أ.د أحمد أويصال - الشروق
قام الرئيس أردوغان بزيارة إلى الخليج في وقت حساس. وخلال زياراته إلى الإمارات العربية المتحدة وقطر ركز على قضية واحدة وهي قضية غزة. تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة القمة العالمية للعمل المناخي. ومن ناحية أخرى، قام بزيارة إلى قطر التي تعد حليفاً لتركيا ودوراً نشطاً في الوساطة في الأزمة الفلسطينية. خلال زيارته لقطر، حضر القمة الخليجية كضيف شرف. سنوضح في هذا المقال الوضع الحالي للعلاقات التركية القطرية ووضع العلاقات بعد هذه الزيارات.
حضر الرئيس أردوغان قمة المناخ العالمية التي عقدت في دبي حيث قام بزيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة برفقة وفد رسمي كبير وتطرق إلى العلاقات الثنائية والقضايا البيئية. وفي مؤتمر القمة، تم شرح وجهة نظر تركيا بشأن القضايا البيئية. ودعا الجميع إلى التعاون وإيلاء المزيد من الاهتمام لهذه القضية في مكافحة الآثار المدمرة لتغير المناخ. خلال القمة، تمت مناقشة مشروع «صفر نفايات» الذي بدأته السيدة الأولى أمينة أردوغان. تدعو تركيا إلى فهم يوازن بين الوعي البيئي واحتياجات التنمية. وبطبيعة الحال، كانت قضية غزة بنداً هاماً بين المواضيع التي تمت مناقشتها أثناء الزيارة.
وصل الرئيس أردوغان إلى الدوحة مع وفد كبير في المحطة الثانية من زيارته للخليج. وحضر اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا بين تركيا وقطر وقمة منظمة التعاون الخليجي. تعد قطر أقرب حليف لتركيا في المنطقة. في ثورات الربيع العربي، أعطى البلدان الأولوية لمطالب الشعب. وكما تعرضت تركيا لمحاولة انقلاب في عام 2016، اهتزت قطر أيضا بسبب الازمة الخليجية عام 2017. ولعبت تركيا دورا مهما في دعم موقف قطر من خلال تقديم الدعم العسكري واللوجستي والدبلوماسي بعزم كبير.
صنعت قطر السلام وانتهت الازمة الخليجية ودعمت تركيا هذا القرار. كما أرادت قطر زيادة علاقات تركيا مع مصر ودول أخرى في المنطقة. ومع تأكيد كلا البلدين على أهمية التعاون الإقليمي، يتوقع كلاهما منع الصراعات الطائفية والعرقية في المنطقة، والحفاظ على علاقات جيدة حتى مع إيران، وبطبيعة الحال، يتوقعون من إيران أن تتصرف كجار طبيعي. وفي هذا السياق، رحب البلدان بتطبيع السعودية وإيران. تدعم تركيا وقطر المطالب العادلة للشعب السوري من خلال عدم التطبيع مع نظام الأسد، الذي قتل أكثر من مليون سوري. يريد البلدان أن يصل لحل لسوريا وفقا لمطالب السوريين (بما يتماشى مع اتفاقية جنيف). لدى البلدان إرادة واضحة لحل الأزمات الإقليمية ومنع التوترات قبل أن تصل إلى حالة من الأزمة والصراع. ويمكن عمل الكثير في مجال السلام والوساطة من أفريقيا إلى آسيا والعالم العربي. إن اتخاذ التدابير اللازمة لمنع اندلاع أزمات جديدة في هذه الفترة الفوضوية سيخدم استقرار المنطقة وأمنها.
أحد أهم الإنجازات الدولية لدولة قطر هو التحقيق الناجح لكأس العالم. كما شاركت الشركات التركية بقوة في عملية التحضير لكأس العالم. شاركت الشركات التركية في بناء العديد من البنى التحتية والملاعب. كما شارك 3000 ضابط شرطة تركي في ضمان أمن المسابقات الرياضية. شاركت تركيا في افتتاح الكأس على أعلى مستوى بحضور من الرئيس أردوغان كما قدمت أيضا الدعم المعنوي. وفي حين لعبت كأس العالم أيضا دور الدبلوماسية العامة لقطر والعالم العربي، إلا أن حقيقة أنها توسطت في الاجتماع بين أردوغان والرئيس المصري السيسي كانت أيضا تطورا دبلوماسيا مهما.في الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وشمال سوريا، قدمت قطر مساعدات كبيرة. وساهمت الحكومة والجمهور على حد سواء في جمع المعونة لضحايا الزلزال. وأرسلت قطر مستشفيات ميدانية إلى تركيا، وآلاف الخيام وبيوت والحاويات السكنية، والمواد الغذائية والإمدادات الصحية بكميات كبيرة. كما قدمت قطر طائرات عسكرية وطائرات شحن للمساعدة في وصول المساعدات من جميع أنحاء العالم إلى تركيا وسوريا. وخلال الزيارة، تم توقيع 12 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم حول مواضيع الاقتصاد والصحة والتكنولوجيا والثقافة والسياحة والأمن والصناعة. تركيا وقطر هما البلدان اللذان يقودان الطريق في حل مشكلة غزة، ويبذلان جهودا كبيرة لدعم الشعب الفلسطيني على الصعيدين الثنائي والدولي. كما تدعم تركيا وساطة قطر في قضية غزة. كما حضر الرئيس أردوغان مؤتمر القمة الذي عقد في الدوحة في وقت بدأت فيه الهجمات الإسرائيلية على غزة. وكان الموضوع الرئيسي للقمة بطبيعة الحال هو أزمة غزة، كما نوقش التعاون التركي الخليجي. وقال أردوغان إن حجم التجارة بين تركيا ودول الخليج وصل إلى 23 مليار دولار، ودعا إلى التجارة الحرة بين البلدين. كما أشار إلى ضرورة زيادة التعاون العسكري والأمني.
وتبين الاتفاقات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين أن هناك إمكانية لمزيد من تطوير العلاقات. على سبيل المثال، بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر في عام 2022 2.3 مليار ويعد هذا الرقم ليس كافياً مقارنة بمستوى التحالف. هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، بما في ذلك زيادة التعاون في المجالات التعليمية والثقافية واستكمال مشروع الجامعة القطرية التركية غير المكتمل. يجب أن تتحول الثقة والمحبة القائمة بين شعبي وحكومتي البلدين إلى مزيد من التكامل بين قطر وتركيا في المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية. ونأمل أن تعزز الزيارة الأخيرة هذا التكامل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس