ترك برس

تناول الكاتب والمحلل التركي أوكاي ديبريم في مقال له زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع الأخيرة إلى موسكو، متسائلاً عن الجهة التي تصب الزيارة في مصلحتها أكثر، مشيراً إلى أن المبادرة جاءت من دمشق التي سعت لاستعادة دعم موسكو في مواجهة التصعيد الإسرائيلي.

وأوضح ديبريم أن ما لعب دوراً حاسماً في هذه الزيارة هو ديناميكية وزارة الخارجية الروسية، التي تتميز بمرونة أكبر مقارنةً بباقي مؤسسات الدولة الروسية البيروقراطية والبطيئة.

وأشار الكاتب إلى أن إسرائيل شنّت منذ تولي الشرع السلطة سلسلة من الغارات الجوية على منشآت وقواعد عسكرية داخل سوريا، وهو ما دفع الحكومة الجديدة إلى البحث عن قوة رادعة عبر تعزيز التعاون مع روسيا، الدولة الأكثر نفوذاً في إسرائيل بعد الولايات المتحدة.

وأكد ديبريم أن موسكو ما تزال تحافظ على تواصل استراتيجي مع إسرائيل، وأن كلاً من تل أبيب ودمشق تدركان أن أي تدخل إسرائيلي في سوريا لا يمكن أن يتم دون موافقة أو صمت روسي.

وأضاف أن الشرع، الذي لقي استقبالاً رفيع المستوى في موسكو بدعم كامل من وزارة الخارجية الروسية، يسعى إلى نقل بعض القواعد العسكرية الروسية جنوباً إذا لزم الأمر، في رسالة واضحة ضد إسرائيل، مشيراً إلى أن دمشق تتوقع من موسكو موقفاً علنياً ضد الاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان.

وختم ديبريم بالقول إن إسرائيل كانت تدرك أنها ستعود إلى الساحة السورية عاجلاً أم آجلاً، لكن التطورات الأخيرة في المنطقة سرّعت هذا المسار بشكل ملحوظ.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد اختتم، الأسبوع الفائت، زيارة رسمية إلى روسيا، هي الأولى له منذ سقوط نظام الأسد أواخر العام الفائت، حيث التقى مع نظيره فلاديمير بوتين في العاصمة موسكو التي هرب إليها رئيس النظام المخلوع بشار الأسد عقب سقوط نظامه.

وفي معرض تعليقه على هذه الزيارة، قال وزيرة الخارجية التركي، حقان فيدان، إن زيارة الشرع إلى روسيا خطوة إيجابية في مسار الحوار بين الأطراف السورية وروسيا، معتبرًا أن اللقاء يعكس نضجًا دبلوماسيًا والتزامًا بالمسؤولية في إدارة الملفات الإقليمية.

وأضاف فيدان خلال حديثه في مقابلة مع قناة تركية، إن الحوار بين الأطراف المختلفة دائمًا أمر محمود، مشيرًا إلى أن قدرة الشخصيات السياسية على الجلوس مع خصومها السابقين والتحدث بصراحة تُعد علامة على النضج السياسي.

وأشاد فيدان بقرار الشرع زيارة روسيا قائلًا، “أرفع القبعة لهذا المستوى من النضج، فهذا ما يميز رجال الدولة الحقيقيين. وأضاف: “نحن أيضًا مررنا بتجارب مشابهة، حيث تشاجرنا مع أشخاص ثم جلسنا وتحدثنا معهم، بل حتى أثناء الخلاف كنا نتواصل”.

وأوضح فيدان أن الرئيس الشرع كان في السابق جزءًا من المعسكر المقاتل لروسيا التي دعمت نظام الأسد المخلوع والميليشيات الإيرانية، لكنه تبنى موقفًا واقعيًا بعد ذلك، قائلًا “لنجلس ونتحدث”، وهو ما اعتبره فيدان تصرفًا مسؤولًا يدل على وعي دبلوماسي.

وأشار فيدان إلى أن هذه الخطوة تعبر عن إدراك الطرفين لأهمية الحوار، حتى في حال وجود اختلافات جوهرية، موضحًا، “هل سيتفقان في كل القضايا؟ بالتأكيد لا، لكن المهم هو أن يجلس الطرفان بنية التفاهم ويفتحا باب الحوار، وهذا بحد ذاته أمر ثمين”.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!