ترك برس

أشار تقرير للكاتب والخبير التركي محمد عاكف صويصال، بصحيفة يني شفق، إلى أن نتائج ما يُعرف بـ "السياسة النقدية الصارمة" باتت محل نقاش يومي في تركيا، وأن هذه النقاشات تتمحور حول مسألة تراجع الإنتاج الصناعي كقضية رئيسية.

وقال صويصال إن قطاع الصناعة في تركيا يعاني من انكماش واضح بالفعل، فقد أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن شهر أغسطس تراجعًا في مؤشرات الإنتاج الصناعي؛ حيث انخفض مؤشر قطاع التعدين واستغلال المحاجر بنسبة 5.4% مقارنة بالشهر ذاته من العام السابق، وتراجع مؤشر قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 5.4%، بينما شهد قطاع إنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز والبخار وتكييف الهواء زيادة بنسبة 1.6%. وبهذا انخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 5.3% على أساس سنوي.

ولكن - يضيف الكاتب - من غير المنطقي أن نعتبر هذه الأرقام نتيجة مباشرة للسياسة النقدية الصارمة دون النظر في جوانب أخرى. إذ ينبغي أولًا التساؤل: هل كان هذا التراجع سيحدث لو لم ندخل في فترة التشديد النقدي؟

وبالنظر إلى الأنشطة الاقتصادية، نجد أن صادرات قطاع الصناعات التحويلية شكلت 94.6% من إجمالي الصادرات في أبريل 2024، بينما شكلت صادرات قطاع الزراعة والغابات وصيد الأسماك 3.3%، وصادرات قطاع التعدين واستغلال المحاجر1.7%. وتوضح هذه البيانات أن الصادرات تلعب دوراً حاسماً في نمو وتراجع الصناعة. يقول صويصال.

وتابع التقرير: 

بناءً على ذلك، ونظرًا لتأثير الصادرات البالغ، فما هي أسواق التصدير لدينا وما وضعها الحالي؟

وفقًا لبيانات نظام التجارة العام (GTS)، بلغت صادرات تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي في الفترة من يناير إلى سبتمبر من هذا العام 80.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 3.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبالتالي، شكلت صادراتنا إلى الاتحاد الأوروبي 41.7% من إجمالي صادراتنا خلال التسعة أشهر الأولى من العام.

ونتيجة لذلك، فإن التطورات الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي تؤثر بشكل مباشر على اقتصادنا، حيث يمثل الاتحاد الأوروبي تقريبًا نصف صادراتنا.

كيف هو الوضع الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي؟

تعتبر ألمانيا المحرك الأساسي للاتحاد الأوروبي، كما أنها السوق التصديري الأول لتركيا.

وتتوقع الحكومة الألمانية حدوث انكماش في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في عام 2024، بعد انكماش بنسبة 0.3% في عام 2023، مما يشير إلى دخول البلاد في أول ركود لها منذ بداية الألفية.

ويواجه الاقتصاد الألماني تحديات كبيرة مثل ارتفاع تكاليف الطاقة، وضعف الطلب الخارجي، وفقدان القدرة التنافسية في قطاع السيارات. ورغم ذلك، تتوقع الحكومة حدوث انتعاش في عام 2025 مع نمو للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.1%، مدفوعًا بانتعاش الاستهلاك الخاص، وزيادة الطلب على الصادرات الصناعية وعودة الاستثمارات.

وإذا ألقينا نظرة سريعة على الأوضاع العامة لدول الاتحاد الأوروبي فسنجد أن هناك ركودًا في السوق الرئيسية لصادرات تركيا.

وهذه الحالة تؤثر بشكل مباشر على طلب المستهلكين، مما يفسر أداء تركيا في مجال الصادرات، وبالتالي الصعوبات التي تواجه قطاع الصناعة التحويلية لدينا.

لذلك، فإن ربط التحديات والخسائر التي تعاني منها الصناعة التحويلية فقط بالسياسة النقدية يعد تصرفًا سطحيًا ومبالغًا فيه. فحتى لو لم تحدث تغييرات في السياسة النقدية، فإن المشاكل التي تواجهها أسواقنا التصديرية كانت كفيلة بالتسبب في حدوث خسائر.

إن من يبحث عن الحلول في الأماكن الخاطئة لن يتمكن من العثور على الحلول المناسبة. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!