جلال سلمي - خاص ترك برس
أفادت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، في تقرير إحصائي وتقييمي حول أوضاع اللاجئين السوريين، بأن "عدد اللاجئين السوريين في تركيا بلغ 1,8 مليون لاجئ رسمي بينما يتوقع بأن عدد اللاجئين السوريين الرسميين وغير الرسميين الموجودين في تركيا حوالي 2,5 مليون لاجئ".
إلى جانب الأزمة الإنسانية التي تعاني منها تركيا، يذكر الكثير من الباحثين أن تركيا أصبحت في دوامة نزاعات أمنية خطيرة جدًا برزت أولى مؤشرات خطرها في تفجيرات سوروج التي وقعت بتاريخ 20 تموز/ يوليو 2015 والتي أودت بحياة أكثر من ثلاثين شخص وأثبت مدى ركاكة الإجراءات التركية المتخذة في حماية الحدود التركية السورية التي يبلغ طولها 911 كم والتي تعد أطول حدود تركيا مع دولة أخرى مجاورة.
وكما يشهد التاريخ بأن العلاقات بين الجمهورية التركية والجمهورية العربية السورية على مدى التاريخ والأوقات كانت متوترة ومتدهورة وذلك لعدة أسباب تأتي على رأسها قضية لواء الإسكندرون وقضية النسب المائية لنهري دجلة والفرات ونهر العاصي وقضية دعم سوريا لحزب العمال الكردستاني "بي كي كي الإرهابي".
وحسب المقال السياسي "العلاقات التركية السورية" للباحث السياسي في مجال التطورات الجيوسياسية متين أسان؛ فإن "اختبار تركيا مع سوريا بدأ عام 1936 بعد طفو قضية لواء الإسكندرون على السطح بشكل مصيري استدعى كل من تركيا وفرنسا، المُحتلة لسوريا في تلك الفترة، التحرك الجاد لحل هذه القضية التي انتهت عام 1938 بانضمام لواء الإسكندرون إلى تركيا وتسميتها باسم مدينة "هاتي" وهنا بدأ العداء السياسي الأبدي بين تركيا وسوريا واستمرت سوريا إلى عام 2010 تعتبر تركيا دولة مُحتلة للواء الإسكندرون".
وتشيرالباحثة في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية "أورسام" توتشا طانري أوفار بأن "إلى أنه بعد قضية لواء الإسكندرون اختبار تركيا مع سوريا اشتد واحتدم بعد ظهور أزمتي الماء ودعم الإرهاب في الثمانينات، خاصة بعد قيام تركيا بمباشرة إنشاء سد الأناضول عام 1983 الأمر الذي جعل سوريا تشتكي من ذلك وترد عليه بدعمها لحزب العمال الكردستاني حديث الولادة في ذلك العهد والمُحتاج لداعم حقيقي حاضن".
وتضيف الباحثة أن "هذا الاختبار الصعب لدولتين جعلهما يصلان إلى نقطة الاحتراب المباشر المحتمل بتاريخ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 1998 حيث حشدت تركيا قواتها البرية والجوية بالقرب بالحدود التركية وأعلنت أنه لا بد من التدخل المباشر إذ لم تقم سوريا بطرد عبدالله أوجلان وإغلاق مخيمات التدريب التابعة له فيها ولتجنب هذه الحرب على الفور قامت سوريا بالاستجابة لتلك المطابق ووقعا الطرفان "اتفاقية أدانا" عام 1998 التي كان الهدف منها إعداد إطار جديد يبين ضرورة الطرفين لعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكليهما ويؤكد احترام كل واحد من الطرفين لأمن الآخر".
ويوضح إبراهيم بالجي الباحث في مركز "بول ستفتينج" بأن "اختبار تركيا مع سوريا هدأ بعض الشيء بعد اتفاقية أضنة عام 1998 واستمر هذه الهدوء المحسود إلى عام 2011 أي بعد انطلاق الثورة السورية التي على أثرها عاد اختبار تركيا مع سوريا إلى الاحتدام والاشتداد".
ويبين أسان، في المقال المذكور أعلاه، بأن "نحفات الربيع العربي التي هبت على سوريا أيضًا قالت للربيع السوري التركي "قف"، انتهى وقت المغازلة والمحبة وبدأ زمن العداء والحراب من جديد".
وحسب أسان فإن "اختبار تركيا الجديد مع سوريا بدأ بعد قيام تركيا بفتح الحدود على مصراعيها لاستقبال اللاجئين الذين أصبح عددهم الآن يفوق المليونين ونصف المليون وهذا اختبار إنساني واقتصادي وسياسي ستكون عواقبه وخيمة على تركيا في حال استمراره لفترات طويلة، ولا بد من إغفال دعم تركيا المباشر لبعض التحركات الثورية في سوريا مثل "أحرار الشام" و"جيش الإسلام"، الأمر الذي قد ينعكس سلبًا على الأمن التركي خاصة من قبل النظام السوري وإيران وبعض المنظمات الإرهابية المضادة لتلك الحركات مثل داعش وغيرها وعمليات الاغتيالات المتفرقة في مدينة هاتاي وأنطاكيا وتفجيرات سوروج الموجعة إلا مؤشرات بسيطة لنتائج اختبار تركيا الوخيم مع سوريا، كما يجب عدم إغفال اللعبة الساسية التي تقودها الولايات المتحدة لإقامة دولة كردية مستقلة في شمال سوريا، هذه الدولة سيكون لها العديد من النتائج السلبية على الأمن التركي الاستراتيجي وأكبر النتائج السلبية لتلك الدولة المُتوقعة هو تشجيع عصابات حزب العمال الكردستاني في تركيا إلى إعلان حرب الاستقلال والانفصال عن تركيا وبالتالي إشعال فتيل الحرب الداخلية في تركيا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!