ترك برس
وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، إلى العاصمة الألمانية برلين في زيارة عمل تستمر ليوم واحد، وهي الزيارة الأولى إلى البلد الأوروبي منذ سنوات.
زيارة أردوغان هي الأولى له منذ عام 2020، بالرغم من الدعوات الألمانية العديدة لإلغائها، وتؤكدها أجواء متوترة بشكل واضح حيث تتخذ أنقرة وبرلين مواقف متعارضة بشكل صارخ حول العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة المحاصر. كما يتناول مستقبل العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ومسألة الهجرة غير الشرعية والتعاون في حلف شمال الأطلسي، بحسب تقرير لـ "ديلي صباح".
الرئيس التركي يصطحب معه وجهة نظر مناهضة بشدة لإسرائيل إلى برلين، حيث سيناقش مسائل حساسة، وخاصة الحرب على غزة، مع نظيره الألماني شولتس، حاملاً معه ما وصفه بـ "رسالة إلى الغرب" في مرحلة حرجة في الجولة الأخيرة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويقوم أردوغان بالرحلة على أمل التعرف على "الموقف الدقيق" في برلين، الذي قال إنه "غير مؤكد" حتى الآن، فيما يتعلق بـ "المذابح" الإسرائيلية.
وتشهد العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي توازنًا هشًا مع تزايد الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار في الهجمات الإسرائيلية الوحشية على غزة بعد التوغل غير المسبوق الذي قامت به حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وخلف أكثر من 1200 قتيل وجرحى إسرائيليين وأسر نحو 240 آخرين.
بعدها تقوم إسرائيل بقصف المدينة الفلسطينية المكتظة بالسكان بلا هوادة وأرسلت قواتها، مما أثار أزمة إنسانية متصاعدة.
وفي خطاب عام ساخن يوم الأربعاء، أعلن أردوغان أن إسرائيل "دولة إرهابية" بسبب قصفها العشوائي الذي أدى إلى مقتل أكثر من 11 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال، في الأسابيع الخمسة الماضية.
كما وصف حماس بأنها "منظمة تحرير" مما أثار استياء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين يصنفانها منظمة إرهابية.
وفي تقريره السنوي حول التقدم الذي أحرزته الدول المرشحة ونشر هذا الأسبوع، قال الاتحاد الأوروبي إن "خطاب تركيا الداعم لجماعة حماس الإرهابية في أعقاب هجماتها ضد إسرائيل... يتعارض تمامًا مع نهج الاتحاد الأوروبي".
وقال أردوغان "الاتحاد الأوروبي يفكر تماما مثل إسرائيل فيما يتعلق بحماس. لكننا لا نفكر مثلهم".
وفي إشارة إلى "المعارضة المستمرة لوجهة نظر تركيا حول كل قضية أخرى" من الكتلة، قال إن تركيا "لن تقع أبدًا في فخ وصف حماس بأنها منظمة إرهابية".
وأضاف: "أنا أرى حماس حزبا سياسيا فاز في الانتخابات في فلسطين. ولا أنظر إليها بنفس الطريقة التي ينظرون بها".
واتهم الكتلة الغربية بتمكين إسرائيل عسكريًا وسياسيًا في جرائم الحرب التي ترتكبها، وندد بالميل الأوروبي إلى "عدم الاهتمام بمن يدوس القانون الدولي بالكامل"، وأعلن أن تركيا سترفع القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأكد أن رحلته إلى برلين "ستوضح أشياء كثيرة".
وأضاف: "ستكون لدينا رسائل معينة للغرب، سوف يتردد صداها في بقية أنحاء أوروبا لأن ألمانيا هي أقوى دولة في القارة".
لكن الموقف الألماني من حماس وإسرائيل "صلب للغاية"، كما يحتمل أن يقول المستشار الألماني أولاف شولتز لأردوغان خلال اجتماعهما.
ويعارض شولتس وقف إطلاق النار "الفوري" في غزة على أساس ما قال إنه سيمكن حماس من "استعادة الصواريخ الجديدة والحصول عليها".
المواقف المختلفة تجعل التبادل أكثر أهمية إذ تتمتع تركيا بعلاقات محورية مع أوكرانيا وروسيا وإيران باعتبارها محاورًا جيوسياسيًا وعضوًا في أقصى شرق الناتو.
كما أنه يسلط الضوء على نفوذ أوروبا المتضائل مقارنة بنفوذ تركيا المتزايد في النظام المتعدد الأقطاب الناشئ في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
الانضمام للاتحاد ومسألة المهاجرين
لكن غضب الاتحاد الأوروبي إزاء موقف أنقرة المناهض لإسرائيل يلقي بثقله على ترشيح تركيا لعضويته في نهاية المطاف. وتعارض العديد من الدول الأعضاء صراحة بالفعل انضمام تركيا، الذي تم تجميده بشكل أساسي منذ عام 2005.
والصراع في غزة ليس النقطة الشائكة الوحيدة بالنسبة للأطراف المتوترة.
تعتبر تركيا عاملاً مهمًا في مجموعة كاملة من القضايا، وفقًا للمتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت.
وكان الهدف هو إحراز تقدم في هذه القضايا. وفي ظل الظروف الحالية ستكون الزيارة "صعبة".
أنقرة وبرلين شريكان مهمان في السياسة والأعمال. ويعيش في ألمانيا حوالي 3 ملايين تركي، أكثر من أي مكان آخر خارج تركيا. ويتمتع أردوغان بدعم واسع النطاق من الألمان الأتراك.
ومن الممكن أن تؤدي النتيجة السيئة للزيارة، فضلاً عن اختلاف وجهات النظر حول قضايا أخرى، إلى زيادة تآكل الثقة وإبطال الجهود الأخيرة لإحياء العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي ومحاولة الانضمام، التي قال أردوغان إن تركيا قد تعيد النظر فيها بالكامل.
تعمقت طبيعة المعاملات بين تركيا والاتحاد الأوروبي بعد أن اتفق الجانبان على اتفاق في عام 2016 قدم بموجبه الاتحاد الأوروبي مليارات اليورو لأنقرة لمنع المهاجرين من القدوم إلى أوروبا في ذروة أزمة اللاجئين عام 2015.
وأكد شولتز مجددا على ضرورة "إحياء ومواصلة وتطوير" الاتفاق بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في برلين يوم الثلاثاء.
وقال المستشار إنه يدرك أن تركيا استقبلت عدداً كبيراً من اللاجئين وتحتاج إلى الدعم. لكنه قال إن التعاون على الحدود البحرية والبرية لليونان وتركيا يحتاج إلى أن يكون أكثر فعالية.
ويخشى الاتحاد الأوروبي أيضًا من تدفق جديد للاجئين الفلسطينيين بعد أن أدت الضربات الإسرائيلية إلى تحويل العشرات من أحياء غزة إلى أنقاض وتشريد ما يقرب من 1.6 مليون شخص داخليًا -حوالي ثلثي سكان غزة- منذ 7 أكتوبر.
وبعد الانتخابات التركية في مايو، أحيا زعماء الاتحاد الأوروبي الآمال في حدوث تحسن، ومن المقرر صدور تقرير حول التطورات المحتملة في ديسمبر، لكن الخبراء ومسؤولي الاتحاد الأوروبي يحذرون من توقع أي تحسن حقيقي.
عاصفة الدبلوماسية
منذ بدء الحملة الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر، تحدث أردوغان مع 27 من قادة العالم، بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيسين الفلسطيني والإسرائيلي محمود عباس وإسحاق هرتسوغ، بالإضافة إلى رؤساء وزراء ورؤساء دول أخرى في المنطقة.
وشدد أردوغان في هذه الاتصالات على ضرورة أن ترفع جميع الدول أصواتها من أجل وقف فوري لإطلاق النار في غزة، مشددا على أن الصراع الحالي أصبح يشكل تهديدا للسلام العالمي.
ومن المتوقع أيضًا أن يزور الرئيس التركي الجزائر يوم 21 نوفمبر للتحدث مع نظيره عبد المجيد تبون حول أزمة غزة.
ومن المقرر أيضًا أن يزور الإيراني إبراهيم رئيسي تركيا في 28 تشرين الثاني/نوفمبر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!