جلال سلمي - خاص ترك برس
يشهد الكثير من المراقبين الدوليين بأن تركيا وشعبها هم الذين كانوا أكثر إكرامًا مقارنة بالشعوب الأخرى التي استقبلت اللاجئين بأقل بكثير من الرقم الذي استقبلته تركيا منذ انطلاق الثورة السورية في آذار/ مارس 2011 كانت تركيا أولى الداعمين لها سياسيًا وإنسانيًا حيث حاولت الالتقاء ببشار الأسد ودعته إلى تسليم السلطة دون الاستمرار في المجازر والحروب وتبعت سياسة الباب المفتوح للاجئين السوريين الفارين من ويلات مجازر النظام الظالم وبذلك حازت مرتبة رفيعة في الإنسانية التي لم تتبعها الكثير من الدول الأخرى المستقبلة للاجئين السوريين عن دون رغبة.
ليست حكومة تركيا فقط هي من استقبلت اللاجئين بل هناك الشعب أيضًا هو من استقبلهم وأجرهم البيوت وأعطاهم فرص العمل وقاسمهم لقمة العيش، وهناك الكثير من المنتقدين الذين يؤكدون بأن هناك ثلة من الشعب التركي منزعجة من اللاجئين السوريين وغاضبة على حكومتها بسبب استقبالهم المحفف لهم، هذا الأمر صحيح ولا يمكن نفيه ولكن هذا الثلة القليلة لا تعني شئ أمام أغلبية الشعب التركي الذي فتح بابه أمام اللاجئين السوريين دون أي سؤال أو مصلحة.
كما كان للأكاديميين والكتاب السياسيين نصيب كبير من التطرق إلى هذا الموضوع والحديث عنه في مقالاتهم السياسية التي لم تستطع أن تبقى سياسية بحتة بل احتوت على الإنسانية والعاطفة، ومن الأمثلة على هذه المقالات السياسية مقال الكاتبة السياسية عائشة كاراسو الذي نُشر في جريدة خبر ترك بتاريخ 06 أيلول/ سبتمبر 2015 بعنوان "قضية اللاجئين السوريين" وفي عنوان فرعي لذلك المقال تناولت الكاتبة الجانب الإنساني للموضوع تحت عنوان "التسول مكان اللاجئ السوري".
تشير الكاتبة هنا إلى أنها "لم تستطع تجنب الجانب الإنساني الضخم للقضية السورية والذي تمثل باللاجئين الذين أصبحوا منتشرين في العديد من الدول الأخرى"، وتوضح كاراسو أن "قضية اللجوء كانت من أكثر النتائج السياسية قساوة للثورة السورية "العادلة"".
وتؤكد كاراسو أن "قلبها يتقطع ويشعر بالألم عند رؤية أطفال سوريا اللاجئين الصغار يمسحون زجاج السيارات ويلتصقون به ويواجهون المخاطر من أجل الحصول على دريهمات قليلة يسدون بها جوعهم ويرمقون بها ظمأهم"، وهنا تطرح كاراسو تساؤل موجع للمشاعر وهو "ماذا لو كنت أنت مكان هذا اللاجئ السوري؟".
وتفيد كاراسو أيضًا أنها "في بعض الأحيان تبكي بجهاشة لعدم قدرتها على فعل أي شيء تجاه هذه المشكلة الإنسانية التي كشفت تقصير الأنظمة الغربية وحتى العربية تجاه دعم هذه القضية العادلة التي انطلق أصحابها مطالبين فقط بالحرية لا شئ أكثر من الحرية".
وتضيف كاراسو أن "العار الأوروبي انفضح وتبين بأنه ليس سياسيًّا فقط بل مجتمعيًا أيضًا" وذلك من خلال قيام الصحفية "الحقيرة"، على حد وصف الكاتبة، بعرقلة الرجل اللاجئ الباحث عن مأوى يحميه من وحوش الغابة في سوريا ولكن هذه الصحفية "الغبية"، حسب وصفها، أثبتت بأن "وحوش الغابة ليسوا حاملي السلاح وملقي القنابل على الأبرياء بل يمكن أن يكونوا صحافيين أيضًا في سابقة هي الأولى والفريدة من نوعها والتي لا يمكن رصدها إلا على الحدود الأوروبية".
وفي نهاية حديثها الإنساني المتعلق بقضية اللاجئين السوريين دعت كاراسو جميع المواطنين الأتراك إلى تقديم يد العون لهؤولاء المظلومين المضطهدين الذين سُلبوا الحياة والحرية والكرامة بمؤامرة دولية اشترك فيها جميع دول العالم المهتمة فقط بمصالحها لا شئ غير مصالحها للأسف".
ويعرب الخبير في مجال العلاقات الدولية مصطفى أقين، في مقاله "قضية تركيا الشديد "اللاجئين السوريين"، عن أسفه الشديد بعد سماع تصريحات بعض الساسة الأوروبيين بما يخص قضية اللاجئين، حيث وصف أقين هذه التصريحات بأنها متجردة من الإنسانية وتعبر عن عقلية متحجرة وغارقة في بحر المصالح القومية الواقعية الميكافيلية".
ويتسأل أقين مثل كاراسو "ماذا لو كان المجريون لاجئين سوريين وفروا إلى سوريا هل ستغلق سوريا التي استقبلت ألاف اللاجئين وأكرمتهم على مدى العصور أبوابها في وجوهم؟ ليضعوا أنفسهم مكان هؤولاء اللاجئين وليشعورا بما يعانوا به، أم هل نسى الأوروبيون كيف هربوا أفواجًا إلى المغرب وتونس وليبيا وبلاد الشام أفواجًا إبان الحرب العالمية الثانية هل كان من مانع لهم؟".
ويشكر أقين في مقاله الحكومة التركية وشعبها اللذين "قدما درسًا إنسانيًا نادرًا لجميع الدول العالم"، ويدعو أقين في نهاية مقاله جميع المواطنين الأتراك وغيرهم إلى وضع أنفسهم مكان هؤلاء اللاجئين وتقديم كل ما يستطعون تقديمه من أجل مد يد العون والمساعدة لهم إلى أن تنتصر ثورتهم العادلة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!