حسين ليك اوغلو - يني شفق
تتصاعد الموجات العنصرية بشكل متسارع في العالم، وخاصة في أوروبا. العنصريون في فرنسا يقتربون من الوصول إلى السلطة، كما يتم دفع العنصريين في ألمانيا ليكونوا الطرف المقابل للسلطة. أما في هولندا فقد استلموا زمام الحكم. لا يكاد يوجد بلد في أوروبا لا يعاني من العنصرية ومعاداة الأجانب والإسلاموفوبيا.
بدأت موجات العنصرية تتصاعد في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث بدأت تأخذ أوروبا كرهينة بسبب تنازلات أحزاب الوسط التي باتت تتصرف مثل الأحزاب العنصرية لمنع انتقال الأصوات إلى الأخيرة.
تركيا هي دولة ذات بقايا إمبراطورية. عاشت اختلافات عديدة في هذه الجغرافيا لعدة قرون وما زالت تعيشها. لقت القومية، التي ظهرت في أوروبا أواخر القرن السابع عشر، استجابة في فترة تراجع الدولة العثمانية وأدت إلى ظهور العديد من الدول القومية.
لقد استمرت ثقافة العيش المشترك في الجمهورية التركية على الرغم من كل المعاناة التي حصلت في ظل الحرب العالمية الأولى. في مواجهة كل الاستفزازات والتحريض، لم يكن من الممكن خلق موجة عنصرية في هذه الأراضي. كانت تحصل أحداث مزعجة من وقت لآخر، وجُربت العرقية من خلال الإرهاب لكن الجدالات بقيت داخلية.
انطلاقا من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، تتمتع تركيا بتأثير واسع النطاق
تركيا جارة لعدة دول غير مستقرة عاشت حروب لسنوات عديدة ولا تمتلك سلطة دولة مركزية. سألخص بعض الأحداث التي وقعت وكان لها تأثيرها: المعارك التي نشبت على الحدود السورية، مجزرة حماة في سوريا، الحرب الإيرانية العراقية، مجزرة حلبجة، تعرض الأتراك في بلغاريا لسوء المعاملة، تفكك الاتحاد السوفيتي، حرب الخليج الأولى، حرب الخليج الثانية، الحرب الأهلية السورية المستمرة ...الخ كما أثرت الأحداث التي وقعت في الجغرافيا القريبة في دول مثل أفغانستان والسودان وليبيا والبوسنة والهرسك على بلدنا بشكل كبير.
ليست هناك حاجة لشرح نوع الجغرافيا الاستراتيجية التي نقع فيها، يكفي وضع خريطة العالم أمامنا والنظر إلى موقع تركيا. فتركيا ليست فقط جسرا يربط بين آسيا وأوروبا، بل لديها مجال نفوذ واسع جدا يمتد من القوقاز إلى الشرق الأوسط، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى البلقان، ومن إفريقيا إلى أوروبا.
نريد أن تمر طرق التجارة وخطوط الطاقة عبر تركيا، ونريد أن نكون البلد الأكثر أهمية في العالم في مجال الثقافة والسياحة، لكننا لا نريد لاجئين. نقول إنه بدون تركيا، لا يمكن لخطوط الطاقة، بما في ذلك غاز البحر الأبيض المتوسط، أن تمر إلى أوروبا، لكننا نقول بنفس الوقت إن اللاجئين يجب ألا يمروا عبر تركيا. ونظرًا لموقعها الاستراتيجي، يجب على تركيا إدارة جميع المزايا والعيوب معًا.
موجات الهجرة هي الأحداث التي تنطوي على تغييرات كبيرة. هناك حقيقة تسمى هجرة الشعوب في تاريخ العالم. لقد غيّرت موجات الهجرة التي يشهدها العالم لأسباب مختلفة، مصير الأمم والبلدان والإمبراطوريات والقارات. ولم يكن من الممكن منع الهجرة على مر التاريخ. الشيء الرئيسي الذي يجب فعله هو إدارة هذه الهجرة. فالبلدان التي تدير الهجرة بشكل جيد ستعزز مكانتها في المستقبل كما كانت في الماضي.
نظرا لموقعها الجغرافي ونتيجة للأحداث التي تدور حول العالم، تواجه تركيا تهديدا أكبر للهجرة مقارنة بالسنوات السابقة. وتستضيف تركيا اليوم مئات الآلاف من اللاجئين بعد نشوب الحرب الأهلية السورية. وهناك لاجئون أيضا من أفغانستان وباكستان والعراق وأفريقيا والجمهوريات التركية.
نحن نواجه مرشح لورانس
تدير تركيا هذا الملف منذ 10 سنوات بطريقة تعد مثالا يحتذى به للعالم على الصعيدين الإنساني والإداري. وقد حققت نجاحا كبيرا في مسألة مكافحة الهجرة غير الشرعية وإعادة اللاجئين إلى أوطانهم بعد تأمين مناطقهم وضمان أمن الحدود.
على الرغم من كل هذه الأعمال، تحاول بعض الهياكل الفاشية العنصرية في تركيا استفزاز المجتمع بتحريضاتها عبر إثارة كراهية الأجانب والإسلاموفوبيا كما تفعل اوروبا تماما. وللأسف استفزازات هؤلاء العنصريين قد أثرت، مما أدى إلى حدوث ممارسات مزعجة حول العملية المتعلقة بالمهاجرين غير الشرعيين.
يجب أن نعلم أن هذه الهياكل ذات المظهر العنصري تشارك في نشاط استفزازي عميل يتجاوز العنصرية. الأشياء التي تزعجهم هي سياسات تركيا الصحيحة. المنزعجون من إدارة تركيا الجيدة لسياسة الهجرة وما يترتب على ذلك من تعزيز لقوتها العالمية قد وضعوا هذه الهياكل ذات المظهر العنصري في الميدان. نحن نتعامل مع فتنة "لورانس" التي كانت تبدو وكأنها "عنصرية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس