ترك برس
زادت التطورات الأخيرة في قطاع غزة من دفء العلاقات التركية المصرية التي بدأت تشهد تطبيعاً سياسياً رويداً رويداً خلال الفترة الأخيرة، حيث وصل الأمر إلى إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتزامه زيارة القاهرة لبحث ملف غزة، وهو ما يعتبر خطوة هي الأولى من نوعها إن تحققت، منذ أكثر من 11 عاماً.
وفي تصريحات صحفية أدلى بها قبل أسابيع، أشار الرئيس التركي إلى عزمه على نقل المزيد من المرضى من غزة إلى تركيا، مضيفا أنه قد يزور مصر قريبا لمناقشة تسريع إجلائهم.
وأجرى الرئيسان أكثر من اتصال هاتفي منذ تصاعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبحثا التطورات الأخيرة في القطاع، وانتهاكات "إسرائيل" بحق المدنيين هناك، وشددا على رفضهما إجبار سكان القطاع على التهجير.
في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، التقى السيسي مع أردوغان على هامش القمة العربية الإسلامية غير العادية في الرياض بالسعودية لبحث وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي 2023، التقى الرئيسان على هامش قمة مجموعة العشرين التي احتضنتها العاصمة الهندية نيودلهي، وبحثا العلاقات الثنائية والتعاون في مجال الطاقة بين البلدين، فضلا عن القضايا الإقليمية والعالمية.
وأشار أردوغان إلى أن العلاقات التركية-المصرية دخلت مرحلة جديدة عقب تبادل السفراء بين البلدين، وفق ما أفادت به وكالة الأناضول، معربا عن إيمانه بأن العلاقات الثنائية ستصل إلى المستوى المنشود في أقرب وقت.
وفي هذا الإطار، نقل موقع "عربي 21" عن السياسي المصري، خالد الشريف، اعتقاده بأن "ملف غزة زاد من متانة العلاقات بين مصر وتركيا منذ الحرب على قطاع غزة خاصة أنهما تقفان في مربع واحد وهو إنهاء الحرب ورفض العدوان على قطاع غزة ورفض تهجير الفلسطينيين من غزة وضرورة إدخال المساعدات، ومع تقريب المسافات تم العمل المشترك بين الطرفين في إخراج المرضى وإقامة مستشفيات ميدانية للعلاج والسماح بنقل المرضى والجرحى إلى المستشفيات التركية".
وأضاف: "إن المراقب للأوضاع الإقليمية والدولية يتأكد أن مصر وتركيا تحملان رؤية واحدة في التعامل مع ملف الحرب والهدنة والإفراج عن الرهائن والأسرى، هذا بالاضافة إلى أن بينهما تعاونا متصاعدا خلال الأشهر الماضية في العديد من المجالات الاقتصادية والاستثمارية والصناعية وهو التعاون المبني على الثقة المتبادلة بين الطرفين".
ملف غزة باب التقارب بين مصر وتركيا
ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي التركي، جاهد طوز، إن "ملف غزة حاليا هو ملف عالمي، لكن بالنسبة للعالم الإسلامي فإن له الأولية، وبالنسبة إلى تركيا هو موضوع مهم للغاية وقد ذكر وزير خارجية تركيا أنه إما أن يكون هناك سلام كبير أو حرب كبيرة، ويحظى الملف باهتمام لدى صناع القرار التركي".
وأضاف: "مصر هي الممر الوحيد لقطاع غزة عبر معبر رفح، ومنذ بداية الحرب والاتصالات بين مصر وتركيا مستمرة، كما أنه التقى أردوغان بالسيسي على هامش قمة التعاون الإسلامي في الرياض وتشاورا في هذا الملف وملفات أخرى تتعلق بالتعاون بين البلدين.
ويعتقد طوز أن "بإمكاننا أن نقول إن ملف غزة هو باب لتقارب تركيا ومصر، وأتوقع أنه سوف تكون هناك خطوات أخرى في تطبيع العلاقات الثنائية وسيكون لها أثر إيجابي، لذلك فدور البلدين ونفوذهما على الصعيد الإقليمي مهم للغاية، وبالتالي فإن تعاونهما مهم أيضا على المستوى الثنائي والإقليمي".
ورأى المحلل السياسي التركي أن "تركيا ومصر تضغطان على الاحتلال الإسرائيلي لوقف إطلاق النار وستكون هناك مشاورات في الملف الفلسطيني وليس غزة فقط، حتى إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وهو ما أكدت ضرورته الحرب الحالية لجميع داعمي إسرائيل"، مشيرا إلى أن "ملف غزة سيفتح الأبواب لتطوير العلاقات المصرية والتركية وهما مكملان لبعضهما البعض وهناك لقاء وشيك بين الرئيسين في القاهرة".
الجميع رابح
وبدأت مصر وتركيا لقاءات سياسية على مستوى كبار المسؤولين العام الماضي، وقد أفضت تلك المشاورات إلى إعلان أنقرة والقاهرة في 4 تموز/ يوليو الماضي عن تبادل السفراء بينهما، في خطوة أنهت سنوات من القطيعة الدبلوماسية استمرت نحو عقد من الزمن.
وتوقع مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية بإسطنبول، الدكتور ممدوح المنير، أن "التعاون في ملف غزة بين البلدين سيفيد في تحسين العلاقات وترميمها، خاصة أن تركيا تبحث عن موطئ قدم لها في الملف الفلسطيني وأن تلعب دورا أكبر مستقبلا، وهذا لن يكون بدون تحسين العلاقات مع مصر الجسر الطبيعي والوحيد إلى غزة".
وأوضح أن "أردوغان يسعى إلى تصفير مشكلاته الخارجية كمحاولة لتقوية وضعه الداخلي خصوصا مع اقتراب الانتخابات البلدية التي يعتمد عليها في تحسين جبهته الداخلية بعد انتخابات رئاسية عاصفة".
وبحسب المنير فإن "زيارة أردوغان إلى مصر مكسب سياسي كبير لنظام السيسي، كما أن هناك مصالح أخرى متشابكة كشرق المتوسط وليبيا والسودان، ولكن تظل حاليا الحرب في غزة هي القاطرة المحركة لباقي الملفات الأخرى".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!