخل الدبابة وهي الة حربية على هيئة هودج كبير، يتسع لمجموعة من المقاتلين، يحتمون، ويزحفون في داخلها، حتى يقتربوا من السور للمدينة المحاصرة، ومن ثم يقومون بنقبه في نقاط الضعف فيه. (تاريخ السلاجقة، ص 276)
المصادر:
أخبار الدولة السلجوقية، تصحيح محمد إقبال، لاهور 1933 م.
الحرب عند العرب، إبراهيم مصطفى المحمود، دار القلم، دمشق، 1985 م.
الحروب الصليبية، سميل، ترجمة سامي هاشم، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت، 1982 م.
الحروب الصليبية، سهيل زكار، دار حسان، دمشق 1404 هـ 1984 م.
دولة السلاجقة وبروز المشروع الإسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي، علي محمد الصلابي، دار ابن كثير، الطبعة الأولى، 2006م.
مختصر سياسة الحروب، للهرثمي صاحب المأمون، تحقيق عبد الرؤوف عون، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، مطبعة مصر بالقاهرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس