محمد قدو الأفندي - خاص ترك برس

اعتلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عرش المغرب، في يوم 23 يوليوز 1999، على إثر وفاة والده المغفور له صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، وتلقى جلالته، في اليوم نفسه، البيعة بصفته ملكا للمملكة المغربية ، بقاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط.
وفي 30 يوليوز 1999، أصدر صاحب الجلالة الملك محمد السادس تعليماته السامية بأن يكون الاحتفال بعيد العرش يوم 30 يوليوز من كل سنة، ووجه إلى الأمة أول خطاب للعرش، تعهد فيه الملك بمواصلة عهد والده المغفور له الملك الحسن الثاني، وإعطاء الأولوية الخاصة لحل بعض المشاكل الاجتماعية.

يتضمن خطاب العرش الملكي السنوي والذي يلقية الملك المغربي بمناسبة عيد العرش الملكي شرحا وافيا لكل إنجازات الدولة في جميع القضايا الداخلية الاقتصادية والاجتماعية والصحية وكافة مناحي الحياة الأخرى ، كما يتضمن تسليط الضوء على السياسة الخارجية والموقف المغربي من مجمل القضايا الإقليمية والدولية .
وأهم مايتضمن خطاب العرش هو العلاقات الإقليمية وخصوصا علاقات المغرب مع الدول العربية  المجاورة للمغرب والذي  يقصده هي العلاقات مع الجزائر والتي مرت تلك العلاقات بسنين عجاف نظرا لموقف الجزائر المغاير لموقف الكثير من دول العالم وموقف المنظمات الدولية من قضية الصحراء المغربية ، والحل المغربي لهذه القضية والتي تضمنت أقامة حكم ذاتي لمنطقة الصحراء ووحدة الأراضي المغربية ، والجدير بالذكر ان الجمهورية التركية قد تبنت هذا الموقف مسبقا ومنذ فترة طويلة كما صرحت بذلك على لسان كل المسؤولين المخولين ، ولذا فان العلاقات التركية المغربية تسير بخطى ثابتة وهي في تطور مستمر وهناك دعوة رسمية صادرة من الملك الى الرئيس اردوغان لزيارة المغرب وفي احدى برقيات التهنئة التي بعثها جلالة الملك محمد السادس يصف تلك العلاقات  حيث قال  يطيب لي أن أنوه بالمستوى الرفيع لعلاقات الصداقة التي تربط المملكة المغربية وجمهورية تركيا، مؤكدا لفخامتكم حرصي على مواصلة عملنا المشترك من أجل تعزيز تعاوننا الثنائي البناء، بما يستجيب لتطلعات بلدينا وشعبينا الشقيقين .
ويضيف الملك المغربي - وبصفتي ملك المغرب، فإن موقفي واضح وثابت؛ وهو أن الشعب الجزائري شعب شقيق، تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين، والجغرافيا والمصير المشترك.
لذلك، حرصت دوما على مد اليد لأشقائنا في الجزائر، وعبرت عن استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول؛ حوار أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين.
وإن التزامنا الراسخ باليد الممدودة لأشقائنا في الجزائر، نابع من إيماننا بوحدة شعوبنا، وقدرتنا سويا، على تجاوز هذا الوضع المؤسف.
كما نؤكد تمسكنا بالاتحاد المغاربي، واثقين بأنه لن يكون بدون انخراط المغرب والجزائر، مع باقي الدول الشقيقة.
ومن جهة أخرى، فإننا نعتز بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية .
ولذا فأن  الاحتفال بعيد العرش المجيد مناسبة مهمة لتجديد روابط البيعة المتبادلة بين الشعب والملك ومشاعر المحبة والوفاء المتبادلة بين الملك وشعبة .
وهي فرصة و مناسبة للوقوف على أحوال الامة والمكاسب التي تحققت كما يتضمن شرح متطلبات الامة من مشاريع للتوجه الى المستقبل بكل ثقة وتفاؤل .
في خطابه جلالة الملك محمد السادس يؤكد و منذ اعتلائه العرش، على بناء مغرب متقدم، موحد ومتضامن، من خلال النهوض بالتنمية الاقتصادية والبشرية الشاملة، مع الحرص على تعزيز مكانته ضمن نادي الدول الصاعدة.
ويضيف فما حققته بلادنا لم يكن وليد الصدفة، وإنما هو نتيجة رؤية بعيدة المدى، وصواب الاختيارات التنموية الكبرى، والأمن والاستقرار السياسي والمؤسسي، الذي ينعم به المغرب.
ويشير الى استنادا على هذا الأساس المتين، حرصنا على تعزيز مقومات الصعود الاقتصادي والاجتماعي، طبقا للنموذج التنموي الجديد، وبناء اقتصاد تنافسي، أكثر تنوعا وانفتاحا؛ وذلك في إطار ماكرو - اقتصادي سليم ومستقر.
ورغم توالي سنوات الجفاف، وتفاقم الأزمات الدولية، حافظ الاقتصاد الوطني على نسبة نمو هامة ومنتظمة، خلال السنوات الأخيرة ..
كما يشهد المغرب نهضة صناعية غير مسبوقة، حيث ارتفعت الصادرات الصناعية، منذ 2014 إلى الآن، بأكثر من الضعف، لاسيما تلك المرتبطة بالمنتجات الصناعية  العالمية للمغرب.

ويؤكد العاهل المغربي انه لم يكن راضيا  مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية، إذا لم تساهم، بشكل ملموس، في تحسين ظروف عيش المواطنين، من كل الفئات الاجتماعية، وفي جميع المناطق والجهات.لذا، ما فتئنا نولي أهمية خاصة للنهوض بالتنمية البشرية، وتعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم المباشر للأسر التي تستحقه ..
وعلى سبيل المثال، فقد تم تسجيل تراجع كبير في مستوى الفقر متعدد الأبعاد، على الصعيد الوطني، من 11,9 في المائة سنة 2014، إلى 6,8 سنة 2024.

 وفي الشأن الداخلي وفيما يخص الانتخابات البرلمانية والتي تجرى بعد سنة تقريبا،  يؤكد جلالته  على ضرورة توفير المنظومة العامة، المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية.
وفي هذا الإطار، أعطينا توجيهاتنا السامية لوزير الداخلية، من أجل الإعداد الجيد، للانتخابات التشريعية المقبلة، وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين.
نغتنم مناسبة تخليد عيد العرش المجيد، لنوجه تحية إشادة وتقدير، لكل مكونات قواتنا المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والإدارة الترابية، والأمن الوطني، والقوات المساعدة والوقاية المدنية، على تفانيهم وتجندهم الدائم، تحت قيادتنا، للدفاع عن وحدة الوطن وأمنه واستقراره.

عن الكاتب

محمد قدو الأفندي

الباحث في العلاقات التركية المغربية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس