ترك برس
رأى الكاتب والمحلل السياسي التركي عبدالله مراد أوغلو، أن استمرار الرئيس الأمريكي جو بايدن في دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالرغم من وضعه السياسي الصعب، يعتبر أمرًا مثيرًا للدهشة.
وقال مراد أوغلو في مقال تحليلي نشرته صحيفة يني شفق، إن سياسة جو بايدن الداعمة لحكومة نتنياهو التي ارتكبت جرائم إبادة جماعية في حق الفلسطينيين علناً، تثير تساؤلات بشأن إمكانية فوزه في انتخابات 2024.
فبحسب استطلاعات الرأي التي أجريت في الولايات المتحدة، تراجعت نسبة الموافقة على سياسة بايدن في غزة بين الناخبين من جميع الأطياف السياسية، بما في ذلك الديمقراطيون والجمهوريون والمستقلون.
كما أن الغالبية العظمى من الناخبين الشباب الذين يصوتون للديمقراطيين يعارضون دعم بايدن غير المشروط لإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك يرى كثير من الناخبين أن سياسة بايدن لا تساهم في تحقيق حل سلمي للصراع، بل تزيد من تعقيده.
وأكد مراد أوغلو أن المعارضة لسياسة بايدن الداعمة لإسرائيل لا تقتصر على استطلاعات الرأي فحسب، بل تمتد إلى الكونغرس الأمريكي؛ فقد أعرب عدد من الديمقراطيين عن رفضهم دعم بايدن لإسرائيل، ومع ذلك يصر بايدن على دعم إسرائيل غير المشروط، مما يثير حيرة المحللين السياسيين.
ويشير المحللون إلى أن الولايات المتحدة اعتادت تعديل سياساتها تجاه إسرائيل في الماضي عندما أصبحت هذه السياسات ضارة بالمصالح الأمريكية الداخلية.
ويستشهد المحللون على ذلك ببعض الأمثلة التاريخية، فعلى سبيل المثال أوقف الرئيس الأمريكي رونالد ريغان إرسال القنابل العنقودية إلى إسرائيل أثناء غزوها لبنان عام 1982، كما اتصل ريغان برئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن، وأبلغه بوقف قصف بيروت.
وأضاف مراد أوغلو: في البداية التزم الرئيس الأمريكي رونالد ريغان الصمت تجاه الهجمات الإسرائيلية في لبنان، إلا أن موقفه تغير بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي أن مجموعة كبيرة من الناخبين الأمريكيين يعارضون الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقًا للمحللين كان هذا التغيير في الموقف نتيجة مباشرة للضغوط السياسية التي مارسها الناخبون الأمريكيون على ريغان. وفي ضوء ذلك، فإن استمرار الرئيس الأمريكي جو بايدن في دعم نتنياهو، بالرغم من أن بايدن في وضع سياسي أكثر صعوبة من ريغان، يعتبر أمرًا مثيرًا للدهشة.
يربط الباحث الأمريكي "آلان ماكلود" الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل بوجود "اللوبي الإسرائيلي" الذي يمول الحملات الانتخابية للسياسيين الأمريكيين بسخاء. وفي مقال نشره في موقع "مينت برس نيوز" بعنوان "الدية: أكثر 10 سياسيين تلقوا أموالًا من اللوبي الإسرائيلي"، رصد ماكلود تمويل اللوبي الإسرائيلي للسياسيين الأمريكيين منذ أوائل التسعينيات.
وبحسب البحث، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن يحتل المرتبة الأولى في قائمة أكثر السياسيين الأمريكيين تلقيًا لتمويل من اللوبي الإسرائيلي، ويأتي في المرتبة الثانية السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز، الذي اضطر إلى التنحي مؤقتًا عن رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في سبتمبر الماضي بسبب اتهامات بالفساد. ويحتل المرتبتين الثالثة والرابعة السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل والديمقراطي تشاك شومر، زعيما الحزبين في مجلس الشيوخ الأمريكي. أما المرتبة الخامسة فهي من نصيب زعيم الأغلبية السابق في مجلس النواب الديمقراطي ستيني هوير.
ويرى الكاتب الأمريكي برانكو مارسيتيك، في مقال نشره في مجلة "جاكوبن" في 23 ديسمبر/كانون الأول أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يتمتع بالقوة السياسية اللازمة لممارسة الضغط على إسرائيل لوقف العدوان على غزة، لكنه لا يريد القيام بذلك.
ويصف مارسيتيك بايدن بأنه "صقر مؤيد لإسرائيل"، ويشير إلى أنه عندما كان نائبًا للرئيس، عمل على عرقلة جهود الرئيس باراك أوباما لممارسة الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويشير الكاتب الأمريكي برانكو مارسيتيك في كتابه "رجل الأمس: القضية ضد جو بايدن" الصادر عام 2020، إلى حادثة تتعلق ببايدن لا يعرف عنها الرأي العام الأمريكي الكثير. ففي عام 1982، عندما كان بايدن عضوًا مؤثرًا في مجلس الشيوخ، دعم غزو إسرائيل للبنان وهجماتها على المدنيين خلف الكواليس.
وفي إحدى اللقاءات التي جمعت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن والسيناتور الديمقراطي جو بايدن في واشنطن، قال بايدن لبيغن بشأن الاحتلال الإسرائيلي: "كان لا بد من القيام بذلك، لو هاجمت كندا الولايات المتحدة لرأيت جميع الأمريكيين يقولون: "هاجموا كل مدن كندا، لا يهمنا حتى وإن مات جميع المدنيين". كانت هذه الكلمات المتشددة لبايدن الذي كان يُنظر إليه على أنه "حمامة السلام"، بمثابة صدمة حتى لبيغن نفسه.
وفي تحليله لنهج الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه حكومة بنيامين نتنياهو، أشار الكاتب برانكو مارسيتيك إلى أن هذا النهج كان نتاجًا لآراء بايدن ومعتقداته الخاصة بشأن إسرائيل، وليس مجرد موقف تكتيكي يعتمد على الوضع السياسي الحالي، كما يؤكد أن موقف بايدن هو خروج عن المألوف حتى في المشهد السياسي الأمريكي المؤيد لإسرائيل.
ويخلص مارسيتيك إلى أن بايدن لا يساعد فقط في تسهيل جرائم الإبادة الجماعية التي تؤدي إلى تدمير سمعة الولايات المتحدة على الصعيد الدولي، بل قد يكون أيضًا يحفر قبره السياسي بيديه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!