ترك برس
تقع مدينة "مانيسا (Manisa)" التركية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 341 ألف نسمة في قلب منطقة بحر (إيجة) غربي تركيا، واحتضنت كثير من الحضارات القديمة يمتد عمرها لأكثر من ثلاثة آلاف سنة من "الحثِيّة" و"الإغريقية" و"الرومانية البيزنطية" ودولة "السلاجقة". حملت في الماضي اسم "ماغنيسيا" قبل الفتح الإسلامي وتغير الاسم إلى "مانيسا" في عام 1313 بعدما خضعت لسلطان "ساروهان بيه" وأصبحت فيما بعد عاصمة لسلالة "ساروهان" الحاكمة.
ازدهرت "مانيسا" خلال حكم العثمانيين فاهتموا ببناء المساجد وخزانات المياه والجسور والمدارس إضافة إلى العديد من المرافق والمباني والقصور. في القرن السادس عشر أصبحت من أهم مدن السلطنة العثمانية من الناحية الاقتصادية والإدارية والاجتماعية كونها كانت مركزا لتدريب أبناء السلاطين وأولياء العهود على الحكم والإدارة، وتضم "مانيسا" متحفًا كان في الأصل مدرسة لتخريج الأئمة ليتحول بعد نشوء الجمهورية التركية إلى متحف يضم تحفا من العصور المتعاقبة التي مرت على المدينة، كما أن "مانيسا" كانت مهد الحركة الصوفية (المولوية) في القرن الخامس عشر على يد مؤسسها جلال الدين الرومي.
تتميز هذه المدينة باحتفالاتها التقليدية وكثرة الأساطير فيها، ومن أشهر هذه الاحتفالات هو احتفال "مسير" الذي يقام في شهر آذار/ مارس من كل عام كما هو معهود منذ القدم، ويجري فيه توزيع حلوى أو عجينة "مسير" التي يتم تحضيرها من خلطة العديد من التوابل، و التي يعتقد بأنها أشفت عائشة حافظة والدة السلطان سليمان القانوني. يتم توزع هذه الحلوى انطلاقا من مسجد السلطان الذي تم بناؤه في القرن السادس عشر، وعادة تحضر هذا المهرجان شخصيات اجتماعية وسياسية بارزة. ومن المناسبات العامة التي تقام في "مانيسا" أيضا هي ذكرى وفاة "طرزان مانيسا" في 31 أيار/ مايو من كل سنة، و"طرزان" هذا هو أحمد الدين الملقب "بطرزان"، كرس حياته للزراعة والعناية بالطبيعة، وتكريما له تم وضع أكثر من تمثال لهذا المزارع العتيد في مختلف أرجاء "مانيسا".
وهناك حديقة "مانيسا" الشهيرة، حيث يوجد نصب السلطان العثماني محمد الفاتح، ونصب عائشة حافظة والدة السلطان سليمان القانوني. وعلى بعد مسافة قريبة من "مانيسا" يقع جبل "سپيلوس الأسطوري"، الذي يمتاز بارتفاعه الشاهق البالغ 1.513 متر، ومن قمته تستطيع أن ترى بانوراما كاملة لمدينة "مانيسا" كلوحة فنية تأسرك بروعتها. منذ عام 1960 أنشأت البلدية على سفح هذا الجبل حديقة وطنية غنية بمختلف النباتات المتميزة أشهرها الأقحوان، بالإضافة إلى الحيوانات البرية النادرة، فهذه الحديقة ملاذا لعشاق الطبيعة، وهي تجذب الكثير من السياح والسكان المحليين على حد سواء ليمارسوا النشاطات المختلفة كالتخييم والمشي، والقفز بالمظلات والرياضة الجبلية الأخرى. والجدير بالذكر أن هذا الجبل يكتسي بالثلج خلال فصل الشتاء لذا يعتبر مكانا مفضلا لمحبي التزلج. كما تكمن أهمية "مانيسا" التاريخية في عدة أماكن أخرى مثل الصخرة الباكية والجسر الأحمر وبعض القبور والمعابد التاريخية القديمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!