ترك برس
تواصل فنلندا مساعيها لضمان موافقة كل أعضاء حلف شمال الأطلسي "ناتو" على انضمامها للتكتل العسكري، كما تواصل إرسال رسائل إلى تركيا تعبر فيها عن رغبتها في مواصلة الحوار، إلا أنها لم تتخذ بعد أي خطوات ملموسة من شأنها تبديد المخاوف التركية.
وتقدم كل من فنلندا والسويد، الدعم لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي وفروعه بسوريا والعراق، فضلا عن تنظيم "غولن" الإرهابي المسؤول عن المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016.
وفي إطار زيارة إعلامية لهلسنكي، نظمتها وزارة خارجيتها حول السياسات الأمنية والخارجية للبلاد، رصد تقرير لوكالة الأناضول مراحل اتخاذ فنلندا لقرار الانضمام إلى حلف الناتو وأصداء اعتراض تركيا على انضمامها والسويد للحلف.
** هل تخلت فنلندا عن سياسة الحياد؟
حاربت فنلندا الاتحاد السوفيتي، مرتين خلال الحرب العالمية الثانية، ولا تزال آثار حرب الشتاء التي بدأت بهجوم سوفيتي على فنلندا في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1939 وانتهت بهزيمة فنلندا في مارس/ أذار 1940، عالقة في الأذهان حتى اليوم.
وفي الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، تبنت فنلندا، سياسة عدم الانحياز للكتلة الشرقية أو الغربية تجنبا لخوض حرب مماثلة.
كما حافظت هلسنكي، على علاقات محدودة مع الغرب لعدم إثارة حفيظة الاتحاد السوفيتي، إلا أنها عقب انتهاء الحرب البادرة اتجهت لتطوير علاقاتها بسرعة مع الغرب.
وبالرغم من عضويتها بمنظمة الأمم المتحدة والمجلس الشمالي (المجلس النوردي ـ منتديات لتعاون حكومات وبرلمانات دول شمال أوروبا) والاتحاد الأوروبي، حافظت فنلندا على سياسة الحياد العسكري ولم تنضم لحلف الناتو وفضلت التعاون مع الحلف في إطار برنامج الشراكة من أجل السلام.
لكن دفعت الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي، فنلندا إلى التخلي عن سياسة الحياد التي تنتهجها منذ أعوام.
وقبل بدء الحرب كانت نسبة مؤيدي الانضمام للناتو، لا تتجاوز 20 بالمئة في فنلندا، إلا أنها ارتفعت إلى 75 بالمئة بعد الشروع في الحرب.
** ميثاق الناتو
ودفعت الحرب الروسية الأوكرانية، فنلندا للتحرك بسرعة من أجل الانضمام للناتو، ومع أنها ليست هدفا مباشرا للهجمات الروسية، إلا أن البلاد تتحرك وفقا لمفهوم "الأمن الشامل" إذ أن أهم استراتيجية دفاعية هي "الاستعداد والجاهزية".
ودأبت فنلندا بعث رسائل إظهار استعدادها ضد أي هجوم محتمل، فرفعت ميزانية الدفاع لديها وعززت قواتها الجوية بـ64 مقاتلة جديدة من طراز F-16، تتسلم الدفعة الأولى منها عام 2025.
واعتادت فنلندا على أن تحافظ على جاهزيتها العسكرية منذ الحرب الباردة بالمناورات التي تنظمها على فترات مختلفة.
وتفرض فنلندا التجنيد الإلزامي على الذكور فوق سن الـ18 كما تقبل بتطوع الإناث بالخدمة العسكرية، وبلغ عدد المتطوعات عام 2017 نحو 532 مجندة، ليرتفع في 2021 إلى 883 .
وترغب فنلندا في مواصلة سياساتها الأمنية تحت مظلة حلف الناتو وإن كانت تثق في قدراتها الدفاعية الخاصة.
وصرح وزير خارجيتها بيكا هافيستو، بأن الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى البنية التحتية والتدريب العسكري الذي يتمتع به حلف الناتو، حيث أن الحلف هو المؤسسة الوحيدة التي تتمتع بالتعاون في كل الأمور الأمنية، على مستوى أوروبا.
وأضاف أن فنلندا ترغب في الاستفادة من الضمانات الأمنية التي تكفلها المادة الخامسة من ميثاق الناتو التي تعتبر الهجوم على أي دولة عضو في الحلف اعتداء على كل الدول الأعضاء، وفقا لتصريحات وزير الدفاع أنتي كايكونين.
ودفعت الحرب على أوكرانيا، معارضي الانضمام إلى الناتو في فنلندا لتغيير آرائهم، بعد تصويت 188 برلمانيا لصالح القرار من أصل 200، وعليه توجهت فنلندا والسويد في 18 مايو/ أيار الماضي، لتقديم طلب رسمي في بروكسل للانضمام للحلف.
** دعم الإرهاب لا يتوافق مع روح التحالف
وجاء اعتراض تركيا على انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو بسبب الدعم الذي تقدمه الدولتان لتنظيم بي كي كي الإرهابي وذراعيه "واي بي جي" و "بي واي دي"، إلى جانب تنظيم غولن الإرهابي.
وتطالب أنقرة البلدين بمنع أنشطة التنظيمات الإرهابية على أراضيهما التي تهدد أمن الشعب التركي واتخاذ خطوات ملموسة ودائمة في سبيل ذلك.
كما بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، موقف بلاده بوضوح خلال اتصالاته مع قادة الدولتين، وكذلك فعل المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن، في 25 مايو/ أيار الجاري، خلال لقائه وفدين من فنلندا والسويد في أنقرة.
وتؤكد تركيا أنه لا مكان في حلف الناتو لأي طرف يتغاضى عن التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديدا واضحا لدولة عضو في الحلف وأنها تنتظر الدعم لكفاحها المشروع ضد التهديد الواضح الذي يهدد أمنها وسلامة شعبها.
وجرت لقاءات بين تركيا والبلدين إلا أنهما لم تتخذا بعد أي خطوات ملموسة تدل على أنهما سيتحركان بالتوافق مع تركيا فيما يخص محاربة الإرهاب، ولذلك لم يتم الإعلان عن أي خارطة طريق أو تحديد مواعيد للقاءات مقبلة.
وحول ما تم في اللقاءات، قال الرئيس أردوغان، إنها لم تكن على المستوى المتوقع وفنلندا والسويد غير صادقتين في موقفهما.
** مواصلة الحوار
وصرحت فنلندا بأنها منفتحة على مواصلة الحوار مع تركيا وعن ثقتها في إمكانية حل المشاكل العالقة إلا أنها لم تتخذ أي خطوات ملموسة لتبديد المخاوف التركية.
وتعلق فنلندا آمالها على قمة مدريد التي سيعقدها الناتو نهاية يونيو الجاري.
وأعرب وزير الدفاع الفنلندي، عن أمله في التوصل إلى حل فيما يخص المطالب التركية قبل موعد القمة، مشيرا إلى أن بلاده مستعدة للحل.
بينما قال وزير الخارجية هافيستو، إنه يجب أن تكون هناك لقاءات أخرى مع نظيره مولود تشاوش أوغلو، وإن بلاده مستعدة لمواصلة الحوار مع تركيا.
وتعتبر فنلندا "بي كي كي" تنظيما إرهابيا مدرجا على لائحة الإرهاب للاتحاد الأوروبي، إلا أنها لم تقدم أي رسائل واضحة حول دعمها لكفاح تركيا ضد أذرع التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق ولم تتخذ أي خطوات ملموسة.
فيما تصر تركيا على موقفها ومطالبها بقطع فنلندا علاقاتها ودعمها لأذرع تنظيم بي كي كي الإرهابي، ورفع الحظر الذي تفرضه على تصدير الأسلحة إليها.
بينما تعلن فنلندا أنها تسعى للتوصل إلى حل يؤدي إلى تبديد مخاوف تركيا من ناحية ومن ناحية أخرى تقول إنه يجب احترام إجراءاتها الداخلية فيما يخص حظر الأسلحة.
كما أنها لا تقدم أي مقترحات للتوصل إلى حل ملموس مع تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!