أ.د أحمد أويصال - الشروق

المعرفة هي أساس كل شيء والإنسان عدو ما يجهله، إن العديد من المشكلات التي نواجهها اليوم تنبع من نقص المعرفة أو المعرفة المشوهة، في عصر المعلومات والعولمة، يبدو أن لدينا الكثير من المعلومات ولكن لا يتم استخدامها بشكل بناء، ولا تتحول إلى معرفة مفيدة، بالطبع، تزعم منصات التواصل الاجتماعي أنها ضد خطاب الكراهية وتحظرها قدر الإمكان، لكن المنشورات المعادية للمسلمين أو العرب أو الأتراك يتم منحها لمسة إضافية عمدًا بواسطة خوارزميات هذه المنصات، على العكس من ذلك، يتم حذف المنشورات ضد إسرائيل والصهيونية تلقائيًا أو تقليل عرضها وتفاعلها، النتيجة الطبيعية لهذا التطور هي صورة مشوهة للعالم الإسلامي والقضايا الإسلامية.

في نفس الوقت، لدينا فرص مجانية وغير مكلفة نسبيًا لنشر المعلومات والمعرفة عبر الإنترنت لرواة الحقيقة ولنشر المعلومات أو المعرفة الحقيقية، نحتاج إلى إنتاج معلوماتنا وتحليلاتنا ومعارفنا العلمية في العالمين العربي والتركي، على سبيل المثال، نحتاج إلى دراسة تاريخنا من مصادرنا الخاصة مثل الأرشيف العثماني أو المصري أو التونسي. وبالمثل، تغطي وسائل الإعلام الغربية الأحداث الجارية في العالم الإسلامي بشكل متحيز وتضخم التطورات السلبية وتقلل من شأن التطورات الإيجابية، ويهدف البعض إلى تشويه الواقع عمدًا بينما يحدث بعض التحيز عن غير قصد.

ولهذا الغرض، فإن الإنتاج المشترك للمعلومات والمعرفة الصحيحة في الدوائر الأكاديمية التركية والعربية أمر بالغ الأهمية، والخطوة الثانية هي مشاركة هذه المعلومات بين بعضنا البعض ومع العالم أوسع، ولكن هناك حاجزا لغويا بين الجانبين، وبسبب التوجه الغربي للكمالية، لا يتحدث الأكاديميون الأتراك اللغة العربية عمومًا، وينطبق وضع مماثل إلى حد ما على العلماء العرب الذين لا يتحدثون التركية، في الواقع، اعتاد العلماء العرب والأتراك على التفاهم بشكل جيد جدًا قبل حوالي 120 عامًا، حيث تم تدريس اللغة العربية على نطاق واسع في المدارس والجامعات العثمانية، وبالمثل، اعتاد العلماء العرب دراسة اللغة التركية العثمانية التي كانت قريبة جدًا من العربية أيضًا.

في عصر العولمة والذكاء الاصطناعي، لا يمكن لحاجز اللغة أن يعيق التواصل والتعاون بين العلماء العرب والأتراك لأنهم يستطيعون قراءة كتابات ومنشورات الآخرين بسهولة من خلال الترجمة الآلية، علاوة على ذلك، يتحدث الجانبان اللغة الإنجليزية بشكل عام ويقرؤون المنشورات الأكاديمية لبعضهما البعض، يلتقي العديد من هؤلاء العلماء في مؤتمرات دولية في الغرب، ولكن العادة القديمة المتمثلة في إعطاء الأولوية للغرب لا تزال تعرقل التفاعل النشط، نشهد تنظيم العديد من المؤتمرات الثنائية التي تسمى بعربية أمريكية، أو تركية أمريكية، أو ألمانية عربية، أو ألمانية تركية حول مواضيع مختلفة، ومع ذلك، نادرًا ما نجد مؤتمرًا يحمل اسم «عربي تركي أو تركي سعودي، الخ» في العديد من المجالات الممكنة.

إدراكًا للحاجة إلى المزيد من التعاون الأكاديمي بين الجانبين، بدأت شخصيًا في تنسيق العديد من المؤتمرات العربية التركية للعلوم الاجتماعية (ATCOSS) التي عقدتها جامعة القاهرة وجامعة عثمان غازي ومركز أبحاث تركي منذ عام 2010، بدأت في أنقرة وتكررت كل عام في مدن مختلفة، وهي القاهرة وإسطنبول وعمان ومراكش، لكنها توقفت بعد ذلك، لقد عُقدت مؤتمرات مشتركة أخرى ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل لنصل إلى المستوى الكافي، وأنا شخصيا أشجع هذا التعاون الأكاديمي في كل المجالات وأسعد عندما أرى بعض المنتديات أو اللقاءات الأخيرة بين الدول العربية والتركية في آسيا الوسطى مثل أذربيجان وأوزبكستان وتركمانستان.

هناك العديد من الجامعات الغربية الناجحة في الدول العربية وتركيا، ونحن بحاجة أيضا إلى جامعات تركية في الدول العربية وجامعات عربية في تركيا، أو على الأقل جامعات مشتركة مثل الجامعات والمؤسسات التركية العربية أو القطرية التركية أو الجزائرية التركية. ويمكن للجامعات أن تقدم شهادات مشتركة بينما يمكن للأقسام والمعاهد ومراكز البحوث أن تنظم معاً ندوات وتنشر الكتب والمجلات، ومن الطرق السهلة الإشراف المشترك على الأطروحات (الماجستير أو الدكتوراه) من قبل علماء أتراك وعرب. على سبيل المثال، يمكن للطالب التركي الذي يدرس الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع العربي أن يكون لديه مشرف من الجانبين، وبالمثل، يمكن لبرامج الدرجات المشتركة في التاريخ والعلاقات الدولية والإدارة والاقتصاد واللغات العربية والتركية أن تسمح لطلابها بالدراسة لمدة عامين في تركيا وسنتين في دولة عربية. ما زال الطريق طويلا، ويلزم أن نبدأ من خلال مذكرات التفاهم وتنسيق فعاليات صغيرة بخطوات صغيرة، حيث «إنما الأعمال بالنيات».

عن الكاتب

أ.د أحمد أويصال

مدير مركز أورسام لدراسات الشرق الأوسط وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس