الأناضول
لا يزور عيد الفطر مدينة صيدا الساحلية جنوبي لبنان إلا حاملا معه "الملبن"، وهو حلوى العيد بالنسبة لأهالي المدينة الذين يبدوا أنهم توجوا "ملكا" على عرش هذه الصناعة هو محمود النقوزي(72 عاما) الذي يحمل سرّ صناعة "الملبن العثماني" التي ورثها عن جدته التي تعلمتها بدورها في مدينة إسطنبول التركية حين كانت تبحث عن زوجها الذي ذهب للقتال مع الجيوش العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى ولم يعد.
وقال محمود، من مواليد مدينة صيدا عام 1943 من أبوين لبنانيين، إن "الطلب على الملبن يزيد في موسم الأعياد لكن تحديدا في العيد الصغير"، في اشارة الى عيد الفطر كما يطلق عليه بعض اللبنانيين وفي دول عربية أخرى.
وشرح عن توارثه صناعة "الملبن العثماني"، فقال إن "جدي كان يقاتل مع الجيش العثماني، وحين انقطعت أخباره ذهبت جدتي الى إسطنبول لتبحث عنه وخلال تواجدها في إسطنبول تعلمت مهنة صناعة الملبن العثماني قبل عودتها مجدداً إلى لبنان".
واضاف أن مهنته الأساسية لم تكن صناعة الملبن، لكن رغبته بإعادة إحياء هذه الصناعة دفعته الى سؤال أبيه عن سبب توقف العائلة بعد وفاة الجدة عن ممارسة مهنة إنتاج الملبن، فشرح له الجد، على حد قول محمود، أن ذلك يعود لأسباب منها أنها مهنة تتطلب عملا وجهدا، وعندها قرّر الحفيد إعادة إحياء المهنة في العائلة وباشر بتجارب لانتاج الملبن والعمل على تطويره حتى وصل إلى مرحلة الانتاج والبيع في الأسواق.
وقال محمود "أنا أحييت وأرجعت التراث العثماني إلى صيدا، فهذا الملبن هو من التراث العثماني التركي".
وحول طريقة صناعة الملبن أوضح "الملك" أن الأمر يحتاج إلى "البال الطويل"، حيث تبدأ بعملية "شك" الجوز بالخيط بواسطة الإبرة، أي إدخال حبات الجوز إلى الحبل الذي يتراوح طوله ما بين 125 سم إلى 200 سم وتبعد الحبة عن الأخرى حوالي 10 سم.
وأشار إلى أن مكونات "الملبن" تتألف أيضاً من سائل مطبوخ، رفض الإفصاح عن مكوناته التي تمزج في حلة من النحاس وتوقد تحتها النار.
ولفت إلى أنه "بعد عملية الشك" تتم الثانية بغط الحبل الواحد تلو الآخر بالسائل المطبوخ، وتبقى حبال الملبن ثلاثة أيام معلقة من أجل أن لا تصاب حبات الجوز بالعفن، ثم تُجمع وتغط ثانية وثالثةً ورابعةً كل يوم حتى ينضج ونقوم بتقطيعه وبيعه".
وشدد محمود مزهواً وهو محاط بحبال الملبن المحشوة بالجوز المغلف بطبقات من الخلطة "السرية"، "في البداية كنت جديدا في السوق فكان التجار يحاربونني أما الان فالجميع ينتظرون إنتاجي، حيث قالت لي إحدى الزبونات مرة، أنت ملك الملبن".
واستدرك قائلاً بفخر "بالفعل أنا ملك الملبن".
وقال الرجل السبعيني الذي تعاونه زوجته وابنته –من دون أن يعطيهما سر خلطته- في كل مراحل صناعة الملبن، التي تتم في منزله الذي حوّله إلى مصنعه الخاص، "بالنسبة للملبن فمصنعي هو منزلي ومن يعمل معي زوجتي وابنتي فقط".
وأوضح محمود "أسعى لتوريث مهنتي هذه.. طبعا سأعلم زوجتي وابنتي وابني لكن سأشترط عليهم التالي: لا تعطوا سر المهنة لأحد واحتفظوا به لأنفسكم".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!