ترك برس
زاد استخدام مصطلح "الوطن الأزرق"، خلال السنوات الأخيرة، من قبل الساسة ووسائل الإعلام في تركيا، وذلك تزامناً مع تسارع الأحداث في شرق المتوسط وبحر إيجة، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن حقيقة هذا المصطلح وما يعنيه بالنسبة للدولة التركية.
كتلة مائية شاسعة تحف خريطة تركيا من الشمال عبر البحر الأسود، ومن الغرب من خلال بحر إيجة، ومن الجنوب بواسطة البحر المتوسط، يسميها الأتراك "مافي وطن" (Mavi Vatan) أي "الوطن الأزرق"، نسبة إلى زرقة مياه البحر، ولتمييزه عن "الوطن الترابي" الذي تتشكل منه الجمهورية التركية.
تسعى تركيا عبر خطة "الوطن الأزرق" للتوسع في المياه البحرية المحيطة بها، التي يقصد بها المنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري والمياه الإقليمية المحيطة بتركيا، التي تتيح حرية استخدام جميع الموارد البحرية الموجودة فيها.
وتعادل مساحة "الوطن الأزرق" نصف المساحة البرية لتركيا.
وتنص نظرية الوطن الأزرق، حسب الأدميرال التركي المتقاعد جيم جوردنيز الذي ابتكر النظرية، على بسط السيادة التركية على مساحات شاسعة من شرق البحر المتوسط وبحري إيجة والأسود، وهذه النظرية لا تزال مسيطرة على العقيدة البحرية التركية. ويرى جوردنيز أن البحرية التركية هي الأولى في شرق المتوسط، لذلك على تركيا أن تكون أكثر طموحا، بحسب ما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت."
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق إن "البحر المتوسط لا يشكل سوى 1% من المحيطات والبحار في العالم. يجب أن تذهب تركيا أبعد من هذه النسبة.. ينبغي أن يكون لتركيا حضور في البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الأطلسي، كرمز لنفوذ متزايد".
وفي سبتمبر/أيلول من العام 2019 نشرت وسائل إعلام تركية صورة للرئيس رجب طيب أردوغان، وخلفه خريطة "الوطن الأزرق" خلال زيارته للمدرسة الحربية التابعة لوزارة الدفاع التركية. وأثارت الصورة حفيظة اليونان، وقال وزير خارجيتها، نيكوس ديندياس آنذاك، "لا يمكن لأحد البلدان رسم خريطته بناء على رغباته السياسية".
ووفقا للقوانين الدولية، تبدأ المياه الإقليمية من الشاطئ البحري وتمتد على 12 ميلا بحريا، تمارس فيها الدولة سيادتها وتزاول اختصاصاتها الحكومية، وتشمل كلا من النطاق الجوي وقاع البحر وما تحته من طبقات.
أما المنطقة الاقتصادية الخالصة فتمتد إلى 200 ميل بحري، وتتيح للدول الملاصقة ممارسة نشاطات في تلك المياه والاستفادة من الخيرات الموجودة هناك، بشرط الإعلان عن تلك المشاريع والحصول على موافقة.
وفي أبريل/ نيسان الجاري، أطلقت تركيا مناورات "الوطن الأزرق 2022" البحرية، والتي تجري بالتزامن في البحار الـ 3 المحيطة بالبلاد، في خطوة للتأكيد على أهمية هذا المصطلح وما يعنيه بالنسبة لأنقرة.
وفي كلمة له خاطب فيها قوات بلاده المشاركة في المناورات المذكورة، أشار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى أن بلاده دولة محاطة بالبحار من 3 جهات، ولذلك فإن امتلاكها قوات بحرية قوية ليست خياراً بل ضرورة.
ولفت إلى إصرار تركيا على مواصلة السعي حتى تصبح القوات البحرية من أقوى القوات في المنطقة والعالم، مبيناً أن القوات البحرية التركية تؤدي أيضا عمليات الإغاثة الإنسانية في عدة مناطق حول العالم.
وتأتي المناورات البحرية التركية هذه، في محيط بحري ملتهب، وبالتزامن مع الحرب بين روسيا وأوكرانيا اللتين تربطهما حدود بحرية مع تركيا، وفي ظل الخلاف الحدودي مع اليونان، ومع استمرار هدف التنقيب عن الموارد في شرق المتوسط.
وتتواصل المناورات على نحو متزامن في 3 بحار هي: الأسود وإيجة والمتوسط، وتستمر حتى 21 من أبريل/ نيسان الجاري.
ووفقا لبيان وزارة الدفاع التركية، تشارك 122 سفينة و41 وحدة جوية، مع 12 ألف عنصر في هذه المناورات، مكونة من 10 فرقاطات و6 طرادات و17 زورقا هجوميا، و11 غواصة و8 سفن لصيد الألغام البحرية و32 سفينة من فئة السفن المساعدة و12 سفينة دورية و25 زورق إنزال وسفينة اختبار وتدريب.
كما تشارك القوات البرية والجوية وقوات الدرك، بالإضافة إلى عشرات السفن والمروحيات والطائرات التابعة لخفر السواحل التركي.
وفي المناورات الجارية تستخدم الذخيرة الحية وتنفذ ضربات بحرية وجوية لمركبات غير مأهولة وعالية السرعة كأهداف، من أجل خلق بيئة حرب حقيقية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!