محمد بارلاص - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
في كل بلد يوجد "دولة" و"دولة عميقة". في الأنظمة الاستبدادية تكون "الدولة العميقة" هي نفسها "الدولة". كوْن أنظمة الدول الاستبدادية فوق القانون ولا تخضع للمساءلة ولا للنقد، تقوم بكل ما يحلو لها من استبداد وكبتٍ للحريات من أجل المحافظة على نفسها.
تسعى الدول الديمقراطية أيضا لحماية أنفسها، لكن البعض وخصوصا السياسيين الذين انتخبوا كأقلية يعتقدون أن الدولة لن تحمي نفسها وقت الحاجة. والبعض الآخر يرى الدولة "تهديداً" له. ثم يُخيّل لهم من خلال أعمالهم غير القانونية وغير محسوبة النتائج أنّهم أسسوا دولة. هكذا تتكوّن "الدولة العميقة" في الدول الديمقراطية.
الحكومة غير المرئية
من بين المفاهيم السياسية الأمريكية التي تُطلق على "الدولة العميقة" مفهوم "الحكومة غير المرئية". عندما تقرؤون الكتب المتعلقة بهذا الموضوع ستجدون كيف أن الدولة العميقة في أمريكا قامت بعمليات عديدة في العالم دون معرفة الكونغرس مثل عمليات اغتيال وتحضير لانقلابات وغيرها.
يُشكل رأس المال والصناعة الأمريكية أيضا لوبيّ حرب. الرئيس الأمريكي "أيزنهاور" في خطابه الشهير عام 1961 حذّر من أنّ "اتحاد الجيش- العسكر يشكل تهديدا للديمقراطية الأمريكية". فهو كجنرال متقاعد يرى أن تطوّر التكنولوجيا المتسارع أدى إلى صعوبة متابعة ومراقبة ميزانية الجيش ومصاريفه، لذلك أدّى رأس المال المخصّص لصناعة الأسلحة والجيش إلى امتصاص مصادر الدولة وامتصاص الأموال المخصصة لقطاعي التعليم والصحة مما أثر عليهما سلبيا.
وهناك دولة موازية أيضا
ألم نحصل على معلومات كافية حول الدولة العميقة في إنجلترا من خلال أفلام "جيمس بوند 007"؟ والآن بعد ظهور عملاء في تركيا للدولة العميقة في ألمانيا والذين قاموا بعمليات تنصّت، نتذكّر لا محالة كيف تحوّل النازي القديم "رينهارد جيلان" إلى العمل مع الدولة العميقة.
لزمن قريب كنا نُدخل مصطلحي "الدولة العميقة" و"وصاية العسكر" في بعضهما البعض. قضى حزب العدالة والتنمية على وصاية العسكر. لكن هذا لا يعني أن "الدولة العميقة" قد تبخّرت. بل علمنا مؤخراَ بوجود "الدولة الموازية" التي استهدفت جهاز الاستخبارات الوطني، وحاولت القيام بعمليات انقلاب على الحكومة والسلطة، ووصل عملاؤها إلى القضاء والى الشرطة.
نحو نهاية سعيدة
بعد اختيار الشعب لرئيس الجمهورية، وبعدما سيتم تعيين رئيس الوزراء، بعد تاريخ 28 آب/أغسطس، سنكمل طريقنا. وخلال ذلك سنشاهد كيف ستكون سيناريوهات نهاية بقايا تشكيلات الدولة العميقة.
الشعب اليوم، والدولة الحقيقية، والسياسيون أيضا أوعى بكثير من قبل تجاه هذه الألاعيب ومستعدّون لها أكثر.
باختصار، نستطيع القول من الآن أنّ الفيلم الذي سيتحدّث عن ديمقراطيتنا سينتهي بـ"نهاية سعيدة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس