عائشة خالد - ترك برس
الحارس الأمين لمدخل البوسفور والرمز الأشهر من بين رموز ومعالم إسطنبول (Kız Kulesi) أو كما يسميه العرب (برج الفتاه). البرج الأصغر في تاريخ المدينة العريقة والحامل الأكبر للأساطير والحكايات والقصص.
لا يعرف تماما متى ومن بنى البرج ولماذا، لكن الأكيد اليوم أنه سيد أحد أجمل المناظر في العالم كله، ملتقى العشاق. يقع البرج في الطرف الآسيوي لمدينه إسطنبول بين منطقه (أسكودار) و(هارم) في الشاطئ الممتد مقابل إسطنبول القديمة حيث تغرب شمس إسطنبول بين أحضانه.
تحكي أحد أشهر الروايات عن أنه بُنِي على الجزيرة الصخرية عند مدخل البوسفور بأمر ملك عاش قبل الميلاد، حيث قالت له النبوءات إن ابنته الوحيدة ستموت بلدغة ثعبان، وليحمي ابنته من أي خطر محتمل عزلها في الجزيرة في عرض البحر وبنى لها القلعة لتحميها. وعاشت هناك حتى داهمها المرض وأقعدها و احتار فيها الحكماء، دون أن يجدوا لها علاجًا حتى اقترح عليه أحد الحكماء بأن العنب سيساعدها على الشفاء وجاء الثعبان مع سلة العنب وكتب نهاية الفتاة كما تنبأت النبوءات وماتت بلدغته، وبقي البرج يحكي قصة الفتاة المسكينة التي عاشت في عرض المضيق.
لكن الحكايات على شهرتها لا تفسر كيف بني البرج ومن أين جاءت الجزيرة إلى عرض المضيق، بعض الروايات تقول إن الجزيرة الصغيرة طبيعية وتروي أخرى أن الإنسان هو من صناعها من الصخور في عرض البحر.
تحكي الرواية الأخرى قصة مختلفه عن الأميرة والثعبان الذي قتلها، فيروى أن الجزيرة استخدمت معبدا للرهبان المنقطعين للعبادة. ببناء متواضع صغير، وكانت تعيش فيه فتاه تسمى هيرو، وفي أحد جولاتها خارج الجزيرة التقت لياندور الشاب ووقعا في الحب من أول لقاء ولاستحالة حياة تجمعهما ولأن الحب كان محرمًا على هيرو في تعبدها كانا يلتقيان سرا كل ما سنحت لهما فرصه، وكان لياندور يقطع المسافة سباحة ليلتقي بهيرو في جزيرتها الصغيرة المنعزلة، وفي أحد الليالي الماطرة أصر على السباحة نحو الجزيرة فجرفته المياه ومات غرقا في طريقه نحو حبيبته. فلم تطق صبرا على فرقه فانتحرت واشتهرت قصتهما في الأرجاء، وأصبح المكان مزارا للناس ليروا الجزيرة التي جمعت الحبيبين وفرقتهما، ثم مع مرور الزمن خف ذكر الحكايات وبقي المكان مزارا للكل ورمزا من من رموز إسطنبول.
لكن الأكيد في كل هذه الروايات أن البرج بني قبل الميلاد بمئات السنوات وأكثر التقديرات تشير إلى أكثر من 300 عام قبل الميلاد، انهار عشرات المرات قبل أن يصل إلى شكله الحالي.
ففي أيام الحكم البيزنطي للمنطقه، استخدمت الجزيرة محطه للسفن وكانت تسمى القلعه الصغيرة، و بعد فتح القسطنطينية بني فوق الجزيرة برج خشبي ثم التهمته النيران عام 1719، حتى قام رئيس المعماريين في الدوله آنذاك (إبراهيم باشا) ببناء صلب وبنى له قبته. بنى السلطان عبد العزيز برج مراقبة عليها ليخدمه أثناء الحرب، واستخدمه السلطان محمد الثاني كمكتبة وبنى لها دعامته الباقية إلى الآن التي تحميه من الزلال.
وفي عهد الجمهورية التركيه استخدم البرج للحجر الصحي، وعند دخول الكهرباء بثت منه أول إذاعه قبل أن يتوقف استعماله بشكل تدريجي. وفي عام 2000 فتح البرج ليكون مطعما إضافة لكونه مزارا للسياح والراغبين بمشاهده البرج من الداخل. وللذهاب إلى المطعم فيه عليك أن تحجز قبل وصولك حيث يقدم فيه الغداء والعشاء وحفلات الزفاف وسفرات الإفطار في رمضان، وتتكون قائمته من الطعام العثماني القديم بشكل فاخر وخدمة راقية و يمكن الذهاب للمطعم من منطقه كبتاش KABATAS على رأس كل ساعة من ال9 صباحا حتى ال6 مساء، ب20 ليرة تركية للسائح و10 ليرات تركية للطالب.
اليوم وحين تزور إسطنبول فإن أفضل طريقه يخدمك بها البرج هي أن تجلس أمامه وتمد ساقيك في جلسه بسيطة جدا لتشرب الشاي وتلعب الطاوله أو تتناول المكسرات أو أي شيء ترغب به و تشاهد غروب الشمس من خلف البرج وخلفه إسطنبول القديمة حيث تطل من خلفه مآذن آيا صوفيا وجامع السلطان أحمد وقصر توب كابي.
يمكن الوصول للبرج بأسهل الطرق إن وصلت إلى ساحل أسكودار حيث تحملك قدماك إلى هناك بمجرد أن تمشي على الشاطئ الممتد لعشر دقائق ليستقبلك البرج هناك كما فعل دائما منذ مئات السنين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!